مخدرات واغتصاب وقتل في مدينة تصطاد الأمريكيين بتطبيقات المواعدة
سلسلة من حوادث الموت الغامضة، طالت عدد من الأمريكيين في كولومبيا، وقد تكون مرتبطة باستخدام تطبيقات المواعدة. ويبحث أقارب الضحايا اليوم عن الحقيقة بشأن ما تعرضوا له، كما يوضح هذا التقرير الذي كتبته أوستن من مدينة ميدلين الكولومبية.
كان تو غير شيونغ يحب السفر إلى كولومبيا.
ويقول عنه شقيقه، إيه شيونغ: “كان يتحدث عن ناس يتمتعون بحيوية كبيرة، ويحبون الحياة، إلى درجة أنه تعلم الإسبانية”.
ويضيف “لم يخطر ببالنا أبدا أن حياته سنتنهي بهذه الطريقة المأساوية”.
ويبلغ تو غير من العمر 50 عاما، وهو كوميدي من مينيسوتا، وناشط في مجتمع الهمونغ الأمريكيين، وهم مجموعة عرقية هاجرت من شرق وجنوب شرق آسيا. وقبل سفره الأخير إلى ميدلين، كان يتحدث مع امرأة على الإنترنت.
بعد أسابيع قليلة من رحلة المقررة لشهرين، وفي منتصف ديسمبر /كانون الأول، اتصل بأخيه وطلب منه 2000 دولار، ولكنه لم يقل له لماذا يريد المبلغ، وما إذا كان في ورطة. وقال إيه إنه حول المبلغ، ولم من يسمع عن أخيه مرة أخرى.
وفي اليوم التالي عثرت الشرطة على جثة تو غير في منقطة أحراش نائية عن المدينة. وعرف إيه من صديق لأخيه في ميدلين أن أخاه تعرض إلى الاختطاف، وأخذ منه مبلغ 2000 دولار تحت تهديد السلاح.
وقال إيه: “لم أصدق ما حصل. تفطر قلبي”.
وسارع إيه إلى الاتصال بالسفارة الأمريكية التي أكدت له أن الجثة جثة أخيه. واعتقلت الشرطة الكولومبية امرأة ورجلين اثنين على علاقة بمقتله، واتهمتهما بالاختطاف والقتل.
ولا أحد يعرف ما إذا كان التقى المرأة عن طريق تطبيق المواعدة أو عن طريق أصدقاء آخرين. ولكن مقتله هو الثامن من نوعه، لذلك حذرت السفارة الأمريكية من مخاطر استعمال تطبيقات المواعدة. كما أن جميع الضحايا أمريكيون قتلوا في ظروف غامضة في نوفمبر/ تشرين الثاني وديسمبر/ كانون الأول.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إنها على علم بوجود عصابة في المدينة سبق لها أن استعملت تطبيقات المواعدة للانفراد بالضحايا واختطافهم ثم قتلهم. ولكن لا دليل على أن هذه العصابة هي التي قتلت الأمريكيين.
وخلال الـ 10 أشهر الأولى من عام 2023، أحصى مرصد السياحة في ميدلين 32 حادث قتل عنيف، استهدفت السياح الأجانب في المدينة، بينهم 12 أمريكيا، على الأقل، و3 من بريطانيا، بارتفاع نسبته 40 في المئة، مقارنة بالسنة السابقة.
فقد عثر على جيف هيويت مضرجا بدمائه في غرفته بالفندق في ميدلين. وكتب أصدقاؤه على الإنترنت يصفونه بأنه “متفتح، وطريف وطيب السريرة”، ويبدو أنه كان ضحية “سطو تطور إلى جريمة قتل”.
وقتل جوني جيروم في عيد ميلاده الخامس والأربعين. وذكرت وسائل الإعلام المحلية أيضا أن فيليب مولينز تعرض للتخدير، ومات بجرعة زائدة.
وتقول السفارة إن العديد من هذه الحالات بدأت بتطبيقات المواعدة التي تستعمل لإغراء الضحايا. وأدى هذا إلى تزايد مخيف في عدد الأشخاص الذين ينتهي بهم المطاف لأن يكونوا “ضحية التخدير والاختطاف والقتل على يد مواعداتهم الكولومبيات”. ولم يصدر أي تعليق عن تطبيقي تيندر و بامبل الرائجين في المدينة.
وقال كارلوس كالي، المدير السابق لمرصد السياحة في المدينة إن المجرمين تعودوا على تخدير السياح بمادة سكوبولامين، وهي مادة بلا رائحة تعرف باسم “نفس الشيطان”. وحذرت السفارة الأمريكية أيضا من المخدر الذي ينوم الضحايا لمدة تصل إلى 24 ساعة.
وقال كالي: “هناك صورة سلبية عن السائح في المدينة، وهي أنه يبحث عن الجنس”.
وأكد متحدث باسم مرصد السياحة أن “أغلب” الضحايا رجال، ولكنه أضاف أن الكثير من الحوادث لا تزال قيد التحقيق.
وممارسة الدعارة قانونية في كولومبيا. وهي واسعة الانتشار في المناطق والمدن السياحية على غرار ميدلين وكارتاخينا. ولكن لا دليل على أن الرجال الضحايا تعاملوا مع مومسات.
ويعتقد ألوك شاه أن مادة “سكوبولامين” المخدرة هي التي جعلت بصره يضطرب عندما جلب امرأة إلى غرفته في الفندق في أواخر عام 2022. وقال إنه شعر كأنما بدأ يفقد ذاكرته.
فقد تواصل من تكساس مع امرأة كولومبية عمرها في منتصف العشرينات على تيندر. وتناولا القهوة معا، ثم قرر شاه شراء الجعة، واصطحابها إلى غرقته بالفندق.
وقال إنه لم يشعر بأي خطر في زياراته السابقة لميدلين، كما لم يلاحظ انتشار الدعارة الواسع عندما زار المدينة لأول مرة في عام 2017. ولكنه كان على علم بأن النساء عامل جذب في المدينة، إذ قال له أحد أصدقائه: “إذا كنت أعزبا فإن النساء فاتنات هنا”.
ويتذكر، قبل أن يفقد ساعته، وسترته، و200 دولار نقدا، تلك الليلة مواعدته وهي تدلك رقبته بمسحوق، ولكنه بقي في وعيه، وأدرك أن أمرا مريبا وقع له، فهدد بالاتصال بالشرطة، وطردها من غرفته.
“لا أتفاعل مع السكان المحليين عموما الآن. فالخطر كبير”.
ويوصي تحذير السفارة الأمريكية الجديد المواطنين بتجنب اصطحاب المواعدات إلى أماكن خصوصية مثل الفنادق، كما ينصحهم بإخطار الأصدقاء أو العاملين في المبنى عن الشخص الذي يكونون معه، وعدم مقاومة السطو لأن في ذلك خطر الموت.
ورفضت شرطة مدينة ميدلين التعليق على التزايد الأخير في عمليات القتل، ودعت بي بي سي إلى التواصل مع مكتب عمدة المدينة.
وقال العمدة فريديريكو غوتيريز: “نريد أن يأتي المزيد من السائحين الأجانب إلى المدينة”، ولكنه أضاف أن السائحين الذين يأتون من أجل الجنس والمخدرات غير مرحب بهم. وقال إنه أعطى تعليماته إلى الشرطة لمكافحة استغلال القاصرات في تجارة الجنس.
وقال متحدث باسم مكتب العمدة لبي بي سي إن الشرطة تلقت تعليمات بالشروع في “عمليات خاصة” بالأحياء الجاذبة للسياح، بما فيها منطقة إل بوبلادو الشعبية المعروفة بالملاهي الليلية.
واستقبلت المدينة في 2022 أكثر من 1،4 مليون سائح أجنبي، وهو رقم قياسي مقارنة بالأعوام السابقة، وأكثر من ربع العدد أمريكيون، حسب إحصائيات أصدرها مكتب العمدة. ويتوقع أن تكون الأعداد أكبر في سنة 2023، خاصة أن ميدلين أصبحت وجهة العاملين عند بعد.
وجاء إيه شيونغ الأسبوع الماضي إلى ميدلين لأول مرة، من أجل ممارسة تقاليد شعب الهمونغ، والتي تتمثل في دعوة روح أخيه إلى العودة إلى البيت.
وقال: “لسنا ساخطين على شعب كولومبيا. أنا متأكد أنه سيسامح من فعل ذلك به”.
وأضاف: “تو غير كان يتمتع بسرعة البديهة والجرأة التي تجعله يؤمن بالطيبة في جميع الناس”.