“الداخلية” تفشل في إخماد الغضب بفكيك
ما زالت الأزمة المخيّمة على مدينة فكيك بسبب رفض السكان انضمام جماعة المدينة إلى الشركة الجهوية متعددة الخدمات، تراوح مكانها، إذ لم يفلح اللقاء الموسع الذي احتضنه مقر عمالة بوعرفة، بحضور والي الجهة ومسؤول من وزارة الداخلية وممثلي المجلس الجماعي وممثلي السكان، في إقناع هؤلاء بجدوى الانضمام إلى الشركة التي أحدثت في إطار تفويض تدبير خدمات توزيع الماء الصالح للشرب والكهرباء والتطهير السائل.
ودخلت وزارة الداخلية على خط احتجاجات ساكنة فكيك، التي بلغت شهرها الخامس، إذ انتدبت العامل مدير الشبكات العمومية المحلية لحضور اللقاء التواصلي الذي احتضنه مقر عمالة إقليم فكيك بمدينة بوعرفة، يوم الخميس الماضي، غير أن العروض التي قدمها المسؤولون المعنيون لم تبدد مخاوف السكان المعارضين للانضمام إلى الشركة الجهوية متعددة الخدمات.
وتم افتتاح اللقاء، وفق إفادة مصادر حضرته، بعرض شرح فيه مسؤولو ولاية الجهة الشرقية “إيجابيات الشركة متعددة الخدمات”، والاختلالات التي يعرفها تدبير خدمة الماء الشروب في المدينة، الذي تتولاه حاليا الجماعة، ثم تدخل العامل مدير الشبكات العمومية المحلية بوزارة الداخلية الذي صبّ تدخله في الاتجاه نفسه.
وبحسب المصادر ذاتها، فإن ممثلي السكان “سجلوا تناقضا بين ما صرح به العامل مدير الشبكات العمومية بالداخلية، الذي قال إن تسعيرة الماء لن تُمس، حيث يؤدي السكان في فكيك فواتيرهم كل ثلاثة أشهر، بخلاف باقي المدن التي تؤدى فيه شهريا، وتصريح وزير الداخلية في البرلمان، الذي أكد أن تسعيرة الماء التي سيتم اعتمادها بعد تفويض تدبيره إلى الشركات الجهوية متعددة الخدمات، ستكون تسعيرة وطنية”.
العامل مدير الشبكات المحلية بوزارة الداخلية سعى أيضا في عرضه إلى إقناع ممثلي سكان فكيك بأن الفرشة المائية المخصصة للسقي الزراعي لن تُمس، وأن الشركة متعددة الخدمات سيقتصر مجال تدخلها على مياه الشرب، غير أن ممثلي السكان اعتبروا أن “هذا التطمين غير مُقنع، لأن الماء الذي نستعمله في الفلاحة هو نفسه الماء الذي نشربه، ولا يمكن الفصل بينهما”، بحسب إفادة مصدر من “التنسيقية المحلية للترافع على قضايا مدينة فجيج”.
هذه الأخيرة أصدرت بيانا إلى الرأي العام، قالت فيه إن اللقاء التواصلي الذي ترأسه والي جهة الشرق، “لم يُعطَ فيه الوقت الكافي للمتدخلين للتعبير عن آرائهم بكل أريحية لإيصال ما كنا نريد تبليغه للمبعوث المركزي لوزارة الداخلية”، بينما قال مصدر حضر اللقاء إن المدة التي تم تخصيصها لكل متدخل من ممثلي السكان “لم تتعدّ ثلاث دقائق”.
واعتبرت التنسيقية المذكورة أن اللقاء “لم يأت بجديد بخصوص ما كانت تعرفه ساكنة فجيج عن مشروع القانون 83/21 ما عدا إعطاء فرصة للإعلام الرسمي لتمرير ما يريده للرأي العام والتطبيل له”، وأن “التخوف الحقيقي للساكنة نابع من وعيها بتفاصيل المشروع التي ستتضمنها مراسيم تنزيله”.
وذهبت التنسيقية ذاتها إلى القول “إن كل التطمينات التي أوردها المتدخلون لا تعدو أن تكون مجرد كلام غير موثق ولا مؤشر عليه”، منتقدة السعي إلى تقديم “صورة جد قاتمة ومخيفة وغير واقعية عن تدبير مرفق الماء الصالح للشرب من طرف جماعة فكيك، قصد إقناع المسؤولين بصواب قرار المكتب المسير بالانضمام للشركة الجهوية متعددة الاختصاصات”.
في هذا الإطار، قال عبد السلام الكوش، عضو فريق المعارضة بجماعة فكيك، إن “السلطات تتحدث عن وجود اختلالات في تدبير جماعة المدينة للماء الشروب، وأن الفريق المكلف بهذا القطاع لا يتعدى موظّفيْن وتقنيّين، ولكنها (السلطات) تتناسى أن المجلس سمح خلال العامين الأخيرين بانتقال 6 موظفين كانوا يعملون في مصلحة تدبير الماء الشروب”.
وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، أن السلطات تتحدث أيضا عن مشكل تراكم فواتير استهلاك الماء الشروب غير المؤداة، التي بلغت قيمتها، إلى غاية متم دجنبر الماضي 200 مليون.
وتعليقا على ذلك، اعتبر الكوش أن المجلس الجماعي يتحمل مسؤولية استخلاص الفواتير التي لم تُؤدّ إلى غاية شهر أكتوبر الماضي، في حين إن عدم أداء الفواتير بعد ذلك إلى الآن، كان باتفاق السكان، في إطار نضالهم ضد الانضمام إلى الشركة الجهوية متعددة الخدمات، مشيرا إلى أن السكان “سيؤدون فواتيرهم عندما تتم الاستجابة لمطلبهم المتعلق بالتراجع عن هذا القرار”.
وكانت جماعة فكيك قد قررت الانضمام إلى مجموعة الجماعات الترابية “الشرق للتوزيع”، وهو ما خلف رفضا واسعا من طرف المعارضة بالمجلس، ومن طرف ساكنة المدينة، بذريعة أن تفويض تدبير قطاع الماء للشركات الجهوية متعددة الاختصاصات يعني عمليا خوصصة هذه المادة الحيوية.
وقالت “التنسيقية المحلية للترافع على قضايا مدينة فجيج” إن استقالة المستشارين الرافضين “أصبحت جد واردة في انتظار الوقت المناسب لذلك، ردا على تعامل المكتب المسير معهم بخصوص إدراج نقطة الانسحاب من الشركة في دورة استثنائية أو عادية”، وهو ما أكده عضو المعارضة، عبد السلام الكوش، في تصريح لهسبريس.
هذا الأخير قال إن مسألة استقالة المستشارين الرافضين لقرار الانضمام إلى الشركة الجهوية متعددة الاختصاصات بالجهة الشرقية، مطروحة، وإنهم ينتظرون فقط أن تبتّ المحكمة الإدارية في الدعوى التي رفعوها ضد المكتب المسير لجماعة فكيك، بسبب “الخروقات التي شابت تمرير قرار الانضمام إلى الشركة متعددة الاختصاصات”.
وأفاد المتحدث ذاته بأن المحكمة الإدارية استمعت إلى رأي المكتب المسير للمجلس، على أن تنعقد جلسة أخرى يوم الأربعاء المقبل للاستماع إلى ردود المعارضة.