خان يونس: شهادات من جنوبي قطاع غزة تكشف حجم الدمار الذي لحق بالمنطقة جراء الحرب
بدأ فلسطينيون نازحون بالعودة إلى مدينة خان يونس والمناطق المحيطة بها، بعد إعلان الجيش الإسرائيلي الانسحاب من جنوب قطاع غزة منها، وتأتي محاولة عودة الفلسطينيين بعد النزوح إلى مدينة رفح في أقصى الجنوب، بناء على أوامر إخلاء وجهتها إسرائيل منذ أشهر لسكان تلك المناطق.
وحل دمار كبير في البيوت والأبراج السكنية جراء توغل القوات الإسرائيلية وجراء “الاشتباكات العنيفة” بين الجيش الإسرائيلي والفصائل الفلسطينية المسلحة، وعلى رأسها “كتائب القسام” الجناح العسكري لحركة حماس.
وتصاعدت في بداية ديسمبر/كانون الأول الماضي، وتيرة القصف على مناطق جنوب غزة، حين شنت إسرائيل غارات جوية مكثفة على مدينة خان يونس جنوبي القطاع، وأعلنت في الخامس من ديسمبر/كانون أول عن تقدم قواتها في المنطقة. ومنذ ذلك الحين، عاشت المدينة وسط قصفٍ متواصل، والذي طال حتى المؤسسات الحيوية كمستشفى ناصر الذي تعرّض لقصفٍ في مارس/آذار، وذلك بزعم استخدامه لأغراض عسكرية من قبل حماس.
وكانت المنطقة المحيطة بمستشفى ناصر – قبل الحرب – مكتظة بالسكان، ومليئة بالحياة والنشاط، حيث كانت الشوارع مليئة بالمخابز والمساجد وملعب كرة القدم المحلي. لكن صور الأقمار الاصطناعية التي التقطت في الثالث من أبريل/نيسان الجاري، أظهرت مساحات واسعة تحولت إلى ركام في المنطقة.
في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني، كان الملعب البلدي في خان يونس يضج بالحياة والأمل، لكنه الآن مغطى بالركام وتحوّلت الأحياء المحيطة به إلى أنقاض.
أما مستشفى ناصر فلا يزال قائمًا، لكنه توقف عن العمل بعد الغارات الإسرائيلية في فبراير/شباط، وتم تدمير البنية التحتية للمنطقة بشكل واسع، بما في ذلك شبكات المياه والخدمات الأساسية الأخرى.
ويعيش النازحون العائدون إلى المنطقة الآن في خوف مستمر من القصف الجوي، ويقول أحمد أبو حية، أحد النازحين من خان يونس، لبي بي سي، إنه سيعود إلى مدينة رفح لأن “الوضع أصبح مخيف”.
ويقول بعض من نزحوا إنهم لا يستطيع العودة إلى بيوتهم بسبب الدمار الذي لحق بها، فيتجهون إلى البحث عن مأوى لهم ولعائلاتهم عند الأقارب الذين لم تسلم بيوتهم من الدمار أيضاً، وتُشير الفلسطينية حميدة أبو عنزة، لبي بي سي، أن بيتها “مدمر بشكل كامل وتحاول الذهاب إلى بيت والدتها رغم أن الطريق محفوفة بالخطر”.
وتعرضت غالبية بيوت المنطقة لتدمير شامل، حيث أصبح بعضها أشبه بالأنقاض، بينما أصيبت البيوت الأخرى بتصدعات خطيرة تهدد بانهيارها في أي لحظة، نتيجة الصواريخ والقذائف التي سقطت عليها، وأكد أحد الفلسطينيين الذين عادوا إلى خان يونس، لبي بي سي، أنه لن يغادر “رُكام منزله”.
غياب مؤسسات الإغاثة الدولية
ويشهد قطاع غزة أيضاً، غياب المؤسسات الدولية التي تعمل على تقديم المساعدة الإنسانية والإغاثة للمتضررين، فقد أعلنت بعض هذه المؤسسات تعليق عملها في القطاع بسبب التضييقات التي تفرضها إسرائيل على عملها على حد قولها، مما يترك الفلسطينيين في حاجة ماسة إلى المساعدة والدعم الدولي.
يُعد غياب المؤسسات الدولية الفاعلة والتي تعمل على توفير الإغاثة والخدمات الأساسية للسكان المحليين، خاصةً في ظل الظروف القاسية التي تشهدها المنطقة، مصدر قلق كبير للمجتمع الدولي. إذ تعتبر هذه المؤسسات جزءاً أساسياً من الجهود الإنسانية العالمية للتخفيف من معاناة السكان المتضررين من الصراعات والكوارث الطبيعية.
وتفرض إسرائيل قيوداً على عمل المؤسسات الدولية في القطاع، من خلال تقييد حركتهم ونشاطهم، وهذا يعرقل بشكل كبير الجهود الإغاثية والإنسانية؛ ويعاني السكان المحليون بسبب هذه التضييقات، حيث يجدون أنفسهم معزولين عن المساعدة الضرورية التي قد تخفف من معاناتهم اليومية.
وتُعبر العديد من المنظمات الدولية عن قلقها إزاء هذا الوضع، مؤكدة على ضرورة فتح المسارات الإنسانية وتمكين المؤسسات الدولية من الوصول إلى المناطق المتضررة وتقديم المساعدة للمحتاجين دون عوائق.
بالإضافة إلى ذلك، تؤكد هذه المؤسسات على ضرورة احترام القانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان، وعلى جميع الأطراف المعنية بالنزاع الالتزام بهذه المبادئ الأساسية، من أجل حماية السكان المدنيين وتخفيف معاناتهم في ظل الظروف القاسية التي يواجهونها.