أخبار العالم

البسملة في النطق بالأحكام القضائية تخالف “الصيغة الدستورية”


صورة: و.م.ع

هسبريس – وائل بورشاشنالسبت 6 يوليوز 2024 – 23:00

يدعو النقيب عبد الرحيم الجامعي إلى إسقاط النطق بالأحكام القضائية باسم الله في المحاكم المغربية، قائلا إن “الأحكام والقرارات القضائية ليست آيات قرآنية تفتتح بالبسملة، ولا أبيات شعر، ولا أمْثَالا ولا حِكَما، ولا قصائد يختار محررها ما يناسب ذوقه أو ثقافته أو عقيدته”، مردفا: “مما لا خلاف حوله أن الصيغة الدستورية هي المرجعية الوحيدة التي تصدر بها القرارات والأحكام والأوامر من طرف الهيئات القضائية وقضاة التحقيق ومن سواهما، وهي ما نصت عليه المادة 124 منه التي تؤكد أنه ‘تصدر الأحكام وتنفذ باسم الملك وطبقا للقانون’”.

وفي مرافعة توصلت بنسخة منها جريدة هسبريس الإلكترونية قال النقيب الجامعي: “الأحكام والقرارات القضائية ‘علمانية’ لأنها محايدة لا ارتباط لها بأي إيديولوجية ولا بأي عقيدة ولا بأي زاوية، ولا تصدر لا عن مجلس إفتاء ولا مجلس إرشاد ولا مجلس شورى ولا مؤسسة للعلماء، ولا عن وزارة ولا وزير. وبالطبع ليس هذا التوضيح لا قدحا ولا تقليلا من مكانة المفتين والعلماء والمجتهدين ولا من غيرهم، بل هو أمر يمهد لمعرفة ما أتى به الدستور في مجال عمل السلطة القضائية الممثلة في قضاة الأحكام، الذين يشتغلون في حدود ما سمح لهم به الدستور والنظام الأساسي للقضاة ومدونة الأخلاقيات القضائية.”

وتابع النقيب ذاته: “هذه الصيغة الدستورية زادت من قوة المادتين 365 و370 من ق.م.ج، وعززتها قرارات عديدة لمحكمة النقض التي أبطلت ونقضت قرارات استئنافية صدرت فقط ‘باسم الملك’ من دون أن تكون مقرونة بكلمة ‘وطبقا للقانون’، وأكدت رسميا أن الصيغة المحددة بالدستور هي من النظام العام”.

ثم أردف المتحدث: “عقب ذلك توقف الجدل وعلقت كل التأويلات والاجتهادات والخلافات التي أثارتها الصيغة الدستورية الرسمية، فيما انزلق قرار فريد لمحكمة النقض في بداية سنة 2021 لما اعتبر أن صدور القرار باسم الملك فقط لا يؤثر على صحته ولا يفسدها؛ وهذا التوجه سرعان ما تراجعت عنه محكمة النقض نفسها وانتبهت إلى أن الدستور الجديد جاء بالكثير من المستجدات التي لا بد من فهمها واستيعابها، ولا يمكن إهمالها ولا تأويلها أو الخروج عن نسقها، على اعتبار أن مقتضيات الدستور الجديد جَبت ما قبلها، وبالتالي فكلها هي من النظام العام ملزمة للجميع، للدولة ولمؤسساتها، وخاصة ملزمة للقضاة لأنهم هم من يمارسون السلطة القضائية بالمحاكم، ويسهرون على نظام وقواعد العدالة وتوجهات السياسة القضائية وإصدار الأحكام القضائية؛ فكما لا يجوز خرق صحة عقد الجلسات أو تشكيل الهيئات أو خرق آجال الطعون زيادة أو نقصانا، لا يجوز خرق الصيغة المقررة دستوريا للأحكام، فلا اجتهاد مع وجود النص”.

وذكر النقيب الجامعي أن “التبرك والاستعانة بالله والبسملة في القول والعمل، في الحياة الخاصة أو الاجتماعية، مسألة تعود لقناعة الشخص وإرادته الحرة، لكن خارج الحياة الخاصة، ولما يتعلق الأمر مثلا بمجال القرارات والأحكام، فلا تبقى لأي كان، بمن فيهم القضاة أثناء ممارسة وظيفتهم، حرية التصرف في صيغة الأحكام وحرية اختيار تطبيق النص القانوني أو عدم تطبيقه، أو بمعنى وضع أي عنوان يريدونه عند تحرير أحكامهم، وبالتالي يجب ألا يخلط أحد منا وألا يخلط قضاتنا بالأحرى ما بين معتقداتهم وأفكارهم الخاصة ومستوى ميولهم الديني وما بين القواعد القانونية المكتوبة المؤطرة بالقانون وبالمساطر، التي تلزمهم بقيود دستورية آمرة، لما لها من ارتباط بالنظام العام.”

ويدافع نقيب المحامين السابق البارز بالتالي عن أن “الصيغة الدستورية الرسمية والوحيدة عند صدور الأحكام هي ‘باسم الملك وطبقا للقانون’، التي تفرض على القضاة تطبيقها واحترامها وعدم تغييرها لا حذفا أو إضافة، لأنهم لا يتمتعون بالحرية اختيار الصيغة التي تناسبهم دون الصيغة المقررة بالدستور، كما لا حق لهم في استعمال عبارات تلائم معتقداتهم الدينية أو الفكرية التي تعنيهم وحدهم ولا تعني المتقاضين، سواء كانوا من المؤمنين أو من غيرهم”، وزاد: “هب أن أحدا شطب على البسملة معتقدا أنها كتبت خطأ أو عمدا في صدر الحكم ليكون الحكم حاملا الصيغة الدستورية الواجبة، فهل سيكون هذا الشخص مزورا لهذا الحكم أم لا؟”.

كما ذكر المحامي عبد الرحيم الجامعي أنه “لا شك في أن محكمة النقض تصغي جيدا لهذا الجدل، ولا شك أنها ستميل لحماية النظام العام، وستبطل كل حكم أو قرار انحرف عن الصيغة الدستورية الآمرة، إذ وكما فرضت المحكمة راقبتها لمّا أبطلت كل القرارات الاستئنافية التي حذفت كلمة من الصيغة الدستورية الرسمية لصدور الأحكام فإنها دون شك ستبطل القرارات التي قد تضيف للصيغة الرسمية ما هو ليس منها، وفي كلتا الحالتين ستعزز فلسفة قراراتها بتطبيق المادة 534 من ق.م.ج. لما يتم الخرق الجوهري للقانون.”

الأحكام القضائية البسملة عبد الرحيم الجامعي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى