المغرب يلتزم بالتعاون متعدد الأطراف في إصلاح الهيكل المالي الدولي
أكد فوزي لقجع، الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية، أن “التحديات الاقتصادية والمالية التي يعرفها العالم باتت تفرض تفكيرا عميقا وعملا جماعيا لإصلاح الهيكل المالي الدولي”، مسجلا أن “توالي الأزمات والصدمات الاقتصادية العالمية، بدءا من جائحة كوفيد-19، وصولا إلى التوترات الجيوسياسية التي يشهدها العالم اليوم، ومرورا بالتغيرات المناخية التي تزداد حدتها بشكل متزايد؛ يسلط الضوء على أوجه القصور في الهيكل المالي العالمي الحالي ومدى صلابته في مواجهة هذه التغيرات”.
وأضاف لقجع، في كلمة له خلال مائدة مستديرة حول إصلاح الهيكل المالي الدولي، نظمتها وزارة الاقتصاد والمالية بشراكة مع ممثلية الأمم المتحدة بالمغرب، اليوم الجمعة بالرباط، أن “الهيكل المالي الدولي الذي وضعت لبناته الأولى قبل ثمانية عقود كان من المفترض أن يُعزز التكامل والاستقرار الاقتصاديين والماليين العالميين بناء على أسس وقواعد الشفافية، وتعزيز كفاءة العمليات التجارية وتوزيع الثروة بشكل عادل ومقبول اجتماعيا”.
وتابع المسؤول الحكومي ذاته بأن “التغيرات العميقة التي شهدها العالم منذ مؤتمر ‘بريتون وودز’ عام 1944 كشفت عن ضعف قدرة النظام المالي الدولي على التكيف مع بيئة اقتصادية ومالية متغيرة باستمرار، وبالتالي التصدي للأزمات، سواء الدورية منها أو النظامية، وأيضا اقتراح إطار عمل حقيقي متعدد الأطراف يُمكن الدول النامية من أن يكون لها هي الأخرى صوت دولي مماثل لصوت البلدان المتقدمة”.
وفي السياق نفسه أشار المتحدث ذاته إلى المقترحات التي تقدم به أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، ذات الصلة، التي قال إنها “تأتي في وقت مناسب من أجل إعادة فتح النقاش حول إعادة تصميم الهيكل المالي الدولي وجعله أكثر إنصافا، وأكثر استدامة، مع تمكينه من المزيد من المرونة”.
ولفت المسؤول نفسه إلى أن هذه المقترحات التي تأتي في إطار المساهمة في الأعمال التحضيرية لمؤتمر القمة المعني بالمستقبل، المزمع عقده في شتنبر المقبل، تؤكد أيضا “تظلمات بلدان الجنوب، التي تشعر بالتهميش عندما يتعلق الأمر بوضع هيكل النظام النقدي والمالي العالمي وقواعد تشغيله، ولذلك فإن هذه دعوة رسمية إلى تعزيز إشراك هذه البلدان وتمثيلها في عملية إصلاح النظام المالي العالمي، وإلى مراعاة توقعاتها المشروعة لتعزيز قدراتها على تمويل التنمية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة”.
وفي هذا السياق شدد الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية على أنه “بات من الضروري إجراء تغييرات في الرؤية المتعلقة بالنموذج التنفيذي والتنظيمي للمؤسسات المالية الدولية، من أجل زيادة مشاركة البلدان النامية في إدارة هذه المؤسسات، وبالتالي التأسيس لنهج جديد للتمويل التنموي يقوم على مراعاة الخصائص الوطنية، مع تشجيع مبادرات التكامل الإقليمي”.
وفي معرض حديثه عن التكامل والاندماج الإقليميين أشار الوزير ذاته إلى المبادرات التي أطلقتها المملكة المغربية لتعزيز الإمكانية الاقتصادية للقارة الإفريقية، على غرار “مشروع خط أنابيب الغاز بين نيجيريا والمغرب، الذي يمهد لتكامل أعمق لسوق الكهرباء الإقليمي، ويوضح الإمكانات الكاملة للتعاون الفعال بين بلدان الجنوب، من خلال تعزيز الأمن الطاقي في عشرات البلدان الإفريقية، وبالتالي المساهمة في استقرارها الاقتصادي والاجتماعي، من خلال خلق فرص العمل وتحسين القدرة التنافسية للنسيج الاقتصادي الإقليمي”.
كما أشار المسؤول الحكومي ذاته إلى المبادرة الأطلسية التي أطلقها الملك محمد السادس لتعزيز وصول دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، مسجلا في هذا الإطار أن “هذه المبادرة تهدف إلى تعزيز التكامل والتنمية في المنطقة من خلال تعزيز التعاون الاقتصادي لاستغلال الفرص المشتركة في القطاعات الإستراتيجية، بما في ذلك تطوير البنية التحتية والنقل الإقليمي”.
وأكد لقجع أن “المملكة المغربية، التي التزمت منذ أكثر من عقدين، بقيادة جلالة الملك محمد السادس حفظه الله، تدرك تماما أهمية القضايا المتعلقة بإصلاح الهيكل المالي الدولي”، وزاد: “كما أن بلدنا مقتنع بأن النهج متعدد الأطراف، القائم على التعاون والتضامن، هو وحده الذي سيمكن من مواجهة التحديات التي نواجهها، ولهذا السبب يؤيد المغرب تأييدا كاملا الجهود المبذولة على الساحة العالمية، ولاسيما من جانب الأمين العام للأمم المتحدة، لإصلاح الهيكل المالي الدولي”.
وأردف المتحدث ذاته: “إلى جانب هذه المبادئ التوجيهية سيستفيد إصلاح الهيكل المالي الدولي من التركيز على تفعيل المبادئ المنصوص عليها في إعلان مراكش، الذي تم تبنيه بمناسبة الاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي العام الماضي، بهدف الاستفادة من التعددية لصالح النمو الشامل والمستدام، والدعوة إلى العمل التعاوني العالمي من أجل مستقبل أفضل”، لافتا إلى أن “إعلان مراكش أكد على ضرورة تعزيز وتحديث التعاون العالمي من خلال تعزيز أداء النظام النقدي والمالي العالمي، وكذا تعزيز قدرته على التكيف، وتكييف هياكل الحوكمة العالمية مع متطلبات القرن الواحد والعشرين”.