ما هي أبرز القضايا التي أدت إلى الصراع الإسرائيلي الفلسطيني المستمر منذ عقود؟
أعلن الجيش الإسرائيلي، يوم الأربعاء، انتهاء عمليته العسكرية واسعة النطاق في الضفة الغربية المحتلة، والتي استمرت ليومين في مخيم جنين.
وتعد هذه العملية إحدى أكبر عمليات الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية منذ سنوات.
وقد قتل في تلك العملية ما لا يقل عن عشرة فلسطينيين وأصيب نحو 100 آخرين، بحسب مسؤولي الصحة.
وفي ما تصفه حركة حماس الفلسطينية بأنه رد على هذه الغارة، أصيب سبعة أشخاص (ثلاثة منهم إصاباتهم خطيرة) عندما دهس فلسطيني بسيارته أشخاصا كانوا يقفون خارج مركز تجاري في مدينة تل أبيب الإسرائيلية.
وأحداث العنف هذه هي أحدث حلقة من حلقات الصراع المستمر منذ عقود.
كيف بدأ الصراع الإسرائيلي الفلسطيني؟
سيطرت بريطانيا على المنطقة المعروفة باسم فلسطين بعد هزيمة الإمبراطورية العثمانية، التي كانت تحكم ذلك الجزء من الشرق الأوسط، في الحرب العالمية الأولى.
كانت الأرض مأهولة بأقلية يهودية وأغلبية عربية.
وقد ازدادت حدة التوترات بين الجانبين عندما أعطى المجتمع الدولي لبريطانيا مهمة تأسيس “وطن قومي” للشعب اليهودي في فلسطين، التي تمثل بالنسبة لليهود أرض أجدادهم، وكذلك الحال أيضا بالنسبة للفلسطينيين العرب الذين يرون أنها أرضهم، فعارضوا هذه الخطوة.
وفي الفترة الممتدة بين عشرينيات وأربعينيات القرن الماضي، ازداد عدد اليهود القادمين إلى فلسطين، خاصة وأن العديد منهم كانوا قد فروا من الاضطهاد الديني الذي تعرضوا له في أوروبا، باحثين عن وطن في أعقاب ما عرف بالمحرقة “الهولوكوست” في الحرب العالمية الثانية.
كما تصاعد أيضا العنف بين اليهود والعرب، وكذلك ضد الحكم البريطاني في المنطقة.
في عام 1947، صوتت الأمم المتحدة على قرار لتقسيم فلسطين إلى دولتين منفصلتين، إحداهما يهودية والثانية عربية، على أن تصبح القدس مدينة دولية.
وقد وافق الزعماء اليهود على هذه الخطة بينما رفضها الجانب العربي. ولم تُطبق تلك الخطة مطلقا.
تأسيس إسرائيل و “النكبة”
لم يتمكن البريطانيون الذين كانوا يحكمون المنطقة من حل المشكلة، وغادروا البلاد عام 1948. وقد أعلن الزعماء اليهود بعد رحيل البريطانيين تأسيس دولة إسرائيل.
واعترض العديد من الفلسطينيين على الأمر، واندلعت حرب شاركت فيها قوات من الدول العربية المجاورة التي قدمت إلى المنطقة.
وقد نزح خلال تلك الحقبة مئات الآلاف من الفلسطينيين أو أجبروا على ترك منازلهم فيما عرف بـ “النكبة”.
وبانتهاء القتال بعد التوصل إلى هدنة في العام التالي، كانت إسرائيل قد سيطرت على معظم المنطقة.
وحفز إنشاء دولة إسرائيل موجات كبيرة من الهجرة اليهودية من أوروبا ومن الدول العربية التي كان يعيش فيها اليهود.
ما هي الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة؟
سيطر الأردن على المنطقة التي باتت تعرف بالضفة الغربية – وهي مساحة من الأرض على الضفة الغربية لنهر الأردن وتحدها إسرائيل من الشمال والغرب والجنوب، ويحدها الأردن من الشرق.
بينما سيطرت مصر على غزة، المنطقة الساحلية الصغيرة الواقعة على حدودها.
وتقاسمت القدس القوات الإسرائيلية في جانبها الغربي والقوات الأردنية في الجانب الشرقي.
وقد وقعت حروب أكثر وعمليات قتالية في العقود التالية، نتيجة لعدم التوصل لصيغة مرضية للطرفين، وبالتالي عدم توقيع اتفاق سلام.
واحتلت إسرائيل القدس الشرقية والضفة الغربية فضلا عن معظم مرتفعات الجولان السورية وقطاع غزة وشبه جزيرة سيناء المصرية في الحرب التالية في عام 1967.
وظل اللاجئون الفلسطينيون وأحفادهم في غزة والضفة الغربية، فضلا عن دول الجوار مثل الأردن وسوريا ولبنان.
ولم تسمح إسرائيل للفلسطينيين أو لأحفادهم بالعودة إلى ديارهم، إذ ترى إسرائيل أن مثل هذه العودة ستؤدي إلى أن يصبحوا الغالبية في البلاد، ما يهدد وجودها كدولة يهودية.
ما زالت إسرائيل تحتل الضفة الغربية، وعلى الرغم من انسحابها من غزة، ما زالت الأمم المتحدة تعتبر تلك البقعة من الأرض جزءا من الأراضي المحتلة.
كيف تغيرت المناطق الإسرائيلية الفلسطينية بمرور الوقت؟
هل القدس فلسطينية أم إسرائيلية؟
تقول إسرائيل إن القدس بكاملها هي عاصمتها، بينما يقول الفلسطينيون إن القدس الشرقية هي عاصمة دولتهم الفلسطينية المستقبلية.
وتعد الولايات المتحدة واحدة من عدد قليل جدا من الدول التي اعترفت بمطالبة إسرائيل بمجمل مدينة القدس عاصمة لها.
وقد بنت إسرائيل خلال الخمسين سنة الماضية مستوطنات في هذه الأراضي، حيث يعيش الآن أكثر من 600 ألف يهودي.
ويقول الفلسطينيون إن تلك المستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي وتمثل عقبات أمام عملية السلام، بيد أن إسرائيل تنفي ذلك.
هل تعد فلسطين بلدا؟
صوتت الأمم المتحدة للاعتراف بفلسطين “كدولة مراقِبة غير عضوة” في عام 2012.
هذا التغيير من “كيان مراقب” إلى “دولة مراقبة” سمح للفلسطينيين بالمشاركة في مناقشات الجمعية العامة، وتحسين فرصهم في العضوية في وكالات الأمم المتحدة والهيئات الأخرى.
لكن بطبيعة الحال لم يفض التصويت إلى قيام دولة فلسطينية.
على الرغم من ذلك، فإن أكثر من 70 في المئة من أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة البالغ عددهم 193 يعترفون بدولة فلسطين.
غالبا ما تكون حدة التوتر عالية بين إسرائيل والفلسطينيين الذين يعيشون في القدس الشرقية وغزة والضفة الغربية.
من يسيطر على غزة؟
تحكم قطاع غزة حركة حماس الفلسطينية التي قاتلت إسرائيل مرات عديدة.
وتحرص إسرائيل ومصر على إحكام السيطرة على حدود غزة لمنع وصول الأسلحة إلى حماس.
يقول الفلسطينيون في غزة والضفة الغربية إنهم يعانون بسبب الإجراءات والقيود الإسرائيلية، بينما تقول إسرائيل إنها تعمل فقط على حماية نفسها من العنف الفلسطيني.
ما هي المشكلة الرئيسية؟
ثمة عدد من القضايا الخلافية التي لا يستطيع الفلسطينيون وإسرائيل الاتفاق عليها.
ومن ضمن أبرز تلك القضايا، مصير اللاجئين الفلسطينيين، والمستوطنات اليهودية في الضفة الغربية المحتلة وهل ينبغي أن تبقى أم تُزال. وهل ينبغي أن يتشارك الجانبان في القدس، وهل ينبغي قيام دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل – وربما كان هذا الأمر الأكثر تعقيدا على الأطلاق.
وقد شهدت الثلاثون عاما الماضية العديد من محادثات السلام، لكن تلك المحادثات لم تفلح حتى الآن في التوصل إلى ما من شأنه حل النزاع المستمر منذ عقود.
ما الذي يحمله المستقبل؟
باختصار، يبدو أن هذه الأوضاع لن تجد طريقها للحل في أي وقت قريب.
فآخر خطة للسلام أعدتها الولايات المتحدة خلال حكم الرئيس السابق، دونالد ترامب، والتي أسماها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو “صفقة القرن”، رفضها الفلسطينيون بوصفها متحيزة إلى طرف واحد، قبل أن تخرج إلى حيز التطبيق.
وستحتاج أي صفقة سلام مستقبلية إلى اتفاق الطرفين على حل القضايا المعقدة العالقة. وبطبيعة الحال، إلى أن يحدث ذلك سيبقى الوضع على ما هو عليه، وسيظل الصراع قائما.