أخبار العالم

هجوم الحوثيين على تل أبيب يضع كفاءة الدفاع الجوي الإسرائيلي على المحك



فتح الهجوم الذي شنته جماعة الحوثي، المدعومة من إيران، في قلب العاصمة الإسرائيلية تل أبيب، أمس الجمعة، بطائرة مسيرة الباب على مصراعيه أمام الكثير من التساؤلات والتكهنات ليس بشأن كفاءة وإمكانيات أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية فحسب؛ بل حول قدرة إسرائيل على الاستمرار في الحرب متعددة الجبهات، التي تخوضها للشهر العاشر على التوالي.

فوصول تلك المسيرة، التي أطلق عليها الحوثيون “يافا”، إلى وسط تل أبيب وتنفيذها لهذا الهجوم على مقربة من مقر للسفارة الأمريكية دون التعامل معها وإسقاطها أثار مخاوف الكثيرين في إسرائيل وطرح علامات استفهام عديدة بشأن فاعلية أجهزة الدفاع الجوي الإسرائيلية.

وكشف التحقيق في هجوم تل أبيب، الذي وصف بأنه نوعي، أن المسيرة المستخدمة قطعت مسافة نحو ألفي كيلومتر من اليمن إلى إسرائيل عبر شبه جزيرة سيناء، حسبما ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت. وأضافت الصحيفة أن المسيرة سلكت مسارات مختلفة لتربك أنظمة الرصد التابعة للجيش الإسرائيلي.

كما نقلت الصحيفة ما خلص إليه التحقيق عن أن حمولة المسيرة كانت صغيرة نسبيا واشتملت على كيلوغرامات قليلة من المتفجرات بهدف إطالة المسافة والسماح لها بعبور سيناء ودخول إسرائيل عبر البحر المتوسط.

وتحدث الجيش الإسرائيلي عن رصد المسيرة، وعزا عدم التعامل معها وإسقاطها إلى ما وصفه بـ”خطأ بشري”.

وتمتلك إسرائيل ثلاثة أنظمة رئيسية للدفاع الجوي، ربما أشهرها هو “القبة الحديدية”؛ وهو مصمم للتعامل مع الصواريخ والطائرات المسيرة ذات المدى القصير الذي يتراوح بين 4 كيلومترات إلى 70 كيلومترا.

وأنشأت إسرائيل، في عام 2017، نظام اعتراض متوسط المدى إلى طويل المدى يعرف باسم “مقلاع داوود”، وهو مخصص للكشف عن الصواريخ الباليستية والصواريخ المجنحة وتدميرها، وكذلك الطائرات المسيرة على مدى يصل إلى 200 كيلومتر، وفقا لوكالة بلومبرج للأنباء.

ويعد حيتس أو آرو (السهم) ثالث أنظمة الدفاع الجوي التي تمتلكها تل أبيب؛ وهو نظام متقدم مكون من “آرو 2” و”آرو 3″، ويستطيع اعتراض الصواريخ التي يتم إطلاقها من مسافة تصل إلى 2400 كيلومتر، ويمكنه القيام بذلك فوق الغلاف الجوي للأرض.

وعلى الرغم من ذلك، جاء هجوم الحوثيين في قلب تل أبيب ليبعث برسائل معينة ويعيد إلى الأذهان ما حدث الشهر الماضي، عندما اخترقت مسيرة “الهدهد” التابعة لحزب الله اللبناني الأجواء الإسرائيلية والتقطت صورا لأماكن استراتيجية وعادت أدراجها دون أن تعترضها الدفاعات الجوية الإسرائيلية.

وربما ما يعزز مخاوف كثير من الإسرائيليين ما حمله خطاب إعلان المسؤولية عن الهجوم ليحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، من معلومات عن تلك المسيرة، حيث قال إنها “قادرة على تجاوز المنظومات الاعتراضية للعدو، ولا تستطيع الرادارات اكتشافها”.

كما يساور العديد من الإسرائيليين القلق مما هو قادم واحتمالات تكرار مثل هذا الهجوم أو ربما على نطاق أوسع، لا سيما في ظل تهديد سريع بأن “مدينة يافا المحتلة (تل أبيب) منطقة غير آمنة وهدف أساسي في مرمى أسلحتنا… سنركز على استهداف جبهة العدو الداخلية والوصول إلى العمق”.

وأشار سريع إلى أن الجماعة “تمتلك بنكا للأهداف في فلسطين المحتلة؛ منها الأهداف العسكرية والأمنية الحساسة، وسنمضي في ضرب تلك الأهداف ردا على مجازر العدو وجرائمه اليومية في قطاع غزة”.

وجدد التأكيد على أن عمليات الحوثيين “لن تتوقف إلا بوقف العدوان ورفع الحصار عن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة”.

ونقلت صحيفة جيروزاليم بوست عن دانيال هجاري، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، قوله إن الجيش والحكومة الإسرائيليين سيلتقيان، خلال الأيام المقبلة، لتحديد كيفية الرد هجوميا ودفاعيا على هجوم تل أبيب.

واتهم هجاري إيران بالوقوف وراء “جميع مشاكل إسرائيل الأمنية” على جبهات عديدة، “سواء كان من الحوثيين أو غزة أو لبنان أو سوريا أو في الضفة الغربية”.

وتأتي التهديدات الإسرائيلية بالرد على هجوم الحوثيين في الوقت الذي تتفاقم فيه حدة التوترات على الحدود الإسرائيلية اللبنانية وتتزايد وتيرة الهجمات المتبادلة بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله، بينما تتواصل المعارك في قطاع غزة منذ حوالي 10 أشهر؛ وهو ما يطرح أسئلة كثيرة بشأن جدية تهديدات تل أبيب ومدى إمكانية تنفيذها.

ويرى بعض المحللين أن ما حدث ليل الخميس ـ الجمعة يعد إخفاقا جديدا يضاف إلى مسلسل الإخفاقات المستمرة منذ هجوم حركة حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر الماضي؛ فلا الجيش الإسرائيلي تمكن من التصدي لهذه الهجمات أو إحباطها، ولا حقق حتى الآن ما توعد به رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من القضاء على حماس واستعادة الرهائن.

وربما يخشى قطاع عريض من الإسرائيليين من مغبة الدخول في مغامرة عسكرية محفوفة بالمخاطر وفتح جبهة ثالثة ضد الحوثيين في اليمن، بينما تمر المنطقة بحالة من الترقب الحذر انتظارا لما ستفرزه الأيام المقبلة من مستجدات في ظل التهديدات المتزايدة بالدخول في حرب ضد حزب الله، وهو الذي يمتلك ترسانة من الصواريخ تقدر بـ150 ألفا على الأقل.

ووسط هذه المعطيات المعقدة التي تشي بأيام أكثر سخونة خلال الفترة المقبلة، يظل السؤال الكبير مطروحا بشأن الدور الذي ستضطلع به الولايات المتحدة حال دخلت حليفتها الأوثق إسرائيل في صراع اشتعلت فيه جبهات عديدة ضدها، وهل ستكتفي بإمدادها بالأسلحة والذخيرة أم ستنخرط بدور أقوى وأكثر وضوحا إيذانا باندلاع حرب إقليمية واسعة النطاق يخشى كثيرون من تبعاتها على أمن المنطقة واستقرارها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى