أولمبياد باريس: 2024: تاريخ الألعاب الأوليمبية منذ اليونان القديمة
تتواصل في مدينة باريس فعاليات أولمبياد 2024 وذلك بعد 100 عام من آخر مرّة استضافت فيها العاصمة الفرنسية دورة الألعاب الأولمبية الصيفية.
ومن 1924 إلى 2024 حدثت تغيرات كثيرة؛ فباريس شهدت حفل افتتاح استثنائيا، إذ ولأول مرة في تاريخ الأولمبياد، نُظَم حفل الافتتاح خارج الملعب، مع عروض مائية مذهلة على نهر السين شارك فيها آلاف الرياضيين.
ولكن ما هو تاريخ الألعاب الأولمبية؟
تقول دائرة المعارف البريطانية إن الألعاب الأولمبية مهرجان رياضي نشأ في اليونان القديمة وتم إحياؤه في أواخر القرن التاسع عشر. وقبل السبعينيات من القرن الماضي، كانت الألعاب مقتصرة رسميًا على المتنافسين من الهواة، ولكن في الثمانينيات، تم فتح باب العديد من الفعاليات للرياضيين المحترفين.
وحاليًا، الألعاب مفتوحة للجميع، حتى كبار الرياضيين المحترفين في كرة السلة وكرة القدم. وتضمنت الألعاب الأولمبية القديمة العديد من الألعاب الرياضية التي أصبحت الآن جزءًا من برنامج الألعاب الصيفية، والذي يتضمن في بعض الأحيان فعاليات تصل إلى 32 رياضة مختلفة . في عام 1924 تمت الموافقة على الألعاب الشتوية، وأصبحت الألعاب الأولمبية تعتبر المنافسة الرياضية الأولى في العالم.
الخلفية التاريخية
مازال تاريخ إقامة المسابقات الرياضية المنظمة موضع نقاش، ولكن من المؤكد أنها حدثت في اليونان منذ ما يقرب من 3 آلاف عام.
وعلى الرغم من أن أصلها قديم، إلا أنه بحلول نهاية القرن السادس قبل الميلاد، نالت 4 مهرجانات رياضية يونانية أهمية كبيرة وهي الألعاب الأولمبية التي أقيمت في أولمبيا، والألعاب البيثية في دلفي، وألعاب نيميان في نيميان، والألعاب التي أقيمت بالقرب من كورنثوس . وفي وقت لاحق، أقيمت مهرجانات مماثلة في ما يقرب من 150 مدينة في أماكن بعيدة مثل روما ونابولي وأوديسوس وأنطاكية والإسكندرية.
,من بين جميع الألعاب التي أقيمت في جميع أنحاء اليونان، كانت الألعاب الأولمبية هي الأكثر شهرة. وكانت الألعاب الأولمبية تُعقد كل 4 سنوات في الفترة ما بين 6 أغسطس/ آب و19 سبتمبر/ أيلول، وتحتل مكانة مهمة في التاريخ اليوناني.
وكانت الألعاب الأولمبية، مثلها مثل جميع الألعاب اليونانية تقريبًا، جزءًا لا يتجزأ من مهرجان ديني. وتم إطلاقها على شرف زيوس في أولمبيا. وتقول إحدى الأساطير إنه تم إطلاق الألعاب الأولمبية على يد هرقل ابن زيوس وألكميني.
وكان أول بطل أولمبي مدرج في السجلات هو كورويبوس من إليس، وهو طباخ، فاز بسباق السرعة عام 776 قبل الميلاد.
في عام 724 قبل الميلاد، كان هناك سباق مشابه تقريبًا لسباق 400 متر، وبعد أربع سنوات تم تضمين سباق مسافات طويلة يمكن مقارنته بفعاليات 1500 أو 5000 متر الحديثة.
وتم إدخال الخماسي في عام 708 قبل الميلاد. وكانت عبارة عن منافسة شاملة تتكون من خمسة فعاليات هي الوثب الطويل، ورمي الرمح، ورمي القرص، والعدو، والمصارعة.
وتم إدخال الملاكمة في عام 688 قبل الميلاد، ثم سباق العربات بعد 8 سنوات. وفي عام 648 قبل الميلاد تم إدخال البانكراتيوم، وهو نوع من القتال غير المحظور يجمع بين المصارعة والملاكمة وقتال الشوارع ويُسمح فيه بركل وضرب الخصم الذي يسقط، ولم يُحظر فيه سوى العض وفقء عين الخصم.
وبين عامي 632 و616 قبل الميلاد تم تقديم فعاليات للفتية. ومن وقت لآخر تمت إضافة المزيد من الأحداث، بما في ذلك سباق يركض فيه الرياضيون وهم يرتدون الدروع .
ومع ذلك، لم يكن البرنامج متنوعًا تقريبًا مثل برنامج الألعاب الأولمبية الحديثة حيث لم تكن هناك مباريات جماعية ولا مباريات كرة، واقتصرت أحداث ألعاب القوى على فعاليات العدو والخماسي وسباقات العربات وسباق الخيل الذي أصبح جزءًا من الألعاب القديمة.
وفي القرون الأولى للمنافسة الأولمبية، كانت جميع المسابقات تقام في يوم واحد. وفي وقت لاحق، تم توزيع الألعاب على مدى 4 أيام، مع تخصيص اليوم الخامس لتقديم الجوائز في الحفل الختامي ومأدبة للأبطال. وفي معظم الأحداث شارك الرياضيون عراة.
وكانت الألعاب الأولمبية مقصورة من الناحية الفنية على اليونانيين الأحرار. وكان العديد من المنافسين اليونانيين يأتون من المستعمرات اليونانية في شبه الجزيرة الإيطالية وفي آسيا الصغرى وأفريقيا .
وحصل هؤلاء الرياضيون على جوائز كبيرة لفوزهم في العديد من المهرجانات، وعلى الرغم من أن الجائزة الوحيدة في أولمبيا كانت عبارة عن إكليل، إلا أن البطل الأولمبي كان يتلقى أيضًا إطراء كبيرا وجوائز سخية في كثير من الأحيان من مدينته الأصلية.
المرأة
على الرغم من عدم وجود فعاليات نسائية في الألعاب الأولمبية القديمة، إلا أن العديد من النساء يظهرن في القوائم الرسمية للفائزين الأولمبيين بصفتهن مالكات لإسطبلات العربات المنتصرة.
في إسبرطة، كانت الفتيات والشابات يتدربن ويتنافسن محليًا. ولكن، باستثناء إسبرطة، كانت المسابقات المخصصة للشابات اليونانيات نادرة جدًا وربما كانت مقتصرة على سباق محلي سنوي.
أما في أولمبيا، فقد كان مهرجان هيريان، الذي يقام كل أربع سنوات تكريمًا للإلهة هيرا، يتضمن سباقًا للشابات، اللاتي تم تقسيمهن إلى ثلاث فئات عمرية. ومع ذلك، لم يكن سباق هيريان جزءًا من الألعاب الأولمبية (كان يقام في وقت آخر من العام).
كما كتب الرحالة بوسانياس من القرن الثاني الميلادي يقول إنه تم منع النساء من دخول أولمبيا خلال الألعاب.
وعندما فقدت اليونان استقلالها أمام روما في منتصف القرن الثاني قبل الميلاد انخفض دعم المسابقات في أولمبيا وأماكن أخرى بشكل كبير خلال القرن التالي.
وكان الرومان ينظرون إلى الألعاب الرياضية بازدراء، إذ كان التعري والمنافسة في الأماكن العامة أمرًا مهينًا في نظرهم. ومع ذلك، أدرك الرومان القيمة السياسية للمهرجانات اليونانية، وقام الإمبراطور أغسطس بتنظيم ألعاب للرياضيين في روما، وأطلق مهرجانات رياضية كبرى جديدة في إيطاليا واليونان.
وكان الإمبراطور نيرون أيضًا راعيًا متحمسًا للمهرجانات في اليونان، لكنه ألحق العار بنفسه وبالألعاب الأولمبية عندما دخل في سباق للعربات الحربية، وسقط من عربته، ثم أعلن نفسه الفائز في السباق.
وكان اليونانيون في الأصل ينظمون مهرجاناتهم للمتنافسين بهدف المنافسة، أما الرومان فنظموا مهرجاناتهم للجمهور بغرض الترفيه. وتم إلغاء الألعاب الأولمبية أخيرًا حوالي عام 400 على يد الإمبراطور الروماني ثيودوسيوس الأول أو ابنه بسبب ارتباطات المهرجان بالوثنية.
الحركة الأولمبية الحديثة
أدت أفكار وأعمال العديد من الأشخاص إلى إنشاء الألعاب الأولمبية الحديثة. وكان أشهر مهندس للألعاب الحديثة هو بيير دي كوبرتان، الذي ولد في باريس في يوم رأس السنة الجديدة عام 1863. وفي سن الرابعة والعشرين قرر كوبرتان أن مستقبله يكمن في التعليم، وخاصة البدني.
وفي عام 1890 سافر إلى إنجلترا للقاء الدكتور ويليام بيني بروكس الذي كان قد كتب بعض المقالات عن التعليم البدني التي جذبت انتباه الفرنسي. حاول بروكس أيضًا لعقود من الزمن إحياء الألعاب الأولمبية القديمة، مستوحيًا الفكرة من سلسلة من الألعاب الأولمبية اليونانية الحديثة التي أقيمت في أثينا بدءًا من عام 1859. وتأسست الألعاب الأولمبية اليونانية على يد إيفانجيليس زاباس، الذي حصل بدوره على الفكرة من باناجيوتيس سوتسوس، وهو شاعر يوناني كان أول من دعا إلى النهضة الحديثة وبدأ في الترويج للفكرة في عام 1833.
وكانت أول أولمبياد بريطانية لبروكس، والتي أقيمت في لندن عام 1866، ناجحة، وحضرها العديد من المتفرجين والرياضيين. لكن محاولاته اللاحقة لاقت نجاحًا أقل وواجهت لامبالاة عامة ومعارضة من المجموعات الرياضية المنافسة. وبدلاً من الاستسلام، بدأ بروكس في ثمانينيات القرن التاسع عشر بالدفاع عن تأسيس دورة ألعاب أولمبية دولية في أثينا.
وعندما سعى كوبرتان للتشاور مع بروكس حول التربية البدنية، تحدث بروكس أكثر عن الإحياء الأولمبي وأظهر له الوثائق المتعلقة بكل من الأولمبياد اليونانية والبريطانية. كما أظهر أيضًا مقالات صحفية لكوبرتان تتحدث عن اقتراحه الخاص للألعاب الأولمبية الدولية.
وفي 25 نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 1892، وفي اجتماع للاتحادات الرياضية في باريس، دافع كوبرتان عن فكرة إحياء الألعاب الأولمبية.
وكرر اقتراحه بإحياء الألعاب الأولمبية في باريس في يونيو/ حزيران من عام 1894 في مؤتمر حول الرياضة الدولية حضره 79 مندوبًا يمثلون 49 منظمة من 9 دول.
وتم الاتفاق في البداية على أن تقام الألعاب في باريس عام 1900. ولكن بدا أن 6 أعوام كانت فترة طويلة من الانتظار، فتقرر تغيير مكان انعقاد الألعاب إلى أثينا وتغيير الموعد إلى إبريل/نيسان من عام 1896 لكن رفض رئيس الوزراء اليوناني حينئذ تنظيم الألعاب.
ولكن عندما تولى رئيس وزراء جديد منصبه، تمكن كوبرتان وفيكيلاس من إقناعه، وافتتح ملك اليونان الألعاب في الأسبوع الأول من أبريل/ نيسان من عام 1896.
وفي مؤتمر باريس عام 1894، عُهد بمهمة مراقبة وتطوير الألعاب الأولمبية الحديثة إلى اللجنة الأولمبية الدولية التي اتخذت من باريس مقرا لها، وخلال الحرب العالمية الأولى نقلت مقرها الرئيسي إلى لوزان بسويسرا حيث بقيت هناك.
وتتولى اللجنة الأولمبية الدولية مسؤولية الحفاظ على الاحتفال المنتظم بالألعاب الأولمبية، مع مراعاة إجراء الألعاب بالروح التي ألهمت إحياءها، وتعزيز تطوير الرياضة في جميع أنحاء العالم. وتألفت اللجنة الأصلية عام 1894 من 14 عضوًا بالإضافة إلى كوبرتان.
ويعتبر أعضاء اللجنة الأولمبية الدولية سفراء من اللجنة إلى منظماتهم الرياضية الوطنية. وهم ليسوا مندوبين للجنة بأي حال من الأحوال ولا يجوز لهم قبول أي تعليمات من حكومة بلادهم أو من أي منظمة أو فرد، والتي تؤثر بأي شكل من الأشكال على استقلالهم.
ويُمنح شرف إقامة الألعاب الأولمبية إلى مدينة وليس إلى دولة. ويقع اختيار المدينة على عاتق اللجنة الأولمبية الدولية فقط. ويتم تقديم طلب إقامة الألعاب من قبل السلطة الرئيسية للمدينة، بدعم من الحكومة الوطنية.
المواقع التي شهدت الألعاب الأولمبية الصيفية الحديثة
- 1896 أثينا
- 1900 باريس
- 1904 سانت لويس، ميزوري، الولايات المتحدة
- 1908 لندن
- 1912 ستوكهولم
- 1916 (الحرب العالمية الأولى)
- 1920 أنتويرب، بلجيكا
- 1924 باريس
- 1928 أمستردام
- 1932 لوس أنجليس
- 1936 برلين
- 1940 (الحرب العالمية الثانية)
- 1944 (الحرب العالمية الثانية)
- 1948 لندن
- 1952 هلسنكي
- 1956 ملبورن
- 1960 روما
- 1964 طوكيو
- 1968 مكسيكو سيتي
- 1972 ميونيخ
- 1976 مونتريال
- 1980 موسكو
- 1984 لوس أنجليس
- 1988 سيول
- 1992 برشلونة
- 1996 أتلانتا، جورجيا، الولايات المتحدة
- 2000 سيدني، أستراليا
- 2004 أثينا
- 2008 بكين
- 2012 لندن
- 2016 ريو دي جانيرو
- 2020 طوكيو
- 2024 باريس
- 2028 لوس أنجليس