مردود التجارة الإلكترونية يتأثر بالمنافسة وتدني القدرة الشرائية في المغرب
بعدما كان فصل الصيف في السنوات الماضية بالنسبة للنشيطين في مجال التجارة الإلكترونية فرصة من أجل تحقيق مردودية عالية، موازاة مع ارتفاع معدلات الاستهلاك الوطني، يبدو أن هذا المجال الذي تطور بشكل ملحوظ يعرف في الفترة الحالية نوعا من الركود، باختلاف المناطق والمنتجات، بحسب ما يورده نشطاء ضمنه.
ويدفع محسوبون على النشاط التجاري في العالم الرقمي بأنه رغم كون فصل الصيف يبقى مناسبة لترويج عدد من المُنتجات الموسمية، بما فيها لوازم البحر والاستجمام والملابس الصيفية… إلا أن هناك “تراجعا” في حجم الطلبيات التي يتوصلون بها رغم إبقائهم على وتيرة الحملات الإعلانية نفسها، وهو ما يربطونه عادة بـ”تأثر القدرة الشرائية للمواطنين، والتعامل مع شراء المنتجات بشكل رقمي في الوقت الراهن كشيء زائد لا غير”.
واطلعت هسبريس على بعض الإعلانات الخاصة المتداولة حاليا بشكل رقمي، وتخص مُنتجات متشابهة ومحدودة، بما فيها المراهم الخاصة بأشعة الشمس ولوازم التخييم والاستجمام، إلى جانب أصناف من الملابس الموسمية. وفي هذا الإطار يورد مستشارون في مجال “الإيكوميرس” أن هناك “نزوعا نحو التقليد، موازاة مع ارتفاع منسوب المنافسة، بما يقلل من نصيب كل فاعل من إجمالي الطلبيات”.
“ركود” ملحوظ
قال عادل الكرومي، ناشط وخبير في مجال التجارة الإلكترونية: “من الملاحظ أن هناك تراجعا في النشاط في هذا المجال منذ رمضان الماضي، وهو مستمر إلى حدود اليوم رغم أننا في ذروة فصل الصيف الذي يُعرف عادة بارتفاع الاستهلاك البشري للمنتجات الفصلية، وهو ما نقدر أنه يرتبط أساسا بتدني القدرة الشرائية لمختلف الشرائح الاجتماعية”.
واعتبر الكرومي، مصرحاً لهسبريس، أن “الملاحظ كذلك هو ارتفاع تكاليف الإعلانات المؤدى عنها بالأنترنيت”، مردفا: “رغم كل هذا هناك استمرار لنشاط عدد منا كفاعلين في هذا المجال، بفعل ارتباطنا أساسا بالتزامات وعقود مع الموردين، خصوصا من الخارج”، وزاد: “مواصلة نشاطنا في أحايين كثيرة في ظل هذه الظروف يكون مجرد خسارة لنا لا غير، في انتظار فترات أخرى للتعويض”.
وتابع المتحدث ذاته: “ما استخلصناه من كل هذا أن هذه الفترة تشهد انشغال المواطنين ببعض الأمور الحياتية التي تجعل من التسوق عبر الأنترنيت من الكماليات، في حين نراهن كثيرا على تعويض كل هذا الركود خلال شهري شتنبر وأكتوبر اللذين يعرفان بداية الدخول المدرسي وعودة المغاربة إلى حياتهم الطبيعية التي تفرض التوفر على عدد من المنتجات التي نحاول جاهدين توفيرها”.
وعاد الناشط في مجال “الإيكوميرس” ليوضح أن “المستفيدين نوعا ما خلال هذه الفترة هم الذين يتزودون بالسلع الأولية من محلات التجارة بالجملة، الموفرة لأسعار رخيصة، وهو ما يمكنهم من مجابهة أسعار الإعلانات التي تتراوح ما بين 70 و100 درهم خلال الفترة الحالية، مقارنة مع 50 درهما في الأوقات العادية، فيما تهبط إلى مستويات أقل من ذلك وسط السنة”، خاتما: “الركود الذي يعرفه المجال حاليا تعترف به حتى شركات الشحن من الخارج التي لم تعد تشحن الطلبيات كما في السابق، وهو ما نتمنى ألا يستمر لأنه أثر بشكل كبير على السوق”.
منافسةٌ وقلةُ ابتكار
قال بدر الزيناوي، ناشط ومستشار في مجال “الإيكوميرس”، إن “هناك فئات من المهنيين الذين تمكنوا من فرض أنفسهم في السوق، وبالتالي تحقيق أرقام مهمة خلال فترة الصيف الحالية، مقابل أفراد يتحدثون عن تراجع في عدد الطلبيات التي يتوصلون بها يوميا”.
مصرحا لهسبريس أكد الزيناوي أن “المغاربة لم يعودوا يشترون خلال فترة الصيف أي شيء، بل يُقبلون على شراء مُنتجات مهمة وذات قيمة مضافة”، متابعا: “لا يعقل أن نجد أن عشرات الآلاف من الأفراد يبيعون المُنتج نفسه، سواء وسط السنة أو في فصل الصيف تحديدا”.
وأورد المتحدث ذاته أنه “من الطبيعي أن تكون هناك شكوى من تراجع المردودية وطلبيات الشراء المتوصّل بها؛ فالمنافسة في المجال باتت كبيرة نظير التحاق عدد من الشباب بالبيع عبر الأنترنيت من أجل الاستفادة من الموارد التي يقدمها”.
مُفصّلاً بشأن قوة المنافسة وتأثيرها على المردودية بالنسبة للفاعلين في الميدان؛ يقول المستشار في مجال التجارة الإلكترونية: “في السابق، قبل وجود طفرة في مجال المنافسة، كان هناك تفرد في توفير المنتجات، في حين أننا اليوم أمام المنتجات نفسها التي تتم إعادة عرضها للبيع”، خالصا إلى أن “ارتفاع منسوب المنافسة وقلة الابتكار والتجديد هو الذي يقف وراء الركود الذي يتحدث عنه بعض النشيطين في المجال”.