جمعيات حماية المستهلك تنبه إلى “إغراق القطاع الفلاحي” بالدعم الحكومي
حذرت جمعيات حماية المستهلك من الطلبات التي صارت كثيرة في الفترة الأخيرة داخل القطاع الفلاحي تحديدا، لاسيما في ما يتعلق بـ”الدعم الحكومي”، الذي تعتبره الفعاليات ذاتها “اتجاها نحو خلق قطاع ريعي بامتياز، تساهم به الدولة في إثراء المهنيين، لكن دون أي أثر على جيوب المواطنين”؛ فـ”القطاعات الإنتاجية التي خُصصت لها إعانات مازالت أسعار منتجاتها النهائية متذبذبة وغير مستقرة”، حسبها.
وجاء هذا “التحذير” بعدما سعت هسبريس إلى استقاء تصور “حماة المستهلك” لهذا الدعم، عقب تطرق جمعية وطنية لمربي الدجاج أخيرا إلى “وضع حدّ للاحتكار بمراجعة أثمان الأعلاف المركَّبة؛ فرغم تراجع أسعار مُدخلات إنتاج الأعلاف في السوق العالمية إلا أن سعرها في المغرب لم يعرف تراجعاً، رغم الدعم المقدم للقطاع الفلاحي بمبلغ 10 مليارات درهم من طرف الحكومة، الذي لم يصل إلى المربّي”، قبل أن تتساءل عن “مصير هذا الدعم ومدى استفادة هذه الفئة من مهنيي الدواجن منه”.
“إغراق القطاع”
أحمد بيوض، الرئيس المؤسس لجمعية “مع المستهلكين”، رفض هذا “الإغراق الذي صار يحدث للقطاع الفلاحي بما يسمى الدعم الحكومي”، معتبراً أن “القطاع الفلاحي كان معروفا منذ عقود أنه قطاع ريعي، أي لا يدفع الضرائب، ويستفيد من مجموعة من الامتيازات التي كان يتعين أن يستفيد منها المواطن”، وزاد: “لا يحقّ لكل تنظيم بيمهني أن يطالب بالدعم، في وقت ينتفي الأثر المادي”.
وحذّر بيوض من “مُواصلة فتح باب الدعم الحكومي على مصراعيه أمام الفاعلين في القطاع الفلاحي، فكل مرة تظهر دعوة جديدة”، مردفا: “مرت أزيد من سنة من اعتماد الدّعم، ولاحظنا كيف ظلّت الأسعار مُلتهبة. سياسة ليّ ذراع الدولة التي يقوم بها بعض الفاعلون القطاعيون في الفلاحة لا بدّ أن تتوقف، لكون التوجه الاقتصادي واضحا، وهو أن المغرب يعتمد مبدأ المقاولة الحرة والمنافسة، والمغامرة. يمكن للدولة أن تُؤهّل قطاعا، لكن ليس أن تدعمه ماديا بلا تصور واضح”.
ولفت الفاعل في مجال حماية المستهلك إلى “ضرورة ألا توزّع أموال المغاربة في ثوب دعم حكومي، حتى وراء حقيقة الجفاف، التي مازال يتخذها المهنيون مطية للمطالبة بالدعم”، مشيراً إلى “ملحاحيّة أن نرفع من درجة المراقبة في هذه القطاعات الإنتاجية إلى الحد الأقصى، لنعرف مدى دقة ما يتم التصريح به من خسائر وتتبع كلفة الإنتاج الحقيقية، لأنه لا يستقيم أن نخصص دعما حكوميا في ظل حرية الأسعار”.
“تنظيمات متوحّشة”
عبد الكريم الشافعي، نائب رئيس الجامعة المغربية لحماية المستهلك بالمغرب، ورئيس الفيدرالية الجهوية لحقوق المستهلك بجهة سوس- ماسة، قال إن “الإشكال الذي لاحقَ الدعم متّصل بهيمنة التنظيمات المهنية الكبرى، التي تجمع فقط التّجار العمالقة، وهو ما جعل الدعم الحكومي بعيداً عن النتائج المرجوة منه، وهو أن ينعكس على القدرة الشرائية للمستهلك المغربي الذي واجه موجة غلاء غير مسبوقة هشّمت مختلف قدراته على التحمل”.
وأضاف الشافعي أن “الدعم يجب أن يتوقف إذا كانت آثاره ماديا منتفية”، محذرا من “تجار الأزمات، الذين مازالوا يواصلون الضغط لمحق المُنتج الصغير والسيطرة على السوق والاستفراد بإنتاجية قطاع معين”، وزاد: “المغرب يعد بلدا فلاحيا، وأتصور أن فلسفة الدعم تتعين إعادة النظر فيها كليا وإيقافها مؤقتا، قصد إطلاقها بشكل مرحلي فقط لتأهيل الفلاحين والمهنيين الصغار، أما الدعم الحالي فهو فاشل لا ينعكس إيجابا على جيوب المستهلك، والدولة واعية بذلك”.
ولفت المصرح لهسبريس إلى أن “تدبير هذا القطاع سيحتاج جهدا كبيرا وسيتطلّب عملا جد مكلف، لأننا نتحدث عن إرث كبير، فنحن سنواجه صعوبات مادمنا نواصل استيراد اللحوم والأعلاف والحليب، عوض تقوية وتثمين الإنتاج الوطني”، خاتما بقوله: “المستهلك يدفع الضرائب، وأي دعم حكومي يتم صرفه من هذه الضرائب لابد أن يكون في مصلحة المواطن المغربي. الفاعلون المهنيون الكبار سيفكرون حصرا في الربح، وهو ما يجب أن تنسفه الحكومة”.