“تيك توك” يجذب 23 مليون مغربي .. والمحتوى الهادف متوفر
حرّكت خطوة اتجاه الولايات المتحدة الأمريكية إلى حظر تطبيق التواصل الاجتماعي “تيك توك”، بعد موافقة مجلس النواب الأميركي بأغلبية كبيرة، الأربعاء الماضي، على مشروع قانون بهذا الصدد، النقاش في المغرب مرة أخرى بخصوص الدعوة المتكررة إلى “حظر هذا التطبيق نهائيا”، نتيجة “الفضائح والمحتويات الرديئة والحاطّة من الكرامة التي صارت هي الأصل في هذه المنصة”.
ولا يفوّت الداعون إلى حظر التطبيق الصيني بالمغرب أيّ فرصة يعودُ فيها النقاش إلى الواجهة ليعلنوا تمسكهم بضرورة “الحظر”، مع أن “هذه الفكرة الحالمة والموضوعيّة” تبدو “صعبة التحقق” بالنسبة للعديد من التقنيين المختصّين في النظم الرّقمية، الذين لم ينكروا أن “المحتوى الهادف موجود، وإعادة الطرافة إلى ‘تيك توك’ تتمّ من المدخل القانوني ابتداءً”.
الحضور المغربي
حسن خرجوج، متخصّص في التسويق الرقمي والتطوير المعلوماتي، قال في تصريح لهسبريس إن “المغرب ليست له مكانة الولايات المتحدة الأمريكية ولا مكانة الصين أو روسيا، لأن هذه الدول قوية تقنيّا، بينما الرباط لا تصنع التقنية وإنما تستهلكها”، موضحاً أن “الحجب، بهذا المعنى، يعدّ مطلباً رومانسيا، لاسيما حين نعرف أن ‘تيك توك’ يستعمله نحو 23 مليون مغربي؛ ما يجعل محو التطبيق مكلفاً”.
ولفت خرجوج، في تصريحه لهسبريس، إلى “توقيع المغرب على العديد من الاتفاقيات التي تسطر على حقوق الإنسان وحرية التعبير، وبموجبها يعتبر الإبحار في منصات رقمية اجتماعية حقا أساسيا”، مؤكداً أن “الإبحار يجعل العديد من المغاربة يصادفون محتويات هادفة في ‘تيك توك’، بمعنى أنه فضاء رحب لهذا المحتوى، وليس رافضاً له”، وزاد: “هيمنة المحتويات الضّحلة مرتبط بالمستهلك، فترويجها يتمّ وفق اختيارات الأخير وميوله”.
ورجّح المتخصص في التقنية والنظم الرقمية أن “تُقنن الدولة صناعة المحتوى بإصدار قانون واضح، خصوصاً في الشقّ المتعلق بالاتجار بالبشر الذي يتم في هذه المنصة”، داعياً “الجمعيات المختصة في حماية الطفولة إلى أن تتدخل أيضا لتحصين حياة الأطفال من الاستغلال الرقمي”، وزاد: “تيك توك منصة محايدة، وبالتالي علينا أن ندعم الكفة لتميل في اتجاه المحتوى السليم والنظيف على كافة الأصعدة”.
مدونة الأخلاقيات
مصطفى الملوي، رئيس المرصد الوطني للسيادة الرقمية، صرّح لهسبريس بأن “منطق الحظر لا يستقيم، وهو مطلب تقنيّا وعمليا صعب”، وزاد: “المغرب لا يستطيع أن يتجه نحو الحظر الكلي لتطبيق يتنفّس الحرية”، مؤكدا أن “الضروري هو الاشتغال على تجويد المحتوى الذي يمس بالسمعة الرقمية للمغرب، ويتعاكس مع الطفرة التي تبلغها المملكة، ونواصل تسويقها للعالم”، وتابع: “انحدار المحتوى الذي يشوش على هذه الصورة يتحمل الجميع مسؤوليته”.
“الحكومة والمجتمع المدني يواجهان تحديات تكريس تجربة رقمية آمنة ومفيدة وتقطع مع الممارسات المشينة والمحتويات المسيئة لقيم المغاربة”، يقول الملوي، مفيداً بأن “الظرفية تحتاج إلى ترسانة قانونية صارمة تضرب بيد من حديد من يخرقون الممارسات التي يتعين وضعها كشروط شاملة للجميع ومجردة وعامة”، وأضاف: “يمكن أن نفكر كذلك في مدونة أخلاقيات للرقمية”.
وعلى غرار خرجوج، أكد رئيس المرصد الوطني للسيادة الرقمية أن “تيك توك هو مجال للمحتوى الهادف، وعلينا أن نفتح الباب لفضاء نحترم فيه الحريات ولكن نقوّي فيه المحتوى الهادف أكثر من ذلك التجاري الذي يتسبب في هذه الأعطال القيميّة”، خاتماً بأن “طغيان المضمون الذي له علاقة بثقافة الفضيحة صار غير مرغوب فيه بشكل يشبه الإجماع؛ يتعين إذن أن نسمح للشرط الهادف أن يظهر أكثر ويكون هو المرجع والأصل”.