خبراء يحذرون من إضعاف خصوبة التربة بالاستغلال الفلاحي غير المعقلن
يواجه المغرب، على غرار العديد من الدول الفلاحية، تحديات متعلّقة بتدهور التربة نتيجة الاستغلال غير المعقلن وتغير المناخ، ما يؤدي إلى إضعاف الإنتاج الفلاحي وتهديد الأمن الغذائي.
وفي هذا السياق نبّه وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، محمد صديقي، مطلع الأسبوع الماضي في كلمة عبر تقنية الفيديو، خلال الجلسة الافتتاحية للدورة الثانية عشرة للجمعية العامة للشراكة العالمية من أجل التربة، المنعقدة من 3 إلى 5 يونيو الجاري بروما، إلى التحديات المستمرة لتدهور التربة وتغير المناخ، مستحضرا جهود المغرب في تدبير تخصيب التربة والتسميد.
واعتبر عبد الله أبودرار، الأستاذ الباحث بالمدرسة الوطنية للفلاحة بمكناس، أن المغرب “يواجه تحدياً مضافاً للجفاف بشأن الفلاحة الوطنية يتعلق بالتربة، إذ إن ممارسات مجموعة من الفلاحين أدت إلى تدهور حالة التربة، سواء من ناحية خصوبتها أو من ناحية تأثير التعرية المائية والريحية عليها”.
فمن ناحية الخصوبة، يضيف أبودرار ضمن تصريح لهسبريس، “اعتاد الفلاحون على الإنتاج دون إعادة بقايا المحاصيل إلى التربة، بل يتم عوض ذلك استغلالها في تغذية الماشية أو أغراض أخرى، وينتهي الأمر بحرقها، الأمر الذي أدى إلى إضعاف نسبة المواد العضوية في التربة التي هي أساس خصوبتها، بحيث لا تتعدى 2 في المائة كمعدل في المغرب، بينما المطلوب أن تتجاوز 3 في المائة”.
ويرى الخبير الزراعي ذاته أن “ضعف المواد العضوية في التربة قد يؤدي إلى تدهور التنوع البيولوجي بها، وبالتالي تدهور صحتها وضعف إنتاجيتها”، منبّهاً إلى أن “الطرق التقليدية لتهيئة التربة التي تعتمد أساسا على الحرث تؤدي إلى انجراف التربة بفعل التعرية المائية والريحية، ما يؤثر على الطبقة السطحية التي تساهم في إضعاف الإنتاج الفلاحي وخصوبة التربة”.
وأشار المتحدث إلى أنه “نتيجة هذه الممارسات غير المعقلنة أطلقت وزارة الفلاحة برنامج الزرع المباشر الذي بلغ إلى حدود هذا الموسم 115 ألف هكتار، ويعتبر من الركائز الأساسية للزراعة التي تهدف إلى الإنتاج مع المحافظة على الموارد الطبيعية، خاصة التربة والماء”.
ويهدف البرنامج إلى الوصول إلى مليون هكتار من الزراعة الحافظة في أفق 2030، غير أن تنزيله يتطلب، وفق عبد الله أبودرار، “مجهودات جبارة ومواكبة مستمرة للفلاحين من أجل تبني هذا النمط الجديد من الفلاحة، وتوفير البذرات الخاصة بالزرع المباشر، مع تكوين الفلاحين في طريقة اعتماد هذا النمط الزراعي”.
من جانبه أبرز كمال أبركاني، الأستاذ بالكلية متعددة التخصصات بالناظور، أن المغرب توجه، في العقدين الأخيرين، إلى الزراعة المكثفة ذات الإنتاج الوفير “دون تغذية التربة بالأسمدة العضوية، الأمر الذي ساهم في عدم استكمال الدورة الزراعية”.
وأشار أبركاني، ضمن تصريح لهسبريس، إلى أن “أغلب الزراعات التي يتم اعتمادها في المغرب لا تخدم الدورة الزراعية للتربة، كتناوب المحاصيل، ما يؤدي إلى إنهاكها وتصبح حساسة تجاه عوامل التعرية، لاسيما في ظل غياب الغطاء النباتي الناتج عن قلة التساقطات”.
ويقترح الخبير الزراعي ذاته “تعزيز اعتماد الزرع المباشر والاستنبات المعقلن والزراعة الحافظة كحلول للحفاظ على استدامة التربة المغربية لسنوات طويلة، فضلا عن استغلال التكنولوجيات الحديثة في رصد التربة المعرضة للتعرية ومعالجتها”.