السريري: الأضحية سُنة بلا إجحاف
الثلاثاء 11 يونيو 2024 – 10:20
قال الفقيه المغربي مولود السريري، مدير مدرسة تنكرت العتيقة، إن سُنّة التضحية في عيد الأضحى قد “سقطت عن كثير من الناس”، وذلك في الحلقة 551 من شرحه مختصر خليل، أحد أبرز خلاصات الفقه المالكي، المذهب الإسلامي المعتمد بالمغرب.
وفي شرح ما ذكره “الشيخ خليل” من كون التضحية ينبغي ألا تجحف بالمُضحّي، أي ماله، بأن لا يحتاج ثمنها لضرورياته في عامه، ذكر الفقيه السريري أنه “لا بد من ثبوت هذه السنية، بأن يرتفع هذا المانع، فإن وُجِد فإن هذا الحكم حينئذ يتبدل، أي أن التضحية سنة عينية، بشرط ألا تجحف بهذا الشخص، وإذا كانت ستجحف بماله فإنه لا يخاطَب بها حينئذ، ومعنى ذلك ألا يكون محتاجا ثمنها في العام، طول العام، أما إذا كان سيضحي ويحتاج بعد شهر شراء الدقيق وما سيشتريه به ذهب في الخروف؛ فهذا مخالف لما قُرِّر شرعا”.
وتابع: “هي سنة (…) وعند الحنفية أدلتهم على أنها واجبة، لكن أدلتنا أرجح”، ومن شروطها “ألا تُجحف بالمضحي، أي بماله، أي بأن لا يحتاج ثمنها لضرورياته في عامه. ولكن الأعراف والعادات هي التي تحكم، بل من الناس من يبيع ما في بيته من أجل أن يشتري خروف العيد، خوفا من المواطنين (…) ومن الناس من تغلب عليه العاطفة إلى درجة الوقوع في الحرام، ويخاف أن يخرج الأطفال خارج البيت فيشمّوا رائحة الكباب، ويخاف عليهم من الاضطرابات، فيذهب إلى الحرام”.
ثم أردف قائلا: “هذا في الحقيقة لا يمكن أن يُحكم فيه بأمر واحد (…) فالإسلام ينظر إلى الأحوال. فإذا رأى الإنسان أن هذا سيجحف بماله وسيحتاج ثمنها… لكنه يخاف من أضرار لا تكاد تنتهي، بما في ذلك أن المرأة تهدده بالطلاق، ومن الناس من انتحر، قتل نفسه، يوم العيد للضغط النفسي يوم العيد”.
وأكّد الفقيه أن شرط التضحية “ألا يحتاج المضحّي ثمن الأضحية طول السنة؛ ألا يحتاج ثمن الزيت والدقيق وما يستر به نفسه من الثياب، وما يؤدي به الواجبات التي تلزمه مثل واجب الكراء، وما جرى مجرى ذلك مما يعد من الضروريات، والضروريات قد زادت في هذا الزمان، وما كان من الزمان الماضي من الكماليات صار في زماننا من الضروريات”.
ثم استرسل قائلا: “هي فرض على النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى الأمة سنة (…) وفهم الصحابة أنها سنة، فلم يكن أبو بكر، ولا عمر، ولا ابن عباس ممن يضحون، وتركوا أضحية العيد، وعُلّل ذلك بأنها قد أُخرجت عن كونها شعيرة، إذ ذهب بها الناس إلى التباهي والافتخار”.
ثم استدرك قائلا: “هؤلاء أصحاب سلطة، ولا سلطان للمجتمع عليهم، ولا سلطان إلا للدين عليهم، فلما رأوا أن الدين هنا قد مُسّت حقيقته بالمباهاة والافتخار وإخراج هذه الشعيرة عن أصلها، ترَكُوها، ليُعلِموا الناس أن هذا الذي يفعلونه ليس واجبا عليهم، إنما اختيار منهم وتعدّوا به على أنفسهم”.