العنصرية تستهدف السياح والمقيمين الأجانب في تركيا وسط صمت رسمي
الممارسات العنصرية ضد الأجانب، وتحديدا العرب، تتنامى بشكل غير مسبوق في تركيا، لا سيما مع التساهل الرسمي في التعاطي مع العنصريين، حيث ليس هناك عقاب رادع يمنع انتشار هذه الظاهرة.
وتأتي العنصرية ضد العرب بعد أن خسرت المعارضة التركية كثيرا من أوراقها، وتصدعت تحالفاتها عقب الانتخابات الأخيرة، فتتجه الآن باتجاه تعزيز عوامل الفرز العنصري لتستعيد أصوات الشريحة المعادية للعرب بصفة عامة وللاجئين بصفة خاصة؛ وذلك من خلال تصعيد عمليات الاستهداف تجاه الأجانب “لاجئين وغير لاجئين”، بهدف استفزاز الحكومة التركية وجرها إلى اتخاذ إجراءات تنفر فئة الأتراك المعادية للاجئين.
وتناول كثيرون مخاطر استهداف الأجانب على سمعة تركية واقتصادها، خصوصا أن الممارسات العنصرية تطورت إلى جرائم جنائية ذات مرجعية قانونية قضائية لا سياسية، فهل سينجح أردوغان في حربه ضد العنصرية قبل أن تشوه سمعة تركيا؟
تحت أنظار رجال الشرطة
تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي، يوم السبت الماضي، مقطع مصورا يوثق لحظة اعتداء أتراك على سائح كويتي خلال وجوده مع عائلته في ميدان طرابزون بتركيا.
وفي تصريح لقناة Atv الكويتية، قال المواطن الكويتي إن الخلاف بدأ عندما أحضر أطفاله وجبة “شاورما” من أحد المحلات المجاورة لمحل الحلويات الجالسين فيه، وإذ بالنادل يطردهم من المحل ويفرض عليه دفع الفاتورة، فلجأ السائح إلى شرطي تركي يقف بالقرب من المحل؛ لكن الشرطي رفض حتى رد السلام ودفع يد السائح، حسب قوله، ليتهجم عليه بعد ذلك عدد من الأتراك وانهالوا عليه بالضرب حتى تسببوا بكسر أسنانه الأمامية، ثم قام أحد الأتراك بضربه بآلة حادة ليدخل في غيبوبة لم يستيقظ منها إلا في اليوم الثاني، وكل هذا أمام أنظار عناصر الشرطة التي لم تحرك ساكنا، حسب أقوال المواطن الكويتي.
المسافة لم تعجب سائق التاكسي
عرف خبر وفاة المغربي جمال دومان (57 عاما) انتشارا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، وقد أثار الكثير من الجدل وردود الأفعال.
وقد ظهر في مقطع الفيديو المنتشر أن الشجار قد بدأ بالمشادات الكلامية، بعد أن رفض سائق الأجرة أن يقل جمال إلى منزله بسبب قصر المسافة، مما دفع جمال إلى التعبير عن غضبه عبر ضرب مقعد السيارة بيده؛ وهو ما أثار غضب سائق الأجرة التركي، فنزل من سيارته وانهال على دومان بالضرب والركل، ليسقط الأخير على رأسه، مما تسبب له بنزيف في المخ، ليلفظ بعدها أنفاسه الأخيرة.
والأمر الذي نال غضب رواد مواقع التواصل الاجتماعي هو أن السلطات قد أفرجت عن قاتل المغربي جمال دومان، بعد ساعات من اعتقاله.
ألف ليرة تركية
في السياق مع حادثة السائح الكويتي، السبت الماضي، جريمة قتل راح ضحيتها الشاب السوري عمار إبراهيم طبوش (22 عاما).
ونقلت مصادر أن الواقعة كانت في إحدى الورشات الصناعية في منطقة قونيا، مكان عمل الشاب السوري، حيث جاء طبوش ليطالب رب عمله شوكرو غولير بقيمة مستحقاته المتبقية من أجرته (1000 ليرة تركية)، لينشب خلاف تحول إلى مشاجرة دفعت شوكرو إلى إطلاق أعيرة نارية عديدة على عمار، نقل إثرها إلى المستشفى ليفارق بعدها الحياة.
يمني في مواجهة خمسين تركي
أثارت مشاهد تعرض شاب يمني لاعتداء وحشي من قبل عشرات الأتراك في أحد المجمعات السكنية في إسطنبول استياء واسعا على منصات التواصل الاجتماعي.
وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، في الأيام الأولى من الشهر الماضي، تسجيلات مصورة تظهر اعتداء ما يقارب خمسين شخصا على الشاب اليمني فراس محمد النهاري (24 عاما)، بعد شجار اندلع بين شقيقه الطفل هشام (15 عاما) وطفل آخر تركي، لتقوم مجموعة من الأتراك بمطاردة الطفل وضربه ضربا مبرحا، قبل أن يحاول التدخل شقيقه فراس لإنقاذه، ليتعرض هو الآخر للضرب، مما استدعى لإسعافهما إلى أحد مستشفيات المدينة.
“لا أدخن”
إبراهيم دلي حسن، شاب سوري (22 عاما)، كان يتجول في منطقة السنجاك بولاية إزمير، يوم السبت الماضي، برفقة صديقه حين طلب منه رجل تركي سيجارة، فرد عليه قائلا: “لا أدخن”، جواب دفع الرجل التركي إلى طعن الشاب طعنات عديدة في مناطق متباينة من جسده كالرقبة والصدر. وعلى إثرها، تم نقل الشاب السوري إلى مستشفى قريب؛ لكنه فارق الحياة لاحقا، على الرغم من المحاولات التي بذلت من أجل إنقاذه.
يستحيل التطرق إلى جميع حالات الإساءة الموثقة في تركيا، بسبب كثرتها وانتشارها؛ إلا أن العنصرية ضد العرب تكلف تركيا 5 مليارات دولار حسب الكاتب التركي ياسين أقطاي، مشيرا إلى أن هدف العنصريين لا يقتصر على خلق شعور الكراهية ضد العرب فقط، بل يسعى بشكل أساسي إلى تحويل السياحة والاستثمارات العربية بعيدا عن تركيا.
يذكر أن بيانات وزارة السياحة التركية أوضحت أن عدد السياح في تركيا بلغ أكثر من 7 ملايين سائح زاروا هذا البلد، خلال الستة أشهر الأولى من العام الجاري؛ وبينهم ما يقارب مليونا و169 ألف سائح عربي.