أخبار العالم

منظمات غير حكومية بجنيف تفضح واقع مخيمات تندوف أمام مقررة الأمم المتحدة



استمعت المقررة الخاصة المعنية بالاتجار بالأشخاص، وخاصة النساء والأطفال، شيفان مولالي، إلى مطالب منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان بشأن وضعية مخيمات تندوف الواقعة بالجنوب الغربي للجزائر.

وفي حوار تفاعلي مع تقرير المقررة الخاصة المعنية بالاتجار بالأشخاص، وخاصة النساء والأطفال، الذي جرت مناقشته خلال أشغال الدورة الـ 56 لمجلس حقوق الإنسان بجنيف، اليوم الخميس، عبرت جمعيات مدافعة عن حقوق الإنسان عن قلقها البالغ من استمرار انتهاكات حقوق الإنسان وتفشي مظاهر الاتجار بالأطفال في مخيمات اللاجئين في تندوف الخاضعة لسيطرة ميليشيات البوليساريو المسلحة.

وقال زين العابدين الوالي، رئيس المنتدى الأفريقي للأبحاث والدراسات في حقوق الإنسان، إن مخيمات تندوف جنوب غرب الجزائر تعتبر “نموذجا صارخا لآفة الاتجار بالبشر من خلال ممارسات قيادة البوليساريو، التي تسيطر على هذه المخيمات منذ 1975، وبتفويض تام من النظام الجزائري”.

وأوضح زين العابدين الوالي أن إدارة البوليساريو “تمنع تأسيس أي إطارات حقوقية من شأنها رصد هذه الظاهرة المتفشية بين صفوفها والتبليغ عنها”، مشيرا إلى أن القيادة الانفصالية لا تزال تعامل فئة كبيرة من سكان المخيمات ذوي البشرة السمراء على أنهم “عبيد” يتم بيعهم وشراؤهم على نطاق منطقة الساحل والصحراء، خصوصا النساء والأطفال الذين يجدون أنفسهم معرضين لأبشع أشكال الانتهاكات، بما في ذلك الاغتصاب والأشغال الشاقة والتجنيد القسري في صفوف المجموعات الإرهابية وعصابات الجريمة المنظمة وشبكات تهريب البشر نحو القارة الأوروبية.

ومن بين أبشع مظاهر الاتجار بالبشر، وفق المتحدث نفسه، “تهجير مئات الأطفال سنويا من مخيمات تندوف نحو أوروبا، تحت ذريعة قضاء العطلة الصيفية، ليتم تسليمهم مقابل مبالغ مالية لعائلات أوروبية من أجل تبنيهم في بيئة غريبة عنهم، بعيدا عن أمهاتهم، دون أي مراعاة لصغر سنهم”.

رئيس المنتدى الأفريقي للأبحاث والدراسات في حقوق الإنسان اعتبر أن عمليات التهجير هاته تسبب مآسي إنسانية كحالة المسمى “ليمان ولد السول ولد الشيغالي”، الذي انتزعته قيادة البوليساريو من عائلته بمخيمات تندوف وسلمته لعائلة إسبانية، وخلال تواجده بإسبانيا تعرض لاعتداء أفضى إلى موته، ليتم بعد ذلك إحراق جثته حسب طقوس عائلة التبني بالرغم من معارضة عائلته الصحراوية التي طالبت بدفنه على الطريقة الإسلامية.

من جهته، قال عبد القادر الفيلالي، رئيس المركز الدولي للأبحاث حول الوقاية من تجنيد الأطفال، إن “تقارير موثوقة صادرة عن منظمات حقوق الإنسان الدولية وثقت الانتهاكات المنهجية لحقوق الأطفال في مخيمات تندوف، حيث يتم تجنيد القصر وتدريبهم كمقاتلين في المستقبل منذ سن مبكرة للغاية، مما يؤدي إلى سرقة طفولتهم وإخضاعهم لتلقين عقائدي مروع”.

واعتبر الفيلالي أن صمت الحكومة الجزائرية وتسامحها مع هذه الانتهاكات الجسيمة على أراضيها، أمر مقلق للغاية، وأكد أن الجزائر، باعتبارها البلد المضيف، تتحمل مسؤولية حماية حقوق الإنسان لجميع الأفراد داخل حدودها، بما في ذلك الفئات الضعيفة في مخيمات تندوف.

ودعا رئيس المركز الدولي للأبحاث حول الوقاية من تجنيد الأطفال مجلس حقوق الإنسان بجنيف إلى اتخاذ إجراءات فورية لمعالجة هذه الأزمة الإنسانية العاجلة، مطالبا أيضا جبهة البوليساريو بوقف جميع عمليات تجنيد واستخدام الأطفال في العمليات العسكرية، ودعم الحقوق الأساسية للأطفال في المخيمات.

وحث عبد القادر الفيلالي الحكومة الجزائرية على الوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي وضمان وصول مراقبي حقوق الإنسان المستقلين دون عوائق للتحقيق في هذه الانتهاكات وتوثيقها. وشدد على أن “حياة الأطفال البريئة معلقة في الميزان. ويجب ألا يظل هذا المجلس صامتا أمام هذه الانتهاكات. يجب السعي لتحقيق العدالة والمساءلة، ويجب استعادة كرامة هؤلاء الأطفال”.

ودعا تقرير المقررة الخاصة الحكومات والدول إلى اتخاذ جميع التدابير اللازمة لتحديد هوية الأطفال ضحايا الاتجار بالبشر ومساعدتهم وحمايتهم، وفقا لمبدأ عدم التمييز. كما شدد التقرير الأممي على تعزيز التدابير الرامية إلى إجراء تحقيقات فعالة في الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان والجريمة الخطيرة المتمثلة في الاتجار بالأشخاص، مذكرا بأن الاتجار بالبشر جريمة دولية.

وخلصت المقررة الخاصة المعنية بالاتجار بالأشخاص، وخاصة النساء والأطفال، شيفان مولالي، إلى “ضرورة ضمان إجراء تحقيقات مع الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية التي قد تكون ضالعة في الاتجار بالأشخاص، أو متواطئة فيه”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى