تيك توك: الأطباء النفسيون يحذرون من استخدام المنصة كوسيلة لتشخيص بعض الاضطرابات
- الحارث الحباشنة
- بي بي سي نيوز عربي
إذا كُنت قد استخدمت منصة تيك توك، فمن المرجح أنك قد صادفت مقاطع مصورة، لأشخاص يعرضون معناتهم من الأمراض والاضطرابات، لاسيما النفسية منها، ويعطوا إرشادات للتعامل معها أو علامات تشخيص لبعض الأمراض.
وتعد منصة تيك توك شديدة الشعبية بين الشباب والمراهقين.
في الوقت نفسه، يتزايد الاهتمام بمجال الصحة النفسية وتشخيص اضطرابات النمو والتطور، وتطرح تساؤلات حول إمكانية استخدام منصة تيك توك كأداة لتشخيص اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD) أو عسر القراءة وغيرها، لكن يشير علماء النفس إلى أنه لا ينبغي الاعتماد على منصة تيك توك كأداة تشخيصية لهذه الاضطرابات.
آلية عمل تيك توك
يعتمد تيك توك على خوارزمية لتخصيص المحتوى لكل مستخدم بناءً على تفضيلاته وتفاعلاته السابقة، وهذا يعني أن المستخدمين قد يتعرضون فقط لنوع معين من المحتوى أو يتم عرض آراء ومعلومات مشوشة لهم تتعارض مع الواقع العلمي، وفق ما قاله خبير التسويق الالكتروني محمد صادق.
ويضيف صادق، أن منصة تيك توك تتميز بمحتوى كبير ومتنوع يُصعب على الشركة المالكة التحكم الكامل فيه، وهذا يعني أنه “لا يوجد نظام رقابة صارم يتحكم في المحتوى المنشور على تيك توك، وبالتالي يصعب ضمان الدقة والصحة العلمية للمعلومات التي يتم تبادلها”.
وأشار صادق، إلى العديد من الأمور الأخرى التي تؤدي إلى خلو محتوى تيك توك من الدقة، مثل قدرة جميع المستخدمين على التعليق والتفاعل مع المحتوى. قد يقوم المستخدمون بترك تعليقات أو نشر آراء غير مبنية على أسس علمية مبنية على تجارب شخصية فقط، مما يمكن أن يؤدي إلى تشويش المعلومات والتضليل.
محتوى دون ركائز علمية
تعتمد منصة تيك توك على مقاطع الفيديو القصيرة التي ينشئها ويشاركها المستخدمون. وهذا يعني أن المحتوى الذي يتم تبادله على التطبيق قد يكون غير موثوق أو غير دقيق من الناحية العلمية.
وضمن الأسباب المذكورة، فمن الصعب أن توفر المنصة الدقة والموثوقية اللازمتين لتشخيص الاضطرابات النفسية.
ناهيك أن مثل هذه المقاطع تعرض البيانات الشخصية والمعلومات الحساسة للمخاطر، بما في ذلك قضايا الخصوصية والتعدي على الحقوق الشخصية.
ولا يمكن تشخيص اضطرابات معقدة مثل فرط الحركة ونقص الانتباه أو عسر القراءة بناءً على مقاطع فيديو قصيرة أو سلوك محدد.
وقد نشاهد بعض مقاطع الفيديو التي تنطوي على تحدي للآخرين أن يختاروا من بين عدد من الاضطرابات النفسية ويتظاهرون بأنهم مصابين بها، مثل الوسواس القهري أو الفصام، ويقول ناشرو هذه المقاطع إنها تهدف إلى التوعية بالأعراض، كما تهدف إلى تجاوز “ثقافة العيب” عند الإصابة بمرض أو اضطراب نفسي، ولكن هذه التصورات قد تتسبب في تكريس صور نمطية عن بعض الاضطرابات النفسية وتكون مؤذية لمن يعانون بالفعل من هذه الاضطرابات.
ما هو نقص الانتباه وفرط النشاط ADHD؟
تعرف المجموعة الطبية والبحثية غير الربحية، مايو كلينك Mayo Clinic، التي تتخذ من ولاية مينيسوتا الأمريكية مقراً لها، نقص الانتباه وفرط النشاط، على أنه اضطراب وليس مرضاً.
وهناك ثلاثة أنواع من نقص الانتباه وفرط النشاط، فهناك من يعاني من فرط الحركة، ومن يعاني من تشتت الانتباه، ومن يعاني من الاثنين معا.
وبجانب هذه الأعراض، يعاني المشخصون بالاضطراب من أعراض أخرى في حياتهم اليومية مثل صعوبة ترتيب الأفكار والحوارات، وضعف الذاكرة قصيرة المدى ما يؤدي إلى نسيان الأشياء والأسماء والأرقام والأماكن، وقلة الثقة بالنفس.
وتقول مايو كلينك، إنه ما يزال السبب الحقيقي لاضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط غير واضح، فما زالت جهود الأبحاث مستمرة به، وقد تشمل العوامل المسببة، الجينات والبيئة أو المشكلات المتعلقة بالجهاز العصبي المركزي.
تحذيرات جدّية من التشخيص الخاطئ
وقالت أخصائية الطب النفسي، نورا الأحمد، “يجب أن نفهم أن تشخيص اضطرابات مثل فرط الحركة ونقص الانتباه أو عسر القراءة يتطلب تقييماً شاملاً يستند إلى المعايير السريرية الموثوقة”.
ويجب أيضاً أن يكون المشرف على تقييم الأعراض وتشخيصها محترفاً ومؤهلاً في اختصاصه، مبينةً لبي بي سي، أن هناك العديد من العوامل التي يجب أخذها في الاعتبار في التشخيص، بما في ذلك تقييم التاريخ الشخصي والتاريخ العائلي وتأثير الأعراض على الحياة اليومية، وهو ما يعني مراقبة طبية لفترة طويلة نسبياً
وحول ما إذا كان هناك مخاطر من اعتماد تيك توك كأداة للتشخيص، قالت الدكتورة الأحمد، إن هناك مخاطر محتملة، تتمثل بالتشخيصات غير صحيحة، التي تؤثر على الإنسان لبقية عمره إذا لم يلجأ إلى طبيب مُختص.
كما قد يؤدي التشخيص الخاطئ المبني على معلومات قليلة ودون فحص سريري، في أخذ علاج غير مناسب أو غير فعال للمريض، مما يؤدي إلى تدهور حالته النفسية أو عدم تحسنه.
وهو الأمر الذي قد ينعكس على المصاب نفسياً واجتماعياً، من خلال “تضخم” الأعراض المرضية، وزيادة احتمال حدوث إضطرابي القلق والإحباط، بالإضافة إلى صعوبات في التفاهم مع الآخرين أو التكيف في البيئة الاجتماعية.
واعتبرت الدكتورة الأحمد، أن رغم التطور العلمي والأبحاث المعمقة فما زال تشخيص الأمراض المتعلق باضطرابات “التنوع العصبي” بحاجة إلى جهود حثيثة لتطويره، ومعرفة تفسير الاختلافات في السلوك والتفكير بين الأفراد، لأن لكل إنسان طريقة تفكيره وشخصيته وسلوكه وبيئته، التي تتطلب تعاملاً خاصاً من قبل الطبيب المختص.
ما هو رد تيك توك؟
لقد أرسل فريق بي بي سي، بعض مقاطع الفيديو التي تدعي مساعدتك في معرفة ما إذا كنت مصاباً بالتوحد أو عسر القراءة إلى تيك توك.
راجعوا المحتوى وأخبروا بي بي سي، أن مقاطع الفيديو لم تنتهك سياساتهم.
وقال متحدث باسم تيك توك: “نحن نعمل بجد للحفاظ على نظامنا الأساسي مساحة آمنة لهذه المحادثات المهمة، يجب على أي شخص يبحث عن نصيحة أو تشخيص للحالات العصبية الاتصال بأخصائي طبي”.
وكانت منصة تيك توك، قد أعلنت في وقت سابق عن إطلاق محتوى تعليمي، ضمن سعيها لربط “التعليم بالترفيه”، وإثراء المستخدمين بأفكار وإضاءات جديدة علمية موثقة إلى حد كبير.