الشيخة حسينة: “لا يوجد قانون ولا نظام”، هجمات ضد الأقليات في بنغلاديش
بعد ساعات من استقالة رئيسة الوزراء البنغالية الشيخة حسينة وفرارها من البلاد يوم الاثنين في أعقاب احتجاجات حاشدة، تلقى أحد المتخصصين في التنمية المجتمعية في العاصمة دكا مكالمة هاتفية من ابنة عمه.
أفروب ساركار هندوسي من بنغلاديش، يعيش في دولة 90 بالمئة من سكانها من المسلمين، وتعيش ابنة عمه الأرملة في منزل مشترك مترامي الأطراف في حي مختلط في نيتروكونا، وهي منطقة تتقاطع فيها الأنهار، على بعد حوالي 100 كيلومتر (62 ميلاً) شمال دكا.
يقول ساركار إن ابنة عمه “بدت مرعوبة، وقالت إن المنزل تعرض للهجوم والنهب من قبل حشد من الناس”.
وقالت السيدة إن نحو مئة شخص يحملون العصي اقتحموا المنزل وحطموا الأثاث والأبواب، وقبل أن يغادروا، أخذوا كل النقود والمجوهرات، ولم يعتدوا على أي من السكان البالغ عددهم 18 شخصا، بما في ذلك عدد من الأطفال الذين ينتمون إلى سبع عائلات تعيش هناك.
وصاح المعتدون قبل أن يغادروا: “أنتم تؤيدون رابطة عوامي، هذه البلاد في حالة سيئة بسببكم”.
يقول ساركار إنه شعر بالصدمة، ولكن لم يكن مندهشاً تماماً من الحادث، إذ أن الأقليات الهندوسية في بنغلاديش يُنظَر إليها إلى حد كبير على أنها مؤيدة لحزب رابطة عوامي الذي تتزعمه الشيخة حسينة، وكثيراً ما تتعرض للهجوم من قِبَل المنافسين في بلد يعتبر الإسلام فيه الدين الرسمي للدولة.
وبعد فرار الشيخة حسينة من البلاد، انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي تقارير عن تعرض ممتلكات ومعابد هندوسية للهجوم، وقال وزير الخارجية الهندي إس جايشانكار للبرلمان يوم الثلاثاء: “ما كان مثيرا للقلق بشكل خاص هو أن الأقليات ومعابدها تعرضت أيضا للهجوم في مواقع متعددة، وما زال ذلك غير واضح”.
ومع ذلك، كانت مجموعات الشباب المسلمة تحمي أيضاً منازل الهندوس وأضرحتهم لمنع المزيد من التخريب.
وقال ساركار إن “الهندوس في بنغلاديش يشكلون هدفاً سهلاً، ففي كل مرة تفقد فيها رابطة عوامي السلطة، يتعرضون للهجوم”.
ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يتعرض فيها منزل ابنة عمه للهجوم، كما يقول ساركار، إذ تعرضت الأقليات في بنغلاديش للاستهداف عام 1992 بعد أن هدم حشد هندوسي مسجد بابري في مدينة أيوديا الهندية، كما تعرض منزل شقيقة ساركار للنهب على يد حشد من الهندوس.
وقد شهدت العقود التالية العديد من الهجمات الدينية على الهندوس، فقد أفادت منظمة حقوق الإنسان البنغلاديشية “أين أو ساليش كندرا” بوقوع ما لا يقل عن 3679 هجوماً على المجتمع الهندوسي بين يناير/كانون الثاني 2013 وسبتمبر/أيلول 2021، بما في ذلك أعمال التخريب والحرق العمد والعنف المستهدف.
وفي عام 2021، وفي أعقاب الهجمات التي تم شنها على الأسر والمعابد الهندوسية في بنغلاديش أثناء وبعد مهرجان دورغا بوجا، أكبر مهرجان هندوسي في البلاد، قالت منظمة العفو الدولية إن “مثل هذه الهجمات المتكررة ضد الأفراد والعنف الطائفي وتدمير منازل وأماكن عبادة الأقليات في بنغلاديش على مر السنين تظهر أن الدولة فشلت في أداء واجبها في حماية الأقليات”.
ويوم الاثنين، واجه أفراد آخرون من أسرة ساركار احتمال التعرض للعنف، إذ نجا منزل والديه في كيشورجانج، على بعد 120 كيلومتراً من دكا، من أعمال العنف، لأنها “عائلة معروفة في الحي ونعرف الجميع”، بحسب ساركار.
ويوضح ساركار أن والدته، التي تدير مدرسة محلية، تلقت مكالمة هاتفية من شريكها التجاري، حذرها من أن هناك مجموعة تقوم بإعداد قوائم بالممتلكات التي سيتم مهاجمتها.
وأضاف ساركار أن الشريك أكد حينها أن اسم العائلة “ليس موجوداً في القائمة، ولكن يجب توخي الحذر”.
وفي وقت لاحق، رأى والد سركار، الذي منع الأسرة من الخروج من المنزل، حشداً صغيراً يتجمع خارج البوابة الحديدية لمنزله.
ويقول ساركار: “سمع والدي شخصاً يقترب من الحشد ويقول لهم: لا تفعلوا شيئًا هنا، ليس هنا”، فتفرق الحشد بعد ذلك.
ولكن في منطقة نوغوا في كيشوريجانج، ظهرت تقارير عن نهب منازل هندوسية.
وقال ساركار: “سمعت أن 20 إلى 25 منزلاً تعرضت للهجوم هناك، وتعرض متجر الذهب الخاص بصديقي الهندوسي للاقتحام وسُرقت كا المجوهرات المعروضة، لكنهم لم يتمكنوا من كسر أو سرقة الخزنة”.
وعلى بعد نحو مائتي كيلومتر إلى الشمال من دكا، كان منزل عائلة زوجة ساركار في حي شيربور على حافة الخطر أيضاً، ورغم أن منزل العائلة نجا من الهجوم، فقد نهبت مجموعة منزلاً هندوسياً مجاوراً، ولكن الجانب المشرق من الأمر هو أنه مع انتشار أنباء العنف، تجمع المسلمون المحليون لتشكيل حلقات حماية حول المنازل والمعابد الهندوسية.
ويقول ساركار: “لقد حدث هذا أيضاً في جميع أنحاء بنغلاديش، قام المسلمون بحماية الممتلكات الهندوسية”.
ولكن الأمور لم تنته عند هذا الحد، فمع حلول الليل يوم الاثنين، بدأ حشد من الناس يتجمع خارج المبنى السكني المكون من عشرة طوابق الذي يسكنه ساركار في دكا، حيث يعيش مع زوجته وابنته الرضيعة، ويعتقد ساركار أنهم جاؤوا بحثاً عن عضو مجلس محلي من رابطة عوامي يعيش في نفس المبنى.
ويروي ساركار: “خرجت إلى شرفة منزلي في الطابق السادس ورأيت الحشد يرشقون المبنى بالحجارة ويحاولون اقتحامه، كانت البوابات مغلقة، لذا لم يتمكنوا من الدخول، وتضررت بعض السيارات أمام المبنى وزجاج النوافذ”.
وعندما عاد ساركار إلى نيتروكونا، أخبرته ابنة عمه أن الأسرة تخشى وقوع المزيد من الهجمات، فاتصل بصديق له في الجيش وطلب منه أن يقوم بجولة في الحي بانتظام بواسطة شاحنة عسكرية.
ويضيف ساركار: “إنها فترة عصيبة، لا يوجد قانون ولا نظام، ونحن مستهدفون مرة أخرى”.