“الحركة الشعبية” ترفض “السنة البيضاء” ومؤامرات “تجار السياسة” في الصحراء
اختارت قيادات حزب الحركة الشعبية مدينة الداخلة لعقد مجلسها الوطني في دورته الثانية، الذي اختير له شعار “الصحراء المغربية من مسيرة الوفاء إلى مسيرة النماء”، لتوجيه رسائل إلى الداخل والخارج.
محمد أوزين، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، اختار توجيه رسالة واضحة إلى الأساتذة، قائلا: “لا نريد سنة بيضاء لبلدنا ولن نرضاها لفلذات أكبادنا. مسؤولية الحكومة والنقابات ثابتة في هذا الاحتقان”، وأضاف أمام حضور كبير لـ”الحركيين” القادمين من جميع جهات المغرب: “لم تلتقط الحكومة إشارات الملك الذي أطر الحوار المجتمعي بمقاربة تشاركية، منذ الإنصاف والمصالحة مرورا بالتنمية البشرية والجهوية المتقدمة وورش الدستور والآن مدونة الأسرة… لم يستوعبوا ذلك، وعوض سلك نهجه تم تهريب ملف التعليم لسنتين، فتمخض الجبل وولد احتقانا”.
“مرة أخرى سنثبت لهم أننا لسنا معارضة تستغل المآسي وتشجع على الاحتقان كما يقولون. أوجه رسالة إلى الأساتذة، نحن معكم دائما في الترافع حول ملفكم المطلبي، والحكومة فتحت الحوار الآن، والنضال مستمر، لكن سبعة ملايين تلميذ لا يدرسون، لذلك نطلب منكم العودة إلى المدارس والانتصار للمدرسة”، يقول أوزين.
وأكد أمين عام “السنبلة” أن الحزب قرر عقد مجلسه الوطني بالداخلة رغم الظروف المالية الخانقة التي يعاني منها، وزاد موضحا: “كانت إرادتنا أقوى من هذه الظروف، لأننا مؤمنون بأن نداء الوطن والمكانة الرمزية للداخلة وباقي أقاليم الصحراء المغربية لا يقدران بثمن ومن أجلهما يهون كل غال ونفيس”.
وعن حضور الحزب في المشهد السياسي قال أوزين: “في وقت غاب الكثيرون منزوين في قاعة انتظار الذي قد يأتي أو لن يأتي، وحضر البعض بشكل باهت، كانت الحركة الشعبية في قلب كل القضايا، تجهر بصوت صداح وبجرأة ووضوح بمواقفنا النابعة من حرقة على الوطن وعلى المواطنين الذين عاشوا منذ أكثر من سنتين ومازالوا على إيقاع المعاناة والمحنة بسبب الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، لاسيما غلاء الأسعار، الذي مس حتى من كانوا يصنفون إلى وقت قريب ضمن الطبقة المتوسطة”.
واسترسل المتحدث ذاته: “تابعتم، سواء من خلال بلاغات المكتب السياسي والأمانة العامة أو من خلال أداء فريقينا في البرلمان بغرفتيه، مدى نجاحنا في الاضطلاع بدور المعارضة المؤسساتية البناءة والمسؤولة، الوفية لقضايا المواطنات والمواطنين، والمعبرة عن نبض المجتمع، باعتماد تشخيص واقعي مبني على أرقام ومؤشرات صادرة عن مؤسسات رسمية (بنك المغرب، المندوبية السامية للتخطيط)، مقدمين البدائل والحلول التي للأسف لم تجد صدى من طرف الحكومة، المعتدة بقوتها العددية كرأسمال وحيد”.
محند لعنصر، رئيس حزب الحركة الشعبية، اختار أن يوجه رسالة إلى جهة ما دون أن يسميها قائلا: “هذا التوسع والازدهار الذي تعرفه الداخلة أصبح يجذب بعض السياسويين الوافدين المفترسين، الذين يدعون الدفاع عن الصحراء وتطويرها، في حين أن دافعهم الوحيد هو الرغبة في الاغتناء واستغلال الثروات، ونرى أن هناك من يحاول أن يركب على مخططات التنمية الطموحة التي كان صاحب المبادرة فيها الملك محمد السادس”، وأضاف: “لقد حان الوقت لوضع حد لمساومات ومؤامرات هؤلاء التجار بالسياسة، وإسناد تدبير الشأن العام إلى ممثلين حقيقيين يتمتعون بثقة المواطنين والناخبين”.
من جهته توقف عادل السباعي، رئيس المجلس الوطني لحزب الحركة الشعبية، في كلمته، عند ما أسماها “الانتصارات الدبلوماسية التي تحققت بفضل قوة وشرعية الطرح المغربي، وبفضل التوجيهات السديدة والرؤية الإستراتيجية للملك محمد السادس، المتجسدة في مواصلة إحراز المزيد من المكتسبات، من خلال إقدام العديد من الدول الصديقة والشقيقة على فتح قنصلياتها وتمثيلياتها الدبلوماسية بالأقاليم الجنوبية، وخاصة مدينتي الداخلة والعيون، وسحب الاعتراف بالكيان الوهمي من طرف العديد من الدول الأخرى، ومن خلال الجهد الوطني الاستثنائي القائم على تطوير البنيات التحتية والموارد الاقتصادية داخل هذه المناطق، وتشجيع مناخ الاستثمار فيها بشكل يجعلها قاطرة للتنمية تمتد إلى منطقة غرب إفريقيا، وعموم الساحل الإفريقي”.
وزاد السباعي: “الأمر تكرس عمليا من خلال الانخراط اللامشروط لبنات وأبناء الأقاليم الجنوبية في تنزيل المشروع التنموي الخلاق، والمساهمة في النهضة التنموية التي يعرفها المغرب انطلاقا من هذه المناطق؛ ما يكرس وعيا وطنيا ومواطنا وتعبيرا حرا عن تمسكهم بالروح الوحدوية التي لا تقبل لا النقاش ولا المساومة إلا في أذهان خصوم الوحدة الترابية”.
وختم المتحدث ذاته كلمته بالتأكيد على أن “انعقاد الدورة الثانية للمجلس الوطني بكل ما تحمله من دلالات ورمزية سيكون بإذن الله إيذانا لبرلمان الحزب بالتفكير مستقبلا في الانفتاح على باقي جهات المملكة، وذلك تجسيدا لمقاربتنا في الحركة الشعبية التي تعتمد على القرب وحسن الإنصات لانشغالات المواطنين في بعدها المحلي”.
إدريس السنتيسي، رئيس الفريق النيابي لحزب الحركة الشعبية، اختار الحديث في كلمته عن الوضع الداخلي، معتبرا أن “موجة الغلاء والتضخم لا تتحكم فيها عوامل خارجية فقط، بلا داخلية أيضا، مرتبطة أساسا بارتفاع أسعار المحروقات”.
وانتقد السنتيسي قانون المالية، موردا أنه “بعيد عن الدولة الاجتماعية، إذ دعم المقاولات الكبيرة على حساب الطبقة الشعبية”، وداعيا الحكومة إلى تنزيل تعليمات الملك على مستوى القوانين وتفعيلها.
وأعلن رئيس المجلس الوطني لحزب الحركة الشعبية عن قرار تأجيل بعض النقط التنظيمية التي كان من المفروض أن تندرج في أشغال الدورة، كانتخاب اللجان الدائمة والمصادقة على مشروع النظام الداخلي، إلى الدورة المقبلة التي ستنظم في ربيع سنة 2024، داعيا أعضاء المجلس الوطني إلى “الانخراط في الدينامية السياسية والتنظيمية التي يعرفها الحزب، والتعبئة من أجل عقد المؤتمرات الإقليمية والجهوية استعدادا للمحطات الانتخابية المقبلة”.
واختتم المجلس الوطني، بعد عروض قدمها أعضاء المكتب السياسي: مبارك السباعي، ويحفظه بنمبارك، وحكيمة الحيطي، وعدي السباعي، بقراءة البيان الختامي، وبرقية ولاء مرفوعة للملك محمد السادس، قبل أن ينتقل المعنيون إلى عقد اجتماع للمكتب السياسي.