“لم يكن يحمل سلاحا”: مقتل طالب متظاهر بالرصاص في بنغلاديش
- Author, أكبر حسين و طارق زمان شيمول
- Role, بي بي سي نيوز
أصبح أبو سعيد رمزاً للاحتجاجات الطلابية في بنغلاديش.
الشاب البالغ من العمر 22 عاماً كان من بين ستة أشخاص قُتلوا في اشتباكات في أنحاء البلاد، إذ كانت مجموعات طلابية متنافسة تهاجم بعضها البعض بالطوب وقضبان الخيزران، واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي لتفريق التجمعات.
وينظم طلاب الجامعات احتجاجات منذ أيام، ضد نظام تخصيص بعض الوظائف العامة لأقارب أبطال الحرب الذين قاتلوا من أجل استقلال البلاد عن باكستان في عام 1971.
وتُظهر صورة متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي أبو سعيد يرفع يديه وهو يواجه الشرطة البنغالية.
وألقى أفراد عائلة سعيد اللوم على الشرطة في وفاته، وهي دعوى يجري التحقيق فيها من قبل السلطات.
وفي مدينة رانغبور الشمالية الغربية، قال مفوض الشرطة محمد منير الزمان لبي بي سي، إن الشرطة قد بدأت بالفعل تحقيقاً في وفاة أبو سعيد.
وتعهدت رئيسة الوزراء الشيخة حسينة بمعاقبة المسؤولين عن قتل ستة أشخاص في احتجاجات يوم الثلاثاء.
ونشرت السلطات آلاف الجنود في جميع أنحاء البلاد في محاولة لاستعادة النظام بعد أيام من الاحتجاجات.
ماذا حدث لـ “أبو سعيد”؟
في فيديو، لم تتحقق منه بي بي سي، يظهر أبو سعيد واقفاً في وسط الطريق، عندما يبدأ رجال الشرطة فجأة في إطلاق الرصاص المطاطي. ثم يبدو أن أبو سعيد يمسك بعصا في يده محاولاً تفادي الرصاص. ويتراجع عدة خطوات ويعبر الحاجز الوسطي للطريق قبل أن يسقط على الأرض.
قال مسؤولون في المستشفى إن أبو سعيد توفي متأثراً بجروح ناجمة عن الرصاص المطاطي. وحلّلت بي بي سي- القسم البنغالي، بعض الفيديوهات المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي يظهر فيها أبو سعيد دون أن يرتكب أي أعمال عنيفة او عدائية.
وفي حديثه لبي بي سي بنغلاديش، قال الصحفي المحلي في رانغبور، شهرهية ميم، إن “الشرطة طلبت من أبو سعيد في البداية أن يتحرك إلى مكان آخر لكنه رفض ذلك”. وأضاف ميم أن هذا هو الوقت الذي أطلقت فيه الشرطة الرصاص المطاطي.
الوحيد في عائلته الحاصل على درجة جامعية
نشأ أبو سعيد في عائلة فقيرة وكان يحلم بالحصول على وظيفة حكومية. كان يدرس الأدب الإنجليزي في جامعة بيغوم رقية في مدينة رانغبور. شارك في الاحتجاجات، ممسكاً بالعلم الوطني لبنغلاديش.
كان أبو سعيد هو الوحيد بين إخوته التسعة الذي التحق بالجامعة. وقالت أخته الصغرى، سومي أخترلـ بي بي سي إن العائلة كانت تأمل بشدة أن يحصل على وظيفة حكومية بعد التخرج.
كما اتهمت الشرطة في وفاة شقيقها، وقالت “لم يكن يحمل سلاحاً، كان يمسك بعلم بلادنا”.
انتقد نشطاء حقوق الإنسان الشرطة بسبب ردها العنيف على المتظاهرين.
وقال المدير التنفيذي لمركز القانون والتحكيم التابع لمنظمة حقوق الإنسان، فاروق فيصل، لبي بي سي القسم البنغالي: “التعبير عن الرأي والاحتجاج – هذه حقوق ديمقراطية للمواطنين، ويعترف بها دستورنا”.
وتساءل: “لماذا فتحت الشرطة النار على الطلاب العزل الذين كانوا يحتجون هناك؟ طالما أن أبو سعيد لم يكن يحمل سلاحا فلم تكن هناك حاجة لاستخدام الشرطة للعنف”.
وفي حديثه لبي بي سي القسم البنغالي، قال محمد نور الهدى، المفتش العام السابق للشرطة (IGP)، إن القوانين في بنغلاديش “تمنح الشرطة سلطة استخدام القوة، وحتى إطلاق النار في ظروف معينة”.
“ولكن يجب أن يكون على مستوى متناسب أو مستوى منطقي، ولكن هل كان الأمر كذلك؟”، تابع متسائلاً عن ملابسات ما حدث في جامعة بيغوم رقية بعد ظهر الثلاثاء.
ومن المتوقع أن تقدم لجنة التحقيق المكونة من أربعة أعضاء تقريرها خلال أسبوعين.
التوظيف على أساس الجدارة
يجادل الطلاب بأن النظام الذي يحجز الوظائف لأقارب أبطال الحرب هو نظام تمييزي، ويريدون أن يكون التوظيف قائماً على أساس الكفاءة. يشار إلى أن بعض الوظائف تحجز أيضاً للنساء والأقليات العرقية وذوي الإعاقة.
وتعد الوظائف الحكومية في بنغلاديش ذات رواتب جيدة مقارنة بتلك الموجودة في القطاع الخاص، كما توفر أيضاً مزايا تقاعدية آمنة.
وأدان المتظاهرون حكومة رئيسة الوزراء الشيخة حسينة باستخدامها الخاطئ لنظام الحصص لملء الوظائف الحكومية المرغوبة بالموالين لها. وأدانت الشيخة حسينة عمليات القتل وأكدت أن الجناة سيقدمون إلى العدالة. وقالت في خطاب متلفز مساء الأربعاء، بعد يوم من الاشتباكات بين قوات الشرطة والمتظاهرين: “أدين كل جريمة قتل. وأعلن بحزم أن من ارتكبوا جرائم القتل والنهب والعنف – أياً كانوا – سأحرص على أن ينالوا العقاب المناسب”.
ولم تحدد كلمتها المسؤولية عن الوفيات التي وقعت يوم الثلاثاء.
لكن في مؤتمر صحفي يوم الأحد، وصفت رئيسة الوزراء حسينة معارضي نظام الحصص الوظيفية بـ “الرازكار”، المصطلح الذي يطلق للإشارة إلى المتعاونين مع الجيش الباكستاني خلال حرب 1971.
“يريدون كتم أصواتنا”
شهدت عدة مدن، بما في ذلك العاصمة دكا، هذا الأسبوع اشتباكات بين مؤيدي حركة مكافحة الحصص ومعارضيهم، وخصوصاً الجناح الطلابي للحزب الحاكم، رابطة عوامي، المعروف باسم رابطة تشاترا البنغالية (BCL).
وقالت روبايا شيرستا، الطالبة في جامعة دكا، لبي بي سي: “يريدون إسكات أصواتنا من خلال خلق حالة من الرعب في البلاد. إذا لم أحتج اليوم، فسوف يضربونني في يوم آخر. لهذا السبب أنا في الشارع لأحتج”.
ومع ذلك، تقول رابطة تشاترا البنغالية إن المحتجين يحاولون خلق “فوضى” في البلاد، وتتعهد بمقاومة أفعالهم.
وأوقفت أعلى محكمة في بنغلاديش نظام الحصص الحالي الأسبوع الماضي، لكن من المتوقع أن تستمر الاحتجاجات حتى إلغائه بشكل دائم.
وفي حديثه في تجمع حاشد، قال صدام حسين، رئيس رابطة تشاترا البنغالية، إن مجموعته تريد “إصلاحاً منطقياً” لنظام الحصص، وتساءل عن سبب “استمرار الطلاب في حركتهم” رغم قرار المحكمة.
وقال “لماذا يخلقون الفوضى في الشوارع؟”
وتعهد الطلاب يوم الخميس بمواصلة الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد مع إخلاء غالبية الجامعات الحكومية، وأعلن وزير تكنولوجيا المعلومات الفيدرالي أن الطرق والسكك الحديدية مغلقة، إضافة لتعليق الإنترنت عبر الهاتف المحمول مؤقتاً.
ردود أفعال الأحزاب السياسية
وصف الأمين العام لحزب رابطة عوامي الحاكم والوزير الكبير عبيد القادر الاحتجاجات الطلابية بأنها “حركة مناهضة للحكومة”.
وزعم كبار الوزراء أن المعارضين السياسيين للحكومة حرضوا على الاحتجاجات لتحقيق مكاسب خاصة بهم، وهو ما نفاه حزب بنغلاديش الوطني المعارض.
وتقول المحللة السياسية البروفيسور زبيدة نسرين لبي بي سي إن الحركة المناهضة للحصص هي تعبير عن “الغضب المتراكم” للعديد من الشباب في بنغلاديش.
وقالت أيضاً “يتم التعبير عن غضب الناس في مختلف المجالات من خلال حركة المحاصصة، ولهذا تشعر الحكومة بالتهديد”.