أخبار العالم

خبراء ينتقدون الفوضى اللغوية بالفضاء العام وضعف تموقع العربية في التعليم



احتفل العالم الاثنين باليوم العالمي للغة العربية والذي يتزامن هذا العام مع الذكرى السنوية الخمسين الإقرار الأمم المتحدة للغة “الضاد” ضمن قائمة لغاتها الرسمية بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المؤرخ في 18 دجنبر 1973.

هذا اليوم، الذي يهدف إلى تسليط الضوء على مساهمة هذه اللغة في إغناء الموروث الثقافي والعلمي العالمي وتبادل الأفكار والنقاشات بين مختلف المهتمين بها، يعد بالنسبة لمجموعة من الفاعلين والخبراء اللغويين والتربويين المغاربة فرصة لتقييم موقع اللغة العربية في خريطة السياسة اللغوية الوطنية ومدى حضورها في الفضاء العمومي والأكاديمي ومقارنة هذا الحضور بالمكانة التي تحتلها اللغة العربية في النص الدستوري، إضافة إلى اقتراح الحلول الكفيلة بتطويرها والنهوض بها في ظل ما بات يسمى بـ”حرب اللغات وزحف اللهجات”.

فوضى لغوية وتراتبية ضرورية

في تقييمه لوضعية اللغة العربية في الفضاء العام، قال خالد الصمدي، خبير أكاديمي كاتب الدولة للتعليم العالي سابقا، إن “الفضاء العام يعيش فوضى لغوية كبيرة جدا؛ مما يؤثر على امتلاك أبناء المغاربة للغة العربية ولغيرها من اللغات”، مسجلا وجود “أنماط متعددة من اللغات في الفضاء العام، سواء على مستوى اللوحات الإشهارية أو على مستوى وسائل الإعلام أو غيرها؛ فنجد، على سبيل المثال، عربية مكتوبة بالحرف اللاتيني وفرنسية مكتوبة بالحرف العربي وغيرها من الأمثلة التي تدل على غياب هوية بصرية موحدة للغات الوطنية في هذا الفضاء”.

وأضاف الصمدي، ضمن تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الدستور المغربي جاء ليحل هذا الإشكال عن طريق إحداث المجلس الأعلى للغات والثقافة المغربية الذي نص قانونه التنظيمي على إخراج أكاديمية اللغة العربية إلى حيز الوجود.. وبالتالي، فعلى المستوى التنظيمي هناك مؤسسات وقوانين؛ غير أنه على المستوى التنفيذي نجد هذه الفوضى التي تحدثت عنها، بما في ذلك في المؤسسات والإدارات العمومية”.

ولفت المتحدث ذاته إلى أن “صيانة اللغات الدستورية عموما، واللغة العربية على وجه الخصوص، يقتضي وجود تراتبية لغوية في الفضاء العمومي تعطي الأولوية للغتين الرسميتين مع الانفتاح على اللغات الأجنبية الأخرى بشكل منظم يجعل من هذا الفضاء العمومي فضاء لاكتساب اللغة عكس ما هو عليه الحال اليوم”.

وأوضح الصمدي أن “الوضع الحالي ينعكس بشكل سلبي على المنظومة التربوية الوطنية وعلى مستوى التلاميذ المغاربة الذي أشارت تقارير ومؤشرات دولية عديدة آخرها مؤشر بيزا عن تراجعهم على الصعيد العالمي فيما يخص القراءة والتعبير. ومرد ذلك إلى استعمال التلميذ المغربي للدارجة وللغة العربية المخلوطة بالحروف اللاتينية؛ وهو ما أفرز لنا ضعفا كبيرا على مستوى تملك التلميذ للغات عموما، وللغة العربية على وجه الخصوص”.

هيمنة للفرنسية وضعف موقع العربية

عن حضور لغة “الضاد” في المنظومة الوطنية للتربية والتكوين، أوضح عبد الناصر الناجي، خبير تربوي، أن “حضور اللغة العربية في المشهد التعليمي عرف تراجعا منذ إقرار القانون الإطار المتعلق بمنظومة التربية والتكوين في سنة 2019، بفعل تطبيق مبدأ التناوب اللغوي الذي ينص على ضرورة تدريس المواد العلمية والتقنية بلغات أجنبية؛ وهو ما أدى إلى هيمنة اللغة الفرنسية على اللغات الرسمية للبلاد، وأصبح على إثر ذلك حوالي ثلثي الزمن المدرسي مخصصا للفرنسية والثلث المتبقي لكل من العربية والأمازيغية”.

وأضاف الناجي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “اللغة العربية باعتبارها إحدى اللغتين الرسميتين أضحت في موقع ضعف مقارنة باللغات الأجنبية”، مشيرا في هذا الصدد إلى التوجه الجديد لوزارة التربية الوطنية لتعميم تدريس اللغة الإنجليزية في التعليم الإعدادي، معبرا في هذا الصدد عن “خشيته من أن يكون هذا التعميم على حساب اللغتين العربية والأمازيغية”.

وأشار المتحدث ذاته إلى أن “الانفتاح على اللغات الأجنبية يجب أن يأخذ بعين الاعتبار مجموعة من المعطيات؛ ذلك أن الدول المتقدمة في مجال التعليم تدرس المواد العلمية بلغاتها الرسمية وليس باللغات الأجنبية حرصا على صيانة هذه اللغات الرسمية باعتبارها محددا من محددات الانتماء إلى الوطن”، لافتا إلى أن “المغرب يعرف توجها معكوسا في هذا الصدد، حيث تهمين اللغة الأجنبية على نظيرتها الوطنية في مجال التعليم؛ ذلك أن معظم المنظومات التعليمية في العالم تبدأ أولا بتدريس لغاتها الرسمية، ثم تنفتح على لغات أجنبية في إطار من الحفاظ على التراتبية”.

وخلص الخبير التربوي إلى أن “هذه المسألة أدت إلى ضعف مستوى التحصيل الدراسي للتلاميذ للمتعلمين؛ ذلك أنهم لا يتقنون اللغة الفرنسية ويطلب منهم التعلم بها، مما يطرح مشكل عائق اللغة أولا ثم عائق فهم المادة التي يدرسها”، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن “منهجية تدريس اللغة العربية نفسها تحتاج إلى مراجعة على المستوى البيداغوجي، خاصة في التعليم الابتدائي حيث يجب أن نركز أولا على دورها التواصلي ثم المعرفي وأن لا نثقل ذهن المتعلم بقواعد صعبة منذ البداية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى