مصر: ماذا تحقق بعد 10 سنوات على أحداث 30 يونيو؟
مرَّ عقد من الزمن على أحداث 30 يونيو 2013 وما تلاها من تطورات كانت نقطة فارقة في تاريخ مصر والعالم العربي، فقد شهد ذلك اليوم ذروة تظاهرات شعبية حاشدة أدت بعد ثلاثة أيام إلى تدخل الجيش بقيادة وزير الدفاع آنذاك الفريق أول عبد الفتاح السيسي والإعلان وقتها عن إنهاء حكم الرئيس المنتخب محمد مرسي وتسليم السلطة إلى رئيس المحكمة الدستورية العليا المستشار عدلي منصور.
أمضى محمد مرسي فترة 12 شهرا في السلطة، تخللتها قرارات بدت متسرعة وغير شعبية واعتبرتها المعارضة المصرية وفئات واسعة من المجتمع تأرجحا سريعا نحو حكم استبدادي. كما رأت جماعات المعارضة المصرية حينها أنَّ الرئيس مرسي وجماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها يرميان إلى إقامة نظام ديكتاتوري شبه ديني يقوده رئيس تعوزه الحنكة والخبرة السياسية وحكومة تفتقر إلى الكفاءات السياسية الضرورية لإدارة شؤون البلاد.
تساؤلات بالجملة
وأيا كانت المواقف والتفسيرات المتباينة، لما شهدته مصر من أحداث قبل تاريخ 30 يونيو 2013 وبعده، يتبادر اليوم في أذهان ملايين المصريين أسئلة عديدة حول مستقبل البلاد، من قبيل هل تحسنت الأوضاع السياسية والاقتصاد للمصريين اليوم بعد عشر سنوات من تلك الأحداث؟ هل تحققت المطالب التي رفعتها ثورة 25 يناير 2011 من حرية للرأي والتعبير وعدالة اجتماعية وعيش كريم؟
مصر دولة كبرى عربيا
ولا تزال مصر، مثلما كانت في الماضي، عاملا مهما ومؤثرا في استقرار الوطن العربي عموما ومنطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص. فهي الدولة العربية الأكثر اكتظاظًا بالسكان، ولديها أقوى جيش عربي، وتحتل موقعا جيوستراتيجيا بارزا، كما أن استقرار نظام حكمها يكتسي أهمية لدى الدوائر السياسية الغربية في منطقة تموج بالفوضى والتوترات فيما بين دولها والصراعات الداخلية كنتيجة مباشرة لما أطلق عليها “ثورات الربيع العربي” لعام 2011، ناهيك عن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي المزمن.
السيسي بين المؤيدين والمعارضين
وينقسم الرأي العام المصري والعربي والدولي في تقييم عشر سنوات من تصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي المشهد السياسي في مصر، فمنه من يرى أن السيسي أعاد الاستقرار إلى مصر وأنقذها من السقوط في براثن حكم ذي ايديولوجية مستبدة كانت ستودي بالبلاد والعباد إلى سيناريوهات اقتتال داخلي قد تكون شبيه بما شهدته الجزائر في تسعينيات القرن الماضي وسوريا بعد 2011.
في حين ترى فئة أخرى أن مصر سجلت تراجعا كبيرا عما كانت عليه قبل الإطاحة بنظام الرئيس الراحل حسني مبارك، في مجال احترام حقوق الانسان وحرية الرأي والتعبير وانفتاح المناخ السياسي علاوة على تردي الوضع الاقتصادي والمعيشي لغالبية المصريين.
مصر استعادت هيبتها
ويرى المدافعون عن حصيلة عشر سنوات على أحداث 30 يونيو 2013 أن تدخل الجيش آنذاك أعاد لمصر هيبتها في المنطقة العربية، في سياق إقليمي مضطرب رغم التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية الهائلة. ويشيد هؤلاء بمنجزات الرئيس عبد الفتاح السيسي السياسية في تخليص مصر من حكم جماعة الإخوان المسلمين، ويثنون على تحقيقه الأمن وتثبيت الاستقرار ودحر الإرهاب وتحديث الجيش المصري وتطويره ليصبح أقوى الجيوش العربية.
تحديث ملموس
ويُسجَّل للرئيس السيسي نطاق التحديث والتغيير الذي دشنه باهتمام بالغ بالبنية التحتية المتهالكة، وإنشاء أخرى متطورة سعيا وراء جذب الاستثمارات الأجنبية، كما تمَّ في عهده شق تفريعة موازية لقناة السويس، ومد عشرات من شبكات السكة الحديدية، ومئات الجسور وعاصمة جديدة لامعة في ضواحي القاهرة تحتوي على أطول بناية في إفريقيا سيكتمل بناؤها قريبا. كما انطلقت المرحلة الأولى من مشروع القطار السريع ليربط بين ساحلي البحر المتوسط والبحر الأحمر.
اجتماعيا التفت السيسي إلى ترميم العلاقات مع المكون الديني الثاني في مصر. فصدرت قوانين عديدة تسهل من إجراءات بناء الكنائس وترميم المتهالك منها، كما دعم إصلاحات لتعزيز حقوق المرأة ودورها في المجتمع. إداريا زادت الرقمنة في المؤسسات الحكومية من التعامل مع طلبات كانت تظل حبيسة الرفوف لفترات طويلة، كما تقلصت مدة الانتظار في المستشفيات.
غير أن المعارضين والمنتقدين لحكم الرئيس عبد الفتاح السيسي يبسطون قائمة طويلة مما يعتبرونها إخفاقات سياسية واقتصادية انعكست سلبيا على المزاج الشعبي في مصر.
اقتصاد متهالك
اقتصاديا تضاعف حجم الديْن الخارجي بالنسبة للناتج المحلي العام وباتت خدمة الديْن العام للدولة تلتهم نصف الميزانية. فتراجعت الثقة بالاقتصاد المصري، وسحب المستثمرون الأجانب 20 مليار دولار في التسعة أشهر الأولى من العام 2022.
كما فقد الجنيه المصري نحو ثلاثة أرباع قيمته أمام الدولار الأمريكي خلال العشر سنوات الأخيرة، في بلد يستورد غالبية احتياجاته الضرورية مما أدّى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية إلى مستويات قياسية في ظل شح بالغ في العملة الصعبة. وُينتظر من مصر سداد أقساط ديون كبيرة مما قد يؤثر سلبا على الوضع الاقتصادي والنقدي للبلاد.
حريات مفقودة
وفي مجال الحريات العامة تنتقد منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان، مثل العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، السجل الحقوقي في مصر، وترى أن حرية الرأي والتعبير سواء لدى الأفراد أو الأحزاب لم تعد موجودة وأن نحو ستين ألف شخص يقبعون خلف القضبان لأسباب سياسية.
وتنتقد تلك المنظمات ما أعلن عنه الرئيس السيسي من حوار وطني، وتأخذ عليه استبعاد جماعة الإخوان المسلمين وأحزاب أخرى منه، رغم وجود مكون اجتماعي واسع مؤيد لتلك التيارات. وتطال تلك الانتقادات الدور المحوري للجيش المصري في اقتصاد البلاد وتتهمه بالاستحواذ على مقدرات وثروات البلاد وتوظيفها لصالحه.
منابع الدعم تجف
لقد اعتمدت الحكومة المصرية منذ أحداث 30 يونيو 2013 على معونات مالية واقتصادية سخية من دول الخليج في شكل منح وقروض وودائع بنكية، فضلا عن توفير وقود رخيص لمصر خلال أزماتها مما يقدر مجموعها بعشرات المليارات من الدولارات، غير أن منابع تلك المساعدات بدأت تجف في السنوات الأخيرة، وبات على الحكومة المصرية الآن ومستقبلا البحث عن مصادر دخل ذاتية جديدة لتوفير معيشة كريمة لأكثر من 100 مليون نسمة.
- ماذا تحقق في مصر من إنجازات منذ 2013؟
- أين أخفقت حكومة السيسي خلال العشرية الأخيرة؟
- هل يمكن وقف تردي الوضع الاقتصادي والمعيشي لغالبية المصريين؟
- وهل يمكن تجاوز القصور في مجال الحقوق والحريات مقابل تحسن الأوضاع الاقتصادية؟
سنناقش معكم هذه المحاور وغيرها في حلقة الجمعة 07 يوليو/موز
خطوط الاتصال تفتح قبل نصف ساعة من البرنامج على الرقم 00442038752989.
إن كنتم تريدون المشاركة عن طريق الهاتف يمكنكم إرسال رقم الهاتف عبر الإيميل على nuqtat.hewar@bbc.co.uk
يمكنكم أيضا إرسال أرقام الهواتف إلى صفحتنا على الفيسبوك من خلال رسالة خاصة Message
كما يمكنكم المشاركة بالرأي على الحوارات المنشورة على نفس الصفحة، وعنوانهاhttps://www.facebook.com/NuqtatHewarBBC
أو عبر تويتر على الوسمnuqtat_hewar@
كما يمكنكم مشاهدة حلقات البرنامج من خلال هذا الرابط على موقع يوتيوب