تقرير يضع الصناعة الدوائية المغربية في المرتبة الثانية بالقارة الإفريقية
أكد تقرير حديث الصدور احتلال الصناعة الصيدلانية المغربية المرتبة الثانية بالقارة الإفريقية، والخامسة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (مينا)، بواقع استثمارات سنوي يصل إلى 700 مليار درهم، ورقم معاملات يتراوح بين 14 و15 مليار درهم.
وكشف التقرير، الصادر أخيرا عن مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، عن “ارتفاع مبيعات الفاعلين في مجال صناعة الأدوية بالمملكة بواقع 50 في المائة سنة 2023 مقارنة بسنة 2022، بما يُعتبر رقما قياسيا لهذا القطاع الذي يلي مجال الفوسفاط في ما يتعلق بالصناعة الكيميائية”.
المصدر نفسه بيّن أن قطاع الصناعة الدوائية المغربي “يغطي حوالي 80 في المائة من احتياجات المغاربة من الأدوية والمواد العلاجية، إذ يستفيد من خبرة وطنية في المجال تعود إلى سبعينيات القرن الماضي، وخضع للتطوير في سياق خطة التسريع الصناعي ما بين 2014 و2020، بما جعله اليوم من بين القطاعات الأكثر ديناميكية وابتكارا في القارة الإفريقية”.
كما بيّنت الوثيقة أن “هذه الدينامية تتعلق أساسا بقطاع يتضمن حوالي 50 مؤسسة صيدلانية صناعية، و11 ألف صيدلية خاصة؛ في حين يرتقب أن يرتفع منسوب دينامية هذا القطاع خلال السنة الجارية بالاعتماد على نمو مرتقب على المستويين الداخلي والخارجي، وذلك موازاة مع الرفع من إنتاج الأدوية الجنيسة”.
وطُرِح ضمن التقرير ذاته تساؤلٌ مركزي يتعلق بقدرة القطاع الصناعي الدوائي بالمغرب على مواجهة مختلف التحديات التي تحيط بهاجس ضمان السيادة الصحية للمملكة، وهو ما حاول هينري لويس فيدي، مُعدُّ الوثيقة، الإجابة عنه بتقديمه لمحة عن تطور هذا القطاع بالمملكة خلال العقود الماضية.
في هذا الصدد ذكر المصدر نفسه أنه “تم خلال مرحلة ما قبل 1980 تأسيس حوالي 16 مؤسسة متخصصة في صناعة الأدوية بالمملكة، بعد المؤسسات الأولى التي بدأت الظهور بالمغرب منذ سنة 1933، في حين أن المرحلة ما بين 1980 و1999 عرفت بدورها إنشاء ما يصل إلى 14 مؤسسة صناعية أخرى، بما فيها أربع مؤسسات تابعة لشركات أم بالخارج و6 شركات مغربية صغرى ومتوسطة مستقلة”.
وعاد تقرير مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد ليوضح أن “المغرب عرف منذ بداية الألفية الجديدة إلى غاية اليوم إنشاء ما يصل إلى 20 منشأة صناعية متخصصة في إنتاج الأدوية والمستلزمات المتعلقة بحفظ الصحة، منها منشآت مغربية بالكامل وأخريات تابعة لشركات أم أجنبية؛ بما يشكل نقلة في هذا المجال مقارنة بالمرحلتين السابقتين المذكورتين”.
التقرير المعنون بـ”هل قطاع الصناعات الدوائية بالمغرب مستعد لمواجهة تحديات الصيادة الصحية للمملكة؟” أورد أيضا أن حوالي 40 في المائة من المؤسسات الصناعية الدوائية الخمسين هي في نهاية المطاف تابعة لشركات متعددات الجنسيات، أو شركات أجنبية فرنسية أو أمريكية أو هندية أو ألمانية…
وذكر المصدر ذاته أن “حوالي 10 دول أجنبية قامت بالاستثمار في مجال الصناعة الدوائية بالمغرب، بما فيها فرنسا بواقع ست شركات، متبوعة بكل من سويسرا والولايات المتحدة الأمريكية بواقع 3 شركات لكل واحدة على حدة، فضلا عن شركتين ألمانيتين اثنتين؛ في حين أن دول الإمارات العربية المتحدة والهند والأردن والبرتغال تستثمر في المغرب بواقع شركة واحدة لكل واحدة منها”.
مفصّلا في بيان مظاهر ما اعتبره “نموا قويا” أورد التقرير سالف الذكر أن “الملاحظ هو ارتفاع رقم المعاملات لدى الشركات المشتغلة في هذا المجال، إذ ارتفع رقم مبيعاتها بحوالي 15,3 في المائة سنة 2021 مقارنة مع سنة 2020، في حين ارتفع رقم المعاملات سنة 2022 بحوالي 7,9 في المائة مقارنة بسنة 2021، قبل أن يحصل الازدهار سنة 2023 بارتفاع قدر بـ50 في المائة”.
وهذه الدينامية تم ربطها بعاملين اثنين؛ يتعلق الأول بتعميم التغطية الصحية على مختلف المغاربة وإلغاء الضريبة على القيمية المضافة بنسبة 7 في المائة، التي كانت مطبقة على الأدوية، على اعتبار أنهما في نهاية المطاف تسببا في زيادة معدل استهلاك الأدوية وطنيا، موازاة مع ارتفاع عدد الكبار في السن.
أما العامل الثاني فيرتبط أساسا بالطلب الخارجي على الأدوية المغربية، خصوصا بالقارة الإفريقية، حيث يصدر المغرب تقريبا 10 في المائة من إنتاجيته الدوائية، في وقت تنتج القارة 3 في المائة فقط من احتياجاتها الدوائية بفعل استقرار إنفاقها على الصحة في حدود 1 في المائة من الإنفاق العالمي، وفق التقرير دائما.
وبحكم هذا الواقع أكد مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد أنه “من الطبيعي أن يكون المغرب مستقطبا للاستثمار الأجنبي المباشر في مجال الطب والصيدلة، بما مكّنه من التموقع داخل ما يصل إلى 30 دولة إفريقية في مجال سوق الأدوية”.