أخبار العالم

مغربي مطرود من الجزائر سنة 1975 يحيي ذكرى “جريمة بومدين ضد الإنسانية”


48 سنة مرّت على “المسيرة الكحلا” أو واحدة من “أعظم الجرائم في حق الإنسانية في العصر الحديث”، وفق جمال العثماني، أحد المطرودين سنة 1975 من الجزائر إلى جانب ما يناهز 350 ألف مغربي، رداً على تنظيم المغرب المسيرة الخضراء لاسترجاع أقاليمه الجنوبية.

جمال العثماني وككل عام لا يمكن أن يفوّت هذه الذكرى دون أن يقف أمام القنصلية الجزائرية بوجدة، للتذكير بهذه الواقعة، و”من أجل الحق في الذاكرة للمغاربة ضحايا الطرد التعسفي من الجزائر سنة 1975″، وهو المطلب الذي يحمله على لافتة فوق صدره، بينما يحمل في يده حقيبة سفر بنّية اللون، يقول إنها كل ما استطاع أن يحمله معه أثناء طرده، ويصفها بـ”الشاهدة على الجريمة”.

وعاد العثماني، الجمعة، لإحياء الذكرى ذاتها، عبر وقفة صامتة، قال إنها لـ”تذكير النظام الجزائري بهذه الجريمة التي أقدم عليها هواري بومدين ووزير خارجيته آنذاك عبد العزيز بوتفليقة”.

ويؤكد العثماني، في حديثه إلى هسبريس، أن تاريخ 8 دجنبر 1975 كان أول يوم من أيام الترحيل -التي استمرت إلى غاية 21 من الشهر ذاته- وفيه انطلقت أولى الحافلات المحمّلة بالمغاربة الذين كانوا زهاء 45 ألف أسرة، يقيمون على الأراضي الجزائرية بصفة قانونية، نحو معبر “زوج بغال” الحدودي، وبدون سابق إنذار أو مبرر.

ويتذكّر المتحدّث ذاته أن الطرد التعسفي تم في ظروف غير أخلاقية وغير إنسانية، وفي أيام عيد الأضحى الذي تزامن تلك السنة مع يوم 13 دجنبر، إذ تم سلب المطرودين كل ممتلكاتهم، مشيراً إلى أنه “إذا كانت سنة 1975 تؤرخ لنجاح المسيرة الخضراء فهي أيضا تؤرخ لكارثة من أكبر الجرائم العظمى في حق الإنسانية في العصر الحديث”.

ويذكّر العثماني النظام الجزائري بأن “المطرودين تعسّفاً ساهموا بالغالي والنفيس أثناء ثورة التحرير، بحيث شكلوا إلى جانب الشعب الجزائري النواة الأساسية لمقاومة الاستعمار، وقدموا شهداء في الميدان، كما لعبوا دورا فعالا في تنمية اقتصاد البلاد بعد الاستقلال بحكم أن الكثيرين منهم كانوا يمارسون التجارة والفلاحة وغيرها من المهن”، قبل أن يستطرد: “غير أن هذه التضحيات الجسام لم تشفع لهذه العائلات أمام هذا القرار الطائش والجائر والصادر بشكل فجائي، الذي ينم عن حقد دفين وانتقام من استرجاع المغرب وحدته الترابية”.

ويعتبر ضحية نظام بومدين الجزائري أن عملية الطرد التعسفي التي طالت مغاربة الجزائر سنة 1975 هي “قضية قائمة بذاتها وتشكل جريمة جنائية لا يطالها التقادم، قبل أن تكون سياسية، ولا يمكن طمسها داخل اللعبة السياسية بدعوى التوافق أو الاختلاف بين المغرب والجزائر”، وفق تعبيره.

ويشدد المتحدّث ذاته على أن “هذه الجريمة تكتسي أيضاً صبغة إنسانية صرفة، مازالت جروحها لم تندمل ومازالت ذكراها الأليمة عالقة في أذهان الكثير من المرحلين الذين لم يخطر في بالهم يوما أنهم سيتعرضون لها في ظل الروابط التاريخية والدينية التي ألفت بين الشعبين منذ عقود، كما خلفت مشاكل عقلية ونفسية لكثير من النفوس التي لم تتحمل هول الواقعة”.

ويرى جمال العثماني أن هذه القضية “قضية وطنية وجب على الدولة المغربية والهيئات الحقوقية الرسمية، وغير الرسمية، أن توليها العناية الكافية، والتعريف بها حتى يعلم العالم بما اقترفه النظام الجزائري من خروقات سافرة في حق الإنسانية التي يتبجح بالدفاع عن حقوقها ونصرة مطالبها”.

وإلى جانب وقفته السنوية كتب جمال عثماني مجموعة من الكتب والمقالات، من بينها “قرارة الخيط”، وهي سيرة ذاتية يحكي فيها قصص الطرد التعسفي للمغاربة من الجزائر، و”تخاريف حنا يامنة”، التي قال إنها “ليست خرافات جدة يسمر حولها الصغار شتاء، بل جرحها النازف الذي حملته ذات شتاء قارس من حمام بوحجر (المدينة التي قطنتها أسرة عثماني بالجزائر)”، واصفاً إياها بـ”سيرة حياة مغدورة” لجدة ازدادت سنة 1893 وطُردت وهي في عمر الـ82، حيث تعمّد وضع صورتها الحقيقية على غلاف المؤلف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى