أخبار العالم

منتحلو صفة حراس سيارات يحيون حملة “مقاطعة الجيلي الأصفر” بالمغرب



إلى مجال حراسة السيارات وصلت حِيَل “التزوير واستعماله وانتحال صفة ينظمها القانون” بشكلٍ تفطّنَت إليه يقظة عناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، بتنسيق مع مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، التي وضعت، بحر هذا الأسبوع، نقطة نهاية لنشاط 8 أشخاص بمدينة فاس (أعمارهم بين 30 و40 سنة، وأحدهُم مبحوث عنه وطنياً)، يُشتبه بارتكابهم “أفعال الابتزاز والتزوير واستعماله وانتحال صفة ينظمها القانون”.

وحسب المتوفر من المعطيات، فقد “فُتح بحث قضائي أمرت به النيابة العامة المختصة” لمواصلة الكشف عن باقي الخيوط والملابسات والخلفيات، فيما أشارت “المعلومات الأولية للبحث إلى تزوير المشتبه بهم لتذاكر ركن السيارات تحمل الهوية البصرية لجماعة مدينة فاس، وارتدوا أزياء مزيّفة تحمل اسم الهيئة نفسها، واستخدموها لابتزاز المواطنين وأصحاب السيارات واستخلاص واجبات وهمية مقابل الإيصالات المزورة المذكورة، بدعوى توفير الحماية لمركباتهم وحراسة ممتلكاتهم”.

ونجحت الأبحاث والتحريات المنجزة في هذه القضية في “تحديد هوية المشتبه بهم وتوقيفهم، مع العثور خلال عملية الضبط والتفتيش على مجموعة من التذاكر المزورة والأزياء والقبعات والصدريات المزيفة، وكذا بطائق وأختام تخص شركات خاصة يشتبه باستعمالها في تسهيل نشاطهم الإجرامي”؛ وهو ما أعاد إلى الأذهان جدل حملات سابقة على مواقع التواصل ما زالت مستمرة في دعوتها لمقاطعة أصحاب “الجيلي الأصفر”، حسبما طالعته الجريدة.

“فراغ التدبير”

أحمد مزهار، عضو ائتلاف مبادرات المجتمع المدني ورئيس شبكة القرويين للتنمية والحكامة، قال إن “مدينة فاس (خاصة) تعيش نوعاً من الفراغ على مستوى تدبير خدمات مواقف السيارات منذ 2019 تقريبا، بَعد مشروع سابق كان يخص تدبير هذه المواقف وأماكن الركن، لكن عدم تنزيله أدام استمرار هذا الفراغ”، منبهاً إلى أن “الجماعة لم تقم بكراء “الباركينغات”، وبالتالي أدى ذلك إلى السطو على هذه المواقف من طرف عدد من البلطجية، أغلبهم لا علاقة لهم بالمجال ويقومون بجبايات، يعني مداخيل غير قانونية”.

ومثلها مثل باقي مدن المملكة، خاصة التي تعرف حركية في السير واكتظاظاً في السيارات، رسَم الفاعل المدني ذاته “صورة سلبية”، مبرزا، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “هذه الوضعية تعد مؤرقة لمستعلمي السيارات كما مدبّري شؤون المدن، باستثناء المواقف الجديدة للسيارات المنجزة في محيط المدينة القديمة، والتي تم تنظيمها وفق القانون، وهي تخضع لتدبير شركة خاصة، وبالتالي يعود نَفعها من خلال مداخيل الضرائب”.

وانتقد مزهار بشدة “غياب تدبير قانوني لهذا المرفق الجماعي من خلال الكراء أو تفويضه لشركة خاصة تقوم بالتدبير المفوض على الوجه الأمثل بدلاً من تركه ساحةً للعشوائية ومنتحلي الصفة”.

وأشاد بمجهودات مديرية الأمن الوطني، واصفاً مبادرتها بـ”الجيدة جدا”، قبل أن يضيف “نتمنى أن تعمّ جميع مواقف السيارات في مختلف المدن لتطهيرها من الدخلاء والمبتزّين والمنتحلين”. وشدد على ضرورة العمل “من أجل جعل تدبير “الباركينغ” بالمغرب مدخلا من مداخل التنمية الترابية للمدن بما يساهم في الرفع من ميزانية المجلس الجماعي وموارده المالية الذاتية”.

“مهنة غير منظَّمة”

بدورهم لم يفوّت “حُماة المستهلك بالمغرب” فرصة الإسهام في نقاش تقنين مهن حراسة مواقف رَكن السيارات. إذ اعتبر طارق البختي، رئيس المنتدى المغربي للمستهلك، أن “ضبط حراس مُزيّفين بفاس يسائل في الأصل انتحال الصفة من عدمها، إذ لا يوجد في القانون المغربي (إلى حدود اليوم) قانون ينظم مهنة حراسة السيارات، بل هناك فقط مرأب عمومي للعموم ومرأب خاص للخواص يكون تدبيره مفوضا من طرف الجماعة ويؤدى عنه”.

ورفض البختي، في تصريح لهسبريس، مصطلح “انتحالهم الصفة لأن ذلك يعني كأننا بصدد مهنة حرة منظمة، والدليل أنه اللّي فاق الصباح كيلبْسْ جِيلي وينزل للشارع، مع أن غالبيتهم من المسجونين سابقاً أو العاطلين أو النصابين ومحترفي الابتزاز”.

ولفت الفاعل في مجال حماية المستهلك إلى “غياب” السند القانوني الذي يعطي “الحق” لحراس السيارات المزيفين في التناسل واحتلال شوارع وأزقة عمومية، مضيفا أن ذلك ما أثار في السنوات الأخيرة، خاصة خلال فصل الصيف، “المطالب الشعبية بمقاطعة أصحاب الجيلي الأصفر”، ومنبهاً في السياق ذاته إلى أن “بعض أصحاب السترات الصّفراء يوفرون من نشاطهم غير المهيكل ما بين 700 وألف درهم كل يوم”.

“فوضى جماعاتية؟”

مستعيناً بالشق القانوني للتدليل على فكرته، أورد رئيس “منتدى المستهلك” أن “القانون التنظيمي رقم 113.14 يُعطي الصلاحية للجماعة في شخص الرئيس بأنْ يقوم بتدبير الأملاك الجماعية”، قبل أن يستدرك قائلا: “لكن الجماعات المحلية، سواء القروية أو الحضرية، ليس لها الحق بتاتاً في كراء فضاءات الشوارع والأزقة لأي شخص يعمل في “الباركينغ”. هذه فوضى وأمر غير قانوني”.

وأكد أن “الأزقة والشوارع مِلْك لجميع المواطنين الذين يؤدّون رسوماً وجبايات محلية عن الخدمات الجماعية المختلفة. والجماعة ما عندهاش الحق تْحْرم المواطن بتاتا من الحق ديالو في ركن سيارته في مكان عمومي”.

وخلص إلى أن “أصحاب “الجيلي الأصفر”، لاسيما بالمدن السياحية الكبرى، يبتزون المواطنين ويُفسدون عليهم عطلتهم، “مما يستدعي نهجَ حل متعدد المقاربات لهذه الظاهرة المؤرقة، في ظل تدابير أمثل لها في بعض المدن، التي ذهبت في اتجاه الإقرار القانوني لمجانية ركن السيارات”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى