غزة في الوثائق البريطانية: بريطانيا “درست خططاً لإنشاء مناطق عازلة تشمل القطاع وسيناء وتيران وصنافير” بعد أزمة السويس
- Author, عـامــر سلطــان
- Role, بي بي سي نيوز- لندن
تكشف وثائق بريطانية عن أن الحكومة البريطانية درست خططاً عدة شملت دمج جزء من سيناء، وقطاع غزة، وجزيرتي تيران وصنافير، وجزء من الأردن لإنشاء منطقة عازلة بين مصر وإسرائيل، في إطار تسوية الصراع بين إسرائيل والعرب، وتأمين تدفق النفط من الشرق الأوسط إلى الغرب.
بعد انتهاء الحرب الفاشلة، في 11 نوفمبر/تشرين الأول عام 1956، تلكأت إسرائيل في الانسحاب من سيناء، لكنها اضطرت لمغادرتها بضغط دولي في شهر مارس/آذار عام 1957.
وتكشف وثائق وزارة الخارجية البريطانية، التي اطلعت عليها، أن الحكومة تلقت مشروعاً باسم “خطة لسيناء” اقترحتها إليزابيث مونوريو، رئيسة قسم الشرق الأوسط في مؤسسة الإيكونومسيت في 13 ديسمبر/ كانون الأول عام 1956، أي قبل انسحاب إسرائيل من سيناء بحوالى 3 شهور.
كانت مونوريو، في حينها، تتمتع بصلات قوية في الشرق الأوسط، وبسمعة كبيرة بعد تأليفها كتبا عدة عن المنطقة. ومن أشهرها كتاب “اللحظة البريطانية في الشرق الأوسط”، الذي استعرض فيه محاولات بريطانيا بين عامي 1914 و1956 ضمان الوصول إلى نفط المنطقة وإصلاح السياسات فيها، والتوفيق بين العرب واليهود في فلسطين.
ومحور الخطة هو استغلال سيطرة إسرائيل على سيناء لإقناع مصر بالتنازل عن جزء منها لإقامة منطقة دولية باسم “قطاع سيناء”.
مزايا المشروع
في عرضها للمشروع على الحكومة البريطانية، قالت مونوريو إن الهدف العام هو “التخلص من اعتماد أوروبا على طريق وحيد من المحيط الهندي، وإتاحة وسيلة إضافية لنقل صادرات نفط الشرق الأوسط”.
وتطرقت مونوريو إلى وضع إمدادات النفط الأمريكية، مشيرة إلى أنه “بحلول عام 1975 يتوقع أن تبدأ فيه القارة الأمريكية في استيراد نحو 140 مليون طن سنويا من نفط الشرق الأوسط، مقارنة بصادراتها البالغة 30 مليون طن الآن، فإن الضربة التي تتعرض لها الصناعة الأمريكية ستكون كاسحة”.
وبشرت بتوطين مئات آلاف الفلسطينيين في “قطاع سيناء” المقترح. وهذا، وفقا لنص الخطة، يحقق هدف ” إزالة الخطر اليومي المتمثل في انفجار الوضع في فلسطين”.
وطرحت الخطة فكرة إنشاء قناة ثانية ( بديلة لقناة السويس) التي قالت مونوريو إن “حفرها حلم في الخيال الآن”. ورغم إشارتها إلى أن تضاريس المنطقة المقترحة جبلية ولا مجال للمقارنة بينها وبين الأراضي المستوية عند برزخ السويس، فإن “إمكانية (حفر القناة الثانية) سوف توجد، وقد تخفض السلوك الاحتكاري لقناة السويس”.
ما هي حدود “قطاع سيناء”؟
* قطاع غزة بالكامل
* قطاعا عرضه 20 ميلا ( قرابة 33 كيلومترا) من سيناء، ويمتد من البحر المتوسط إلى خليج العقبة.
* جزيرتي تيران وصنافير عند المدخل الجنوبي لخليج العقبة (اللتين احتلتهما إسرائيل في شهر نوفمبر/تشرين الثاني عام 1956).
وذكرت الخطة بأن الجزيرتين تمّكنان مصر من التحكم في الممر المائي الدولي إلى خليج العقبة، الأمر “الذي مكّن مصر في الماضي من التجرؤ على عرقلة حرية المرور في الممرات التي تقع ضمن مياهها الإقليمية”.
وسجلت مونوريو ملاحظة بشأن تيران وصنافير قائلة: “المسافة بين ساحل السعودية وتيران هي أربعة أميال بحرية، والمسافة بين تيران وسيناء المصرية هي ثلاثة أميال بحرية. و الممر الأخير، أي بين مصر وتيران، هو الرئيسي في حركة الملاحة”.
كيف ستُدار المنطقة وتُؤمَن؟
ستكون الإدارة دولية، وتمارسها إحدى وكالات الأمم المتحدة المتخصصة، وتقدم تقريرا سنويا إلى الجمعية العامة للمنظمة.
وللتأمين، اقترحت الخطة تشكيل قوة مدنية تتمتع بمساندة الأمم المتحدة، أو بضمانات واسعة لممارسة السلطة في المنطقة. ولا تملك هذه القوة سلاحا إلا بما يحقق أهدافا شرطية أو جباية الإيرادات.
ما هي مصادر التمويل؟
ستُعطى الوكالة المختارة للإدارة قروضا يقدمها الدائنون الأساسيون الذين سوف يستفيدون من “قطاع سيناء”، لحين تشغيل المنطقة وتمكنها من الاعتماد على نفسها ماليا. وتشارك في التمويل شركات النفط الأوروبية والآسيوية المستفيدة. وتوقعت الخطة أن تكفي الرسوم، التي تدفعها الشركات، لتمويل احتياجات الإدارة والتأمين.
هل يمكن أن تقبل مصر المشروع؟
راهنت مونوريو على حاجة مصر إلى المال في مشروعات التنمية. وقالت إن “رفض مصر للأموال سوف يضع حكومتها في مواجهة الشعب الذي يعتقد بأنه ينبغي إنفاق مواردهم على التنمية والرفاهية و ليس على مغامرات تتجاوز الحدود”. وأضافت أن إسرائيل في الموقف ذاته، مشيرة إلى أن إقامة منطقة عازلة بينها وبين مصر ستؤدي إلى “خفض الميزانيات العسكرية بقدر يتناسب مع الموارد المحلية وبرامج التنمية”.
ماذا عن السعودية؟
توقعت الخطة أن تكون المملكة أكثر الدول العربية استعدادا لقبول إنشاء “قطاع سيناء”، إذ “ستمكنها من إنشاء خط أنابيب سعودي خالص ينقل النفط السعودي إلى البحر المتوسط، ما يوفر الوقت والمال”. وقالت مونوريو إن الخطة ستوفر “سوقا للغاز الطبيعي السعودي والكويتي”، وتوقعت أن “يكون هذا أيضا مغريا” للبلدين.
ودفاعا عن توقيت طرح الخطة قبل جلاء إسرائيل عن سيناء، قالت المؤلفة البريطانية إن “التنفيذ سيكون أكثر صعوبة بمجرد عودة الأرض (شبه جزيرة سيناء) إلى أيادي المصريين”.
تحذير من “انفجار آخر”
عندما أرسلت مونوريو خطتها في رسالة بعنوان “قطاع سيناء” إلى سير والتر مومكتون، وزير شؤون مجلس الوزراء البريطاني، قالت إدارة شؤون منطقة الشام في الخارجية البريطانية إنها تدرس بالفعل اقتراحاً بإنشاء “قطاع محايد عبر شبه جزيرة سيناء”، وإنها “أعدت ورقة بشأنه إلى لجنة شؤون الشرق الأوسط بالخارجية”.
وتعليقا على رسالة مونوريو، قالت الإدارة، في برقية سرية، إنه عندما ناقشت اللجنة الورقة البريطانية “كان هناك اتفاق عام على الصعوبات، التي ينطوي عليها إنشاء مثل هذا القطاع، تتجاوز قيمته كعازل بين إسرائيل ومصر”.
غير أنها أشارت إلى أن ويليام ديفيد أورمسبي-غور، وزير شؤون الشرق الأوسط في الخارجية البريطانية “اختلف مع اللجنة بهذا الشأن، مشيرا إلى أن الخطة، خاصة من وجهة نظر سياسية، واضحة، وأعظم بكثير مما قد تظنه اللجنة”.
وفي اقتراحها، أكدت مونوريو أن القطاع المقترح يجب أن يُقتطع فقط من سيناء المصرية، وأضافت أن في ذلك ميزة، موضحة أنه “من المستحيل اقتطاع جزء من إسرائيل”. وأشارت إلى أن “اقتطاع جزء من الأراضي المصرية التي استولت عليها إسرائيل يُمكن أن يُقدم على أنه أمر مفروض على إسرائيل، ومكسب لمصر”.
وأضافت أنه “في الوقت الحالي، يمكن جعل إسرائيل تتنازل عن أراض استولت عليها، وجعل مصر تتنازل عن أراض خسرتها إلى منتصر”.
وعبرت عن اعتقادها بأن “الفرصة ربما لا تتوفر مرة أخرى بدون حدوث انفجار آخر، ربما يكون أكبر بدرجة لا يمكن التعامل معه بالطريقة الممكنة الآن”.
وفي رده الشخصي على رسالة مونوريو، قال السير مومكتون إنه “يجري الآن بحث كل الحلول الممكنة لمشكلات تلك المنطقة، ولم يتم التوصل إلى نتائج نهائية”.
وتشير الوثائق إلى أنه فضلاً عن هذا الرد، فإن خطة “قطاع سيناء” كانت فعلا موضع نقاش بين الإدارات المختصة في الحكومة البريطانية.
وفي هذا النقاش رأى السير مومكتون أنه “ينبغي أن يُقتطع القطاع (المقترح إنشاؤه)، أو جزء كبير منه، من إسرائيل”.
ورغم إدراكه أن “هذا سيجعل من الصعب للغاية إقناع إسرائيل بقبولها (الخطة)”، فإنه أشار إلى أنه نظراً لأن الغرض الأساسي من القطاع المقترح هو “تأمين إسرائيل ضد تكرار الهجمات الإرهابية المنطلقة من الأراضي المصرية، فربما يمكن إقناعها بأن تفكر بإيجابية في الأمر”.
غير أن السير مومكتون لفت الانتباه إلى أن “قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة طالبت إسرائيل بالفعل بالانسحاب إلى ما وراء خطوط الهدنة”، بعد حرب 1956، أي الانسحاب الكامل من سيناء.
وأضاف أن العرب “لن تؤثر فيهم مسألة جعل إسرائيل تتنازل عن شيء هو ليس لها”. وخلص إلى أنه “لذلك، يجب أن يقتطع القطاع، أو الجزء الأكبر منه، من إسرائيل”.
وأبدى الوزير البريطاني أيضا تحفظاً على “تقليل مونوريو من قدر الحراسة التي يحتاجها القطاع”. وقال إن “تشكيل قوة مدنية لن يكون إلى حد بعيد كافيا”.
واعتبر المسؤول الدبلوماسي البريطاني أن هناك “ضرورة أساسية” لتشكيل “قوة عسكرية تكفي لمنع إسرائيل ومصر من خوض مغامرات عسكرية، وأيضا حماية خط الأنابيب الذي ربما يمر عبر الأراضي من التخريب”. وعبر عن اعتقاده بأن هذه القوة العسكرية “ينبغي أن تتألف من أشخاص محايدين، لا عربا أو يهودا”.
وتطرق السيرمومكتون إلى إدارة القطاع المقترح. واعترض على اقتراح مونوريو إسناد المهمة إلى الدول التي تتولى تمويل الخطة، متوقعا ألا يقبل العرب ولا إسرائيل ولا الأمم المتحدة ذلك.
واقترح أن يكون القطاع “بشكل ما أرضا تتبع للأمم المتحدة”، على أن يُشكل “مجلس أوصياء” يتولى مهمة “تعيين لجنة من الدول الأعضاء الأصغر في الأمم المتحدة لإدارته”. وقال إن الهدف من هذه الصيغة هو “تجنب المخاطرة بالمشاركة الروسية في الإدارة”.
وفي عام 1968، طرح ريتشارد وود، عضو البرلمان المحافظ مشروعا آخر سماه “خطة لإدارة شبه جزيرة سيناء وتنميتها”.
بدت الخطة أكثر تفصيلا. وأرفق وود، الذي شغل لاحقا منصب وزير التنمية الدولية، خريطة مقترحة لتنفيذ مشروعه.
في بداية طرحه، قال وود إنه لتأسيس سلام دائم في الشرق الأوسط، بين الجمهورية العربية المتحدة (مصر) وإسرائيل، فإنه من المهم إنشاء منطقة عازلة بين البلدين”.
ووفق الخطة، فإن المنطقة تمتد من البحر المتوسط إلى خليج العقبة، ومن قناة السويس إلى حدود سيناء مع إسرائيل. ويترواح عرض المنطقة بين 30 و90 كيلومترا، وطولها بين 100 و150 كيلومترا، وتصل الكثافة السكانية فيها إلى 90 شخصا في الكيلومتر.
وفي حال إنشاء هذه المنطقة “سوف يختفي قطاع غزة في إسرائيل”.
كيف ستقام المنطقة؟
تشكل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة اتحاد شركات ورجال أعمال “كونسورتيوم” لشراء الأراضي، ثم تُنشأ وكالة تتولى تنمية المنطقة. ويدفع هذا الكونسورتيوم لمصر 300 مليون جنيه استرليني لمساعدتها اقتصاديا تحت رقابة خبراء من الأمم المتحدة، وسوف يدفع المبلغ على مدار 20 عاماً.
من يدير المنطقة؟
يمارس الأمين العام للأمم المتحدة الإدارة عبر الوكالة التي ينشئها الكونسورتيوم الذي سيشتري الأرض. ولن تكون الوكالة هادفة للربح، وعليها أن تسدد الأموال للدول المشاركة في الكونسورتيوم، على أن تحال أي أموال متراكمة لاحقاً إلى الأمم المتحدة.
ما مهام الوكالة الدولية؟
توفرالأمم المتحدة للوكالة الخبراء وتدرب السكان العرب المحليين في أنحاء المنطقة، بهدف تحقيق الأهداف التالية: إنشاء 3 محطات طاقة نووية في العريش (على البحر المتوسط شمال شرقي سيناء) ونخل (وسط سيناء) وشرم الشيخ على خليج العقبة، تنفيذ مشروعات حيوية للري، زراعة المحاصيل والفواكه، التنقيب عن البترول، تحلية المياه، تنفيذ حملة تشجير، بناء مساكن ومشروعات أعمال في أجزاء مختارة من المنطقة.
وتعطى الخطة أهمية خاصة لإنشاء قناة جديدة بطول 75 كيلومترا تمتد من العريش، إلى جلعات، الواقعة غربي صحراء النقب جنوبي إسرائيل.
كيف سوف تُمارس السيطرة؟
أداة السيطرة ستكون قوة شرطة تابعة للأمم المتحدة تتولى مهام شرطية في:
* قطاع عرضه 10 كيلومترات على جانبي الحدود بين النقب في إسرائيل وسيناء.
* الجانب الغربي من خليج العقبة، من جلعات في إسرائيل إلى شرم الشيخ، ويشمل هذا منطقة بمساحة 10 كيلومترات حول مدينة العقبة.
* منطقة بعرض 10 كيلومترات على ضفتي القناة المقترحة التي تربط بين جلعات والعريش.
* منطقة بعرض 10 كيلومترات على ضفتي قناة السويس، على أن تكون مستعدة لممارسة السيطرة الكاملة على القناة في حالة وقوع أعمال عدائية لضمان حرية مرور سفن كل الدول عبر قناة السويس.
ووفق الخطة، سوف تمنع قوة الشرطة مرور أي أسلحة عبر المنطقة العازلة إو إليها، على أن تمارس القوة الأممية المهام المكلفة بها لمدة 10 سنوات على الأقل، تخضع بعدها لمراجعة الأمم المتحدة.
كيف سيكون وضع قناة السويس؟
كما جاء في الخطة، تقع القناة في غرب المنطقة العازلة المقترحة. وسوف تحصل مصر على رسوم المرور “طالما أنها تسيطر على القناة وفقا لترتيبات مع الأمم المتحدة”.
تكشف الوثائق أن وزارة الخارجية البريطانية درست الخطة بعناية.
وفي نقاش بشأنها، أبلغ روبرتس، من إدارة الشؤون الشرقية في الخارجية البريطانية، النائب ودد، في لقاء مباشر، بموقف حكومة على النحو التالي:
أولا: نشك كثيراً في استعداد الجمهورية العربية المتحدة التخلي عن السيادة على المنطقة (سيناء).
ثانيا: من المؤكد أن الجمهورية العربية لن تكون مستعدة حتى للسماح بأن يوضع قطاع غزة تحت سيطرة وكالة دولية، ناهيك عن سيطرة إسرائيل.
ثالثا: عندما يحين الوقت الملائم، سوف ينبغي وضع ترتيبات للتعامل مع المشكلات المعقدة التي هي الآن محل نزاع بين إسرائيل والدول العربية.
رابعا: هذا لا يعني أننا لسنا مهتمين بخطط للتعامل مع المستقبل السياسي والاقتصادي لهذه المنطقة التي هي مسرح لعمليات عسكرية.
لم يغلق هذا اللقاء ملف سيناء. فقد طرح رجل أعمال بريطاني يدعى بي إس ليتي، على وزارة الخارجية، مشروعا يستهدف إنشاء منطقة سماها “يونوأربيا” ناصحاً بأنه “ينبغي أن تقدم الدبلوماسية البريطانية أكبر مساهمة في التوصل إلى حل” للصراع في الشرق الأوسط.
وأضاف ليتي، الذي كان طياراً في سلاح الجو البريطاني، في رسالة مرفقة بمشروعه المقترح، إلى السكرتير الخاص لوزير الخارجية البريطاني، أنه “حتى لو تم التوصل إلى تسوية عبر الأمم المتحدة، فإنه سيكون جيدا التفكير أن تكون خطة بريطانية هي أداتها”.
محتـوى قـد يهمـك
ويتلخص المشروع المقترح في إنشاء منطقة تتألف من أراض من إسرائيل ومصر والأردن كحل بعيد المدى دون أن يكون تسوية دائمة بين الدول الثلاث. وتشكل المنطقة قطاعا لا يزيد قطره عن 5 أميال (حوالى 8.5 كيلومترات)، ويكون قطاع غزة بمينائه مدخلا له، ويشمل أجزاء من العقبة (في الأردن) وإيلات (في إسرائيل).
واقترحت الخطة إقامة المنطقة لمدة 10 سنوات على الأقل، على أن يخضع المشروع للمراجعة كل 5 سنوات.
والهدفان الرئيسيان من إنشاء هذه المنطقة هما: “إنشاء دولة عازلة على طول الحدود المضطربة، وفي الوقت نفسه توطين 600 ألف لاجىء فلسطيني في هذه المنطقة”.
وعن وسيلة إقناع اللاجئين بالتوطين في المنطقة، يتضمن المشروع حملة دعائية لإقناعهم بأن مستقبلهم سيكون أفضل وأكثر رخاء من العودة إلى منازلهم القديمة سواء في قطاع غزة أو غيره.
كيف يتم إنشاء المنطقة؟
وفق المشروع، تشتري الأمم المتحدة بنظام حق الانتفاع من إسرائيل ومصر والأردن الأراضي المستهدفة.
وتتولى محكمة العدل الدولية تقدير سعر الأرض وتوزيع الثمن على الدول الثلاث بالتساوي. ويُمد خط سكة حديدة من ميناء غزة إلى العاصمة الأردنية، عمان. وبذلك تحصل المملكة على منفذ على البحر الأبيض، لتستغني عن ميناء حيفا في إسرائيل.
أما امتداد الخط إلى البحر الأحمر قرب العقبة، فسوف يمنح إسرائيل منفذا عبر خط السكة الحديد إلى البحر الأحمر، مروراً بمنطقة الأمم المتحدة الجديدة.
كيف ستدار “يونوأربيا”؟
تفوض الأمم المتحدة سلطاتها إلى الناس الذين سوف يسكنون المنطقة عبر هيئة حاكمة تكون بمثابة مجلس وزراء يتألف من ثمانية أشخاص، أربعة إسرائيليين وأربعة عرب (مصريان وأردنيان).
وتُقسم المنطقة إلى ثلاث مقاطعات يحكم كل منها نائب عن الهيئة الحاكمة، واحد من مصر، وثان من إسرائيل، وثالث من الأردن. وتعين الأمم المتحدة حاكما عاما يكون هو المدير المباشر للنواب الثلاثة.
واقترح صاحب المشروع أن يكون هذا المدير باكستانياً أو هندياً ماهراً، ويقوم مقام رئيس الدولة، ويكون مقر سكرتاريته العامة في غزة.
هل يمكن أن تستفيد دول أخرى من المشروع؟
عبر مقترح المشروع عن أمله في أن يمتد خط غزة- عمان الحديدي عبر الصحراء إلى الرطبة في العراق ويمتد داخل البلاد إلى الرمادي ثم إلى بغداد ثم إلى حقول النفط في كركوك. وهذا الامتداد، سوف يعطي العراق منفذا لتصدير النفط عبر البحر المتوسط، ويخفض بقدر كبير رحلة التصدير الحالية التي تمتد إلى البصرة ثم إلى الخليج ثم قناة السويس.
ماذا عن المياه؟
ستكون مشروعات المياه تحت إدارة هيئة جديدة باسم “مجلس الطرق السريعة، والري والممرات المائية”، ويكون مقره في غزة نفسها. وتخضع كل مشروعات المياه التي ستقام لأغراض استصلاح الصحراء والزراعة لهذا المجلس.
وأولى المشروع قناة السويس أهمية خاصة. ونص على وضعها تحت سيطرة المجلس، غير أن المجلس سيفوض مهام الإدارة اليومية وتشغيل القناة للحكومة المصرية، وفق عقد يلزم مصر بفتح الممر المائي لسفن كل الدول، وصيانة الممر وفق معايير يضعها مفتشون تابعون للمجلس.
وفيما يتعلق بعوائد القناة، فإنها ستُدفع إلى المجلس، على أن تحصل مصر على مبلغ مقابل أعمال الصيانة، إضافة إلى نسبة من رسوم المرور.
وكشف ليتي عن أنه ناقش المشروع مع “مسؤولين أردنيين ومصريين وإسرائيليين”، لم يذكر أسماءهم، غير أنه قال إنهم “لم يلزموا أنفسهم بأي شيء دون الرجوع إلى حكوماتهم”. إلا أن ليتي قال إنه “فُهم أن المشروع يستحق الدراسة من جانبهم”.
وتوقع أن تأتي الاعتراضات الأكبر من جانب إسرائيل، غير أنه اقترح “إمكانية تجاوز هذه الاعتراضات ببعض تعديلات يُتفق عليها، ثم بتأييد غالبية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة عبر تصويت”. وقال إن “هذا سيتحقق لو توفر لدى الدول العربية استعداد لدعم الأمم المتحدة”.
حساسية “مصرية وإسرائيلية”
أيدت جمعية الأمم المتحدة في بريطانيا المشروع.
ونصحت الجمعية، وهي منظمة مستقلة تهدف إلى تعزيز دور المملكة المتحدة في الأمم المتحدة، في رسالة رسمية إلى وزارة الخارجية البريطانية بأن “يُدرس بجدية في الوزارة”، معبرة عن اعتقادها بأن المشروع “يتضمن مقترحات تستهدف تسهيل التوصل إلى تسوية في الشرق الأوسط”.
وبعد عرض المشروع على الإدارات المختصة في وزارة الخارجية، تواصلت الوزارة مع رجل الأعمال.
وفي رسالة رسمية إلى ليتي، قال جيه أيه إن غراهام، السكرتير الشخصي لوزير الخارجية إن هناك “صعوبات عملية بالطبع” تعترض تنفيذ المشروع المقترح.
وقال إنه “يمكن وضع مشروع إنشاء قطاع تديره الأمم المتحدة موضع التنفيذ فقط لو كان لدى مصر أو إسرائيل أو كليهما استعداد للتخلي عن السيادة عن المنطقة موضع الاهتمام، أو إمكانية إجبارهما على ذلك من جانب الأمم المتحدة”، وأضاف أن الدولتين “حساستان بشأن مسألة السيادة”.
وأشار رد الخارجية إلى أن المشروع “يتطلب بالضرورة درجة من التعاون بين العرب والإسرائيليين، وهو أمر ليس من الواقعية توقعه في ظل الظروف الحالية”. وأضاف أنه “لو أمكن بالفعل الحصول على هذا التعاون، فإنه لن تكون هناك حاجة إصلاً إلى إنشاء قطاع تديره الأمم المتحدة”.
وفيما يتعلق بممارسة بريطانيا، كعضو دائم في مجلس الأمن الدولي، نفوذها في الأمم المتحدة لتنفيذ المشروع، قال غراهام “نحن عضو واحد فقط ضمن العديد من الأعضاء. ورغم أننا سوف نؤدي دورنا بالكامل في إرساء حل عاجل للمشكلات الحالية، فإن الكثير سوف يتوقف على موقف الدول الأصغر، التي تشكل الأغلبية.
ولم تذكر الوثائق ما إذا كانت بريطانيا قد ناقشت هذه المشروعات مع الأطراف المعنية.