أخبار العالم

سياسات فرنسا تواصل تهشيم صورة الجمهورية داخل “العقل الشعبي المغربي”



أخطاء متتالية للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أسفرت عن نفور شبه عام في “العقل الشعبي المغربي” من كل ما هو فرنسي، بحيث صار المغاربة ينظرون بعين مغايرة لفرنسا، بعدما تبين مراراً أن “المقاصد السياسية والاقتصادية التي تراهن عليها الجمهورية الفرنسية تكون في العادة ضد إرادة الشعوب؛ فهي مازالت تفكر بمنطق استعماري قديم، لم تستطع التخلص منه”.

وصارت تعليقات المغاربة على الأنباء المتعلقة بفرنسا حادة وقاسية، خصوصاً حين وجد محللون مغاربة، منهم محمد نشطاوي وعمر المرابط، أن “تقهقر فرنسا في القارة الإفريقيّة يمثل نهضة تستأثر باهتمام المغاربة وكل شعب يرفض الوصاية الخارجية، لاسيما بعدما اتضح أن باريس متمسكة بعجرفتها البالية وخطابها الاستعلائي تجاه كل ما هو إفريقي”.

ردود فعل

محمد نشطاوي، جامعي ومحلل سياسي، اعتبر أن “هذا النفور الذي صار يعبر عنه المغاربة على مواقع التواصل الاجتماعي مرده إلى الشعور بعدم الارتياح لكل ما هو فرنسي، بحكم ما يعيشه المسلمون المغاربة في فرنسا من عنصرية وتضييق على حريتهم الأساسية”، مضيفا أن “الصورة التي سوقت لها فرنسا على أنها بلد حاضن للحريات انهارت تلقائيا، حين بدا أن العقل الفرنسي الآن صار يقوم على العداء للمسلمين”.

وأوضح نشطاوي، في تصريح لجريدة هسبريس، أن “ماكرون حين خاطب المغاربة قام بخرق للأعراف الدبلوماسية، فتأكد لهم أن الساكن بقصر الإليزيه يتصرف بنوع من العجرفة والتعالي لم يعودا مقبولين منهم”، موردا أن “التاريخ الكولونيالي الذي مازال حاضراً، وتلك الرّغبة في فرض اللغة الفرنسيّة في المستعمرات القديمة، أسفرا عن رغبة في الابتعاد عما يمكن أن يعيد تدوير الهيمنة”.

وأكد الأستاذ الجامعيّ ذاته أن “الشعور الذي تشكّل في الذات المغربية حول فرنسا صيّرها تبدو مرادفا لنوع من الشر، وساهم في خلخلة الحضور الفرنسي حتى عند العديد من النّخب الفرانكفونيّة المغربيّة التي كانت موالية تاريخيا لفرنسا”، وزاد: “فرنسا بالنسبة للمغربيّ تجسّد الاحتلال والاستغلال والرغبة في السيطرة على كل شيء”.

كما أفاد المتحدث بأن “الذات المغربية صارت تستحضر التفكيك والتفرقة التي ضلعت فيها فرنسا، وتستحضر مختلف مراحل السيطرة والاستعمار، وأن فرنسا لم يكن وراءها سوى الذل والفقر والجوع والتخلف في العديد من البلدان الإفريقية”، لافتا إلى أنه “اتضح مرارا أن ما يهم فرنسا هو المصالح، وتوغل هذه الحقيقة في تصورات المغربي عنها وضعت هذه الدولة في الخانة التي تستحقها”.

“وضاعت الأنوار الباريسية”

عمر المرابط، محلل سياسي ونائب عمدة سابق بفرنسا، اعتبر أن “هذه الصورة القاتمة والمتهشمة التي تشكلت عند المغاربة عن الجمهورية الفرنسية راجعة بالأساس إلى التصرفات المتتالية غير السليمة للرئيس إيمانويل ماكرون، الذي يلقى إدانة حتى داخل الوسط السياسي الفرنسي”، وزاد موضحا: “ماكرون لم يفهم أن المجتمع المغربي تغير وأن العالم صار صغيراً بحكم مواقع التواصل الاجتماعي”.

وأورد المرابط، في حديثه إلى هسبريس، أن “فرنسا لم تعد ذلك الحلم الذي كان لدى السابقين، إذ صارت هناك بدائل في الدول الأنجلوساكسونية تغري المغاربة”، مشددا على أن “الاستفزازات المتوالية للشعور المغربي جعلت المغاربة يغضون الطرف عن مساندة فرنسا للمغرب مرارا، بما أن الوضع الحالي الذي صار يطرح مشكلاً خلق تصوراً جديدا لدى الشعب”.

وكشف المحلل السياسي ذاته أن “مشكلة استغلال الإعلام الفرنسي لأزمة الزلزال وانشغاله في اتخاذ المأساة كدرع لتصفية حسابات سياسية جعلت المغاربة يتجندون لإدانة هذا الفكر، الذي لا يعبر بالضرورة عن معظم الفرنسيين، لكونهم لا يتفقون مع سياسة بلدهم الخارجية في مناحي كثيرة”، مؤكدا أن “هناك ضغوطات من النخب الفرنسية على ماكرون لإنقاذ صورة فرنسا”.

وأوضح المتحدث ذاته أن “الشّعب المغرب صار يعي أن هناك حملة تجاه المغرب في فرنسا، كلما تزايدت كلما التحم المغاربة في وجه الشرور الخارجية، رغم ما يمكن أن يكون من خلافات على مستوى الداخل”، مسجلا أن “ما وقع في الزلزال زاد تكريس رفض المغاربة لمنطق فرنسا في التعامل مع شعوب المنطقة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى