النفايات البلاستيكية تفضح مسؤولية المواطنين في تلوث الشواطئ والمنتزهات
تتصدر نفايات البلاستيك قائمة عوامل تلوث الشواطئ في المغرب، إلى جانب عوامل أخرى كالمياه العادمة، ما يطرح سؤال مدى وعي المواطنين المغاربة بأهمية وضرورة الحفاظ على البيئة، ويسائل فعالية وجدوى الحملات التحسيسية بهذا الخصوص، كما يسائل دور المجالس المنتخبة في توفير أماكن للتخلص من هذه النفايات.
ويأتي البلاستيك/البوليستيرين على رأس أنواع النفايات البحرية التي تم جمعها على المستوى الوطني، في إطار عملية رصد جودة مياه الشواطئ، سنة 2023، بنسبة 90.6 بالمائة، يليه الورق والورق المقوى بنسبة 2.3 بالمائة، ثم النسيج بـ1.9 بالمائة…
وتتوزع باقي المواد الملوثة للشواطئ على الخشب، والمعدن، والزجاج، والفخار، ونفايات النظافة، والنفايات الطبية، والمادة البرازية، والبرافين؛ وفق المعطيات الواردة في تقرير عن عملية الرصد المذكورة.
ويظهر، من خلال المعطيات الواردة في التقرير، أن النفايات البلاستيكية تزداد ضمن النفايات البحرية، إذ انتقلت من 86 بالمائة سنة 2020 إلى 88 بالمئة سنة 2021، ثم إلى 92.2 بالمائة سنة 2022، قبل أن تتراجع، بشكل طفيف، إلى 90.6 بالمائة سنة 2023.
وتظل مسؤولية المواطنين في تلويث البيئة، سواء الشواطئ أو المنتزهات، قائمة، بحسب إفادة نجية بلمقدم، متطوعة مهتمة بالبيئة، في تصريح لهسبريس، معتبرة أن “المواطنين يساهمون بشكل كبير في تلويث هذه الفضاءات، ومن جهة ثانية لا يوجد اهتمام كبير بهذا الجانب من طرف المسؤولين”.
وقالت بلمقدم، التي تقوم بعمليات لجمع النفايات والتحسيس بضرورة الحفاظ على نظافة البيئة، على مستوى منتزه ضاية الرومي، ضواحي الرباط: “نعاني بشكل مستمر من مشكل عدم حرص عدد من المواطنين على نظافة البيئة. هناك أشخاص يتعاطون الكحول ويرمون القنينات على الأرض، ونساء يتخلّصن حتى من الحفاظات وسط الفضاء المخصص للتنزه، عوض رميها في المكان المخصص للنفايات”.
الاستهتار بنظافة البيئة من طرف عدد من المواطنين أكده أيضا التقرير الوطني لرصد جودة مياه الاستحمام ورمال شواطئ المملكة؛ فإذا كان البلاستيك هو العنصر الأول الملوث للشواطئ فإن المنتجات المصنوعة من هذه المادة التي تم رصدها يرتبط أغلبها بالاستعمال الشخصي للمواطنين.
وبحسب التقرير ذاتها فقد تصدرت أعقاب السجائر، والسدادات وأغطية الأواني البلاستيكية، ومغلفات رقائق البطاطس والحلوى، الأصناف الفرعية العشرة الأولى من النفايات البحرية على المستوى الوطني، وذلك خلال الفترة ما بين 2021 و2023، إذ مثّلت 60 بالمائة من مجموع الأصناف المجمعة خلال السنوات الثلاث الفارطة.
محمد البوش، مدير المختبر الوطني للدراسات ورصد الأبحاث بوزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، عدّ سلوكات المواطنين من بين أهم أسباب تلوث الشواطئ، إلى جانب عوامل أخرى، كالمياه العادمة، معتبرا أن “ثمة حاجة إلى مزيد من التحسيس والتوعية بأهمية وضرورة الحفاظ على نظافة الشواطئ، والبيئة عموما، سواء في صفوف المواطنين أو المسؤولين”.
ورغم وجود جمعيات من المجتمع المدني تقوم بعمليات للتحسيس والتوعية فإن جهودها تجابه في أحيان بـ”لامبالاة” من طرف مواطنين.
في هذا الإطار قالت نجية بلمقدم، انطلاقا من تجربتها في منتزه ضاية الرومي: “نعمل على التواصل مع الجماعات المحلية لتوفير الحاويات، ولكنها تُسرق، وحاليا ندرس إمكانية توفير حاويات من الإسمنت، كما أنني أقتني أكياسا بلاستيكيا وأوزعها على الناس في المنتزه، منهم مَن يتفاعل إيجابا، ومنهم من ينصرف ويأخذ معه الكيس تاركا الأزبال في المكان الذي أقام فيه”.
ولتجاوز مشكل الملوثات البلاستيكية للشواطئ أوصى التقرير الوطني لرصد جودة مياه الاستحمام ورمال شواطئ المملكة بتشجيع الشركات على التصميم الإيكولوجي، لاستبدال المنتجات والتغليفات البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، لتسهيل إعادة تدويرها وتقليل النفايات البلاستيكية التي يمكن أن تصل إلى السواحل.