قبول أو رفض المساعدات التضامنية في الكوارث شأن سيادي للدول
يواصل النظام العسكري الجزائري، عبر تسخير أبواقه الإعلامية، مهاجمة المملكة المغربية، خاصة بعد رفضها دخول المساعدات التي وضعها رهن إشارتها، جراء الزلزال المدمر الذي هز عددا من الأقاليم.
ومباشرة بعد قبول المغرب مساعدة أربع دول هي الإمارات العربية المتحدة وقطر وإسبانيا والمملكة المتحدة، مع عدم التجاوب مع عروض دول أخرى، ومنها المقترحة من قبل النظام العسكري الجزائري، تم تسخير أبواق إعلامية جزائرية من أجل مهاجمة المملكة، ومحاولة تجييش الشعب المغربي، الذي رد على ذلك بتنظيم قوافل بالملايين نحو المناطق المتضررة.
وفي هذا السياق قال إدريس لكريني، أستاذ العلاقات الدولية وتدبير الأزمات، إن “هذه اللحظة تتعلق بزلزال مدمر خلف مجموعة من الضحايا والخسائر، وهي لحظة ضاغطة وكارثة إنسانية تقتضي التعامل معها بعيدا عن الخلفيات السياسية، وعن المصالح الضيقة، وأيضا بعدم التشويش على الجهود المبذولة التي تجندت لها كل الفعاليات الرسمية والشعبية بالمغرب”.
وأضاف لكريني أن “المفروض من الدول على المستوى الإقليمي والدولي أن تتعامل مع اللحظة بقدر من الاحترام، وأخذ هذه الظروف بعين الاعتبار، وعدم التشويش على الجهود، مع اعتبار صعوبة اللحظة وآلام الشعب المغربي قاطبة إثر هذا المصاب الجلل”.
وأشار أستاذ العلاقات الدولية وتدبير الأزمات إلى أن “طلب المساعدات من عدمه هو شأن سيادي تمارسه الدول في إطار سيادتها وانطلاقا من مصالحها، وأخذا بعين الاعتبار تقديرها للأمور”، مضيفا: “أعتقد أن المغرب عندما قبل مساعدات بعض الدول كان الأمر يتعلق بتقديرات تخضع لمجموعة من الاعتبارات الآنية المرتبطة بالحاجيات المطروحة والمطلوبة، وأيضا لظروف تدبير هذه الكارثة، بالنظر إلى مجموعة من العوامل المحيطة بهذه العملية”.
وشدد المتحدث ذاته على أن “عدم قبول هذه المساعدات أو تلك لا ينم عن رفض المساعدة في حد ذاتها، ولكن هو مرتبط بمحاولة البعض استغلالها بشكل أو بآخر أو محاولة للركوب عليها أو لتسويق بعض الأفكار والمعطيات المغلوطة بهذا الخصوص”، مشيرا إلى أن القرار مرتبط أيضا بـ”تركيز صناع القرار على تدبير هذه الكارثة التي تجندت لها مختلف السلطات والهيئات المدنية، وحظيت بتضامن كبير من لدن الشعب المغربي قاطبة، وأيضا أخذا بعين الاعتبار الظروف المحيطة بهذه العمليات التي تملك السلطات لوحدها المعلومات بصددها على مستوى وجود منافذ للوصول إلى الضحايا أو المتضررين، أو توافر الظروف الملائمة لتقديم الدول هذه المساعدات”، ومؤكدا أن “الرفض يجب أخذه من هذا المنطلق”.
وأضاف لكريني أن “بعض الدول مازالت تنظر إلى المغرب (الدول التي لا تثق في قدراته على مستوى تدبير المخاطر والكوارث) وفق تلك الصورة النمطية التي تعد دولا بعينها قاصرة أو بحاجة إلى مساعدات تتم محاولة توظيفها توظيفات منحرفة”، مؤكدا أن “المغرب أرسى تجربة مهمة بهذا الخصوص باعتباره معنيا بالكوارث الطبيعية، كالجفاف والحرائق والفيضانات والزلال، وكان سباقا لإحداث صندوق الكوارث الطبيعية منذ سنوات، مع إستراتيجية وطنية في هذا الخصوص، وهيئات ومؤسسات معنية”، وفق تعبيره.
وذكر إدريس لكريني أن “هناك إشرافا ملكيا على الجهود المبذولة حاليا في مناطق الزلزال، بل أكثر من ذلك كانت هناك زيارة ملكية، ما يعطي الثقة في كل الجهود التي تبذلها الدولة على قدم وساق”، مشيرا إلى أن “الرد المغربي قطع الطريق على كل من حاول استغلال هذه المأساة لأجندات ضيقة بصورة واضحة”، ومضيفا أن “المغرب كان صائبا عندما اختار انطلاقا من محددات سياسته الخارجية قبول مساعدات بعض الدول الشقيقة والصديقة”.
وختم المتحدث ذاته حديثه مع هسبريس بالقول: “إن مساعدات بعض الدول ستبقى مطروحة، وخاصة تلك التي يثق فيها المغرب، إلى حين نضج الظروف التي تسمح بقبولها، خصوصا أن التعامل مع الكارثة اليوم يتم عبر تدابير آنية ومستقبلية مرتبطة بإعادة الإعمار وتأهيل المناطق المتضررة، وذلك بالصورة التي يمكن أن توظف فيها هذه المساعدات توظيفا سليما إيجابيا يتماشى مع هذه اللحظة الإنسانية، وكذا مع محددات السياسة الخارجية للمملكة”.