الحرب في السودان: “لا أستطيع التواصل مع أهلي، ولا يعلمون مكاني” – طفل يواجه النزوح وحده
- Author, شيرين شريف
- Role, للسودان سلام – بي بي سي نيوز عربي
من بين آلاف القصص المأساوية التي يحملها النزوح والنزاع، تبرز قصص بعض الأطفال الذين يواجهون هذه الظروف الصعبة بمفردهم بعيدا عن ذويهم. فمع اندلاع القتال في مناطق مختلفة من السودان، اضطر العديد من الأطفال للفرار وحدهم بحثا عن ملاذ آمن.
علام أدم، وهو طفل يبلغ من العمر 12 عامًا، كان يحلم بتعلم القرآن فترك قريته، أم دخن، بجنوب دارفور وسافر للخرطوم ليلتحق بمدرسة لتعليم القرآن في منطقة الصالحة. ولكن بعد نشوب الحرب، اضطر علام للفرار مع صديق له ونزحوا لمدينة القضاريف شرق السودان.
تم تسجيل علام أدم في ولاية القضاريف ضمن الأطفال فاقدي السند ويقيم حاليا مع أحد شيوخ المدينة يدعى الشيخ آدم حسن.
تمكن صديق الطفل علام من التواصل مع أهله ولُم شملهم، ولكن علام لم يتمكن من الوصول لذويه.
“لا أتواصل مع أهلي ولا أعرف رقم هاتفهم وهم لا يعلمون أين أنا”، بهذه الكلمات استهل علام حديثه مع برنامج للسودان سلام.
وعندما سألته إذا كان يشعر بالأمان في مكان إقامته حاليا رد: ” أنا اسكن مع عم أدم .. أنا مرتاح وآكل جيدا”.
سألته إذا كان يريد العودة للخرطوم: ” أفتقد المدرسة .. مدرسة أستاذ أحمد حيث أتعلم القرآن الكريم”.
الأطفال الأكثر تضررا من الحرب
يوجد بمراكز إيواء القضاريف حاليا أكثر من 4 آلاف طفل، منهم 4 أطفال بدون ذويهم أحدهم يبلغ من العمر 7 سنوات، بحسب تصريحات آسيا عبد الرحمن حسين، أمين عام رعاية الطفولة بولاية القضاريف خلال حديثها لبرنامج للسودان سلام.
وأضافت آسيا: ” يتم الاهتمام بهم مثل الأطفال الاخرين دون تمييز، سواء في الغذاء أو الكساء أو الدعم النفسي، كما نحاول التقصي عن أماكن ذويهم والتواصل معهم للم شملهم. لدينا طفل من خارج الحدود وقد تواصلنا مع الصليب الأحمر للمساعدة في الوصول لأسرته.”
منذ بدء الحرب كان الأطفال هم الفئة الأكثر تضررا دون غيرهم كما تبين الأرقام. فقد وثقت منظمات محلية مقتل عشرات الأطفال الرضع بسبب انقطاع التيار الكهربائي لفترة طويلة عن دار رعاية الأيتام التي كانوا يقيمون فيها في الخرطوم، وذلك بعد شهر من اندلاع الحرب.
“أكثر من 700 طفل نازح جديد كل ساعة”
وتعكس معاناة علام أدم والأطفال الآخرين في مراكز الإيواء واقعًا يعيشه أكثر من مليوني طفل نزحوا منذ بداية النزاع قبل أربعة أشهر فقط كما تظهر إحصائيات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف). وتعرب المنظمة عن قلقها حيث تشير معدلات النزوح إلى وجود أكثر من 700 طفل نازح جديد كل ساعة.
ومع استمرار العنف في تدمير البلاد، تشير التقديرات وفق اليونيسف إلى أن أكثر من 1.7 مليون طفل يتنقلون داخل حدود السودان وأكثر من 470 ألف طفل عبروا إلى البلدان المجاورة.
وقالت مانديب أوبراين، ممثلة اليونيسف في السودان: “مع نزوح أكثر من مليوني طفل من ديارهم خلال أشهر قليلة فقط بسبب النزاع، ووقوع عدد لا يحصى في قبضته القاسية، نؤكد كثيراً على الحاجة الملحة للاستجابة الجماعية”.
وناشدت اليونيسف جميع أطراف النزاع إعطاء الأولوية لسلامة الأطفال، وضمان حمايتهم، وتمكين وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى المناطق المتضررة.
وعلى عكس ما يعيشه السودان، فالوضع ليس مشابها في أوكرانيا، حيت تقديم الدعم أسرع، بحسب ما يراه عمال الإغاثة.
وقال مدير مجلس اللاجئين النرويجي (إن آر سي) في السودان، وليام كارتر، إن نظام التمويل الإنساني العالمي “عنصري بشكل صارخ”، كما هو الحال في نظام الحماية الدولية.
وقارن كارتر عبر حسابه في إكس (تويتر سابقا)، بين الاستجابة المختلفة للحرب بين السودان وأوكرانيا، مشيرا إلى أنه في أوروبا يتم الترحيب باللاجئين الفارين من الهجوم الروسي، وقُدِّمت مليارات المساعدات، لكن في السودان تحتاج منظمات الإغاثة إلى “التوسل” لأشهر للحصول على ملايين الدولارات من المساعدات، ولا يُرحب باللاجئين.
وقال: “إنها حكاية عاصمتين، كلتاهما ضربتهما غارات جوية مع انفجار حرب واسعة النطاق.
واحدة في أوروبا، حيث تتلقى مليارات الدولارات من المساعدات خلال أيام وهناك مرحب باللاجئين “.
وأضاف “أما الأخرى في أفريقيا. نحن بحاجة إلى التوسل لأشهر من أجل ملايين الدولارات من المساعدات للاستجابة. واللاجئون غير مرحب بهم، وجوازات سفرهم ممزقة والتأشيرات لم تصدر، وإقامتهم القانونية في بلدان أخرى تقلصت، ويواجه اللاجئون عمليات الإعادة والترحيل، ولا تتوفر وسيلة أو مساعدة للخروج من منطقة القتل”.