أخبار العالم

“البوليساريو” تتسلق على النضال الفلسطيني لإعادة إحياء المشروع الانفصالي



بعدما استنفدت كل أوراقها السياسية، وفشلت في تجديد خطابها المضاد للخطاب السياسي الدولي الذي يؤمن بالوحدة والاستقرار، لجأت جبهة البوليساريو في الآونة الأخيرة إلى توظيف القضية الفلسطينية تزامنا مع تطور الوضع في الشرق الأوسط، وذلك من أجل إعادة إحياء مشروعها الانفصالي وإيديولوجيتها التي تجاوزها الواقع السياسي والاقتصادي الجديد الذي ثبّته المغرب في صحرائه.

مناسبة هذا القول هي خروج ما تسمى “حكومة الجمهورية الصحراوية” الوهمية ببيان أشادت من خلاله بقرار محكمة العدل الدولية بشأن الدعوى التي تقدمت بها راعيتها، جنوب إفريقيا، ضد إسرائيل، دون أن يفوت الانفصاليين أن يربطوا قضيتهم المزعومة بالقضية الفلسطينية.

واعتبر المصدر ذاته أن “هذا القرار هو انتصار للقانون الدولي وتذكير بأنه لا توجد دولة فوق القانون”، مناشدا من أساهم “المدافعين عن النظام الدولي” “اتخاذ التدابير اللازمة لمحاسبة المغرب على الجرائم المرتكبة ضد الشعب الصحراوي”، ومتناسيا مسؤولة الجبهة عن الجرائم المرتبكة ضد السكان المحتجزين في مخيمات تندوف، ومتابعة قيادييها، وعلى رأسهم إبراهيم غالي، أمام القضاء الإسباني بمجموعة من التهم الخطيرة؛ أضف إلى ذلك الصلات والروابط التي تجمع الجبهة بالتنظيمات الإرهابية في المنطقة.

تفاعلا مع الموضوع ذاته، قال محمد سالم عبد الفتاح، رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، إن “الجبهة الانفصالية تحاول السطو على خطاب القضية الفلسطينية وتوظيفه بشكل بئيس ومبتذل في تحقيق أجندة مشروعها الانفصالي، غير أن هذه المحاولات تدحضها الفوارق الكبيرة والشاسعة بين القضية الفلسطينية وقضية النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية”.

وأشار المتحدث ذاته إلى أن “القضية الفلسطينية تتعلق بالوجدان الوحدوي القومي العربي، وبمنطلقات دينية وحقوقية إنسانية، فيما قضية الانفصال تعوزها الحجة التاريخية، وتصطدم بالامتداد الطبيعي والاجتماعي والحضاري لساكنة الأقاليم الجنوبية بمركز الدولة المغربية”، لافتا إلى أن “توظيف البوليساريو قضية فلسطين في خطابها يفضح في الحقيقة إفلاس المشروع الانفصالي وتراجعه، بحيث لم تعد الجبهة تجد ما تروجه له بعدما استنفدت مخزون خطابها السياسي والدعائي”.

كما أوضح عبد الفتاح، في حديثه مع هسبريس، أن “التوظيف السياسوي للقضايا العادلة من طرف قيادات الانفصال في تندوف، سواء من خلال بياناتهم أو خطابهم السياسي والإعلامي، دليل صريح على افتقار الطرح الانفصالي إلى أي رؤية ذات بعد إستراتيجي، بحيث تحاول البوليساريو استغلال بعض الأحداث الدولية ومآسي الشعوب من أجل إعادة إحياء طرحها الذي لم يعد يُطرب أحدا، وبات الجميع مقتنعا بعدم جدواه، بل وكونه عائقا أمام تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة”.

من جانبه، قال علي بيدا، رئيس الفرع الجهوي لـ”المركز الدولي للدفاع عن الحكم الذاتي بجهة العيون الساقية الحمراء”، إن “هذا البيان دليل وتأكيد آخر على حالة الضعف التي تعيشها البوليساريو وحليفتها الجزائر، ونوع من التلويح بأشياء تعي قيادة البوليساريو جيدا أن تحقيقها مستحيل على الأقل في هذه المرحلة التي وصفتها هي نفسها بالمنعطف الخطير، في إشارة إلى قوة الدبلوماسية المغربية والانتصارات المتوالية التي تحرزها تحت القيادة الرشيدة للملك محمد السادس”.

وأوضح المتحدث ذاته أن “تلويح الجبهة الانفصالية بامتلاكها أوراق ضغط وأسلحة سيتم تفعليها في أي لحظة يحيلنا على كذبة امتلاكها الطائرات الحربية المسيرة”، مشيرا إلى أن “البوليساريو تحاول بهكذا بيانات ومناورات أن تقارن نفسها بفلسطين، مع العلم أنه لا بد من استحضار مبدأ أساسي ومهم جدا في مثل هذه الوضعيات، إذ لا مقارنة ولا قياس مع وجود الفارق، فالقضية الفلسطينية تختلف شكلا ومضمونا عن قضية النزاع المفتعل حول مغربية الصحراء، فالأولى مرتبطة بتحرير أرض يغتصبها الاحتلال، والأخيرة قضية تتعلق بالتغرير بمجموعة بشرية من طرف نظام العسكر الجزائري على أساس تجسيد أفكار انفصالية مستحيلة وغير واقعية”.

وخلص المصرح لهسبريس إلى أن “بيان قيادة البوليساريو لم يخرج عن سياق بيع الوهم للصحراويين، والحالة هنا أنه رسالة موجة إلى ساكنة مخيمات تندوف، في محاولة يائسة لتوجيهها نحو معركة قانونية بين آلاف الأقواس ستحقق انتصارات لن ترى النور سوى في إعلام البوليساريو والجزائر، إلى جانب محاولة تبرير فشلها في الحرب المزعومة التي تسوقها للصحراويين وغيرهم ممن يساندون أطروحة الانفصال”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى