آخر خبر

بداية شركات التقنية الحيوية | صحيفة مكة


عزيزي القارئ لعلك سمعت كثيرا عن مصطلح «التقنية الحيوية»، وهو مجال متعدد التخصصات، يتضمن دمج العلوم الطبيعية والعلوم الهندسية من أجل استخدام الكائنات والخلايا الحية أو أجزاء منها لتطوير منتجات وتقنيات مختلقة.

تم استخدام العمليات الحيوية للكائنات الدقيقة لأكثر من 6 آلاف عام، وذلك بغرض تطوير منتجات غذائية مفيدة للبشرية، وعلى سبيل المثال صناعة الخبز والجبن والحفاظ على منتجات غذائية أخرى مثل الألبان.

ولربما سمعت أيضا مصطلح آخر وهو «بايوتك»، هو مصطلح يُطرح اختصارا لكلمة «بايوتوكنولوجي» أو «التقنية الحيوية»، ورغم أن المعنى التقني للكلمة هو «التقنية المبنية على الأحياء أو الكائنات الحية»، إلا أن مصطلح «بيوتيك» يستخدم عادة للإشارة إلى شركة ناشئة تستخدم العلوم الحيوية لتطوير أدوية أو منتجات جديدة.

كما يمكن استخدام هذه الكلمة للإشارة إلى الصناعة نفسها.

يذكر أن صناعة التقنية الحيوية بدأت مع شركة «جينينتيك» Genentech الأمريكية في 1976م، جنوب مدينة سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا، وهي أول شركة ناشئة في مجال التقنية الحيوية.

تأسست الشركة من قبل روبرت سوانسون (Robert Swanson)، رائد الأعمال في مجال رأس المال الجريء، والدكتور هربرت بوير (Herbert Boyer)، عالم الكيمياء الحيوية، بهدف استخدام تقنية الهندسة الوراثية لإنشاء منتجات دوائية مبتكرة جديدة.

وكان أحد أوائل إنجازات هذه الشركة الفريدة من نوعها، هو تطوير الأنسولين البشري، الذي تمت الموافقة عليه من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية في 1982م، والذي سبب ثورة في علاج مرض السكري.

منذ ذلك الحين، طورت الشركة عددا من العلاجات المبتكرة، بما في ذلك أول علاج بالأجسام المضادة أحادية النسيلة والموافق عليه لعلاج السرطان.

حيث إنه في غضون سنتين فقط من إنشاء شركة «جينينتيك»، في 1978م، اكتشفت الشركة طريقة مبتكرة لاستخدام تقنية الحمض النووي المتكرر، إذ تم إعداد أول أنسولين بشري باستخدام سلاسل الأنسولين «أ» و «ب» المعبر عنها بتطوير هذه التقنية لجعل البكتيريا تنتج الأنسولين البشري بدقة وكميات كبيرة.

كان هذا مهما جدا في مسيرة تطور شركات التقنية الحيوية كعلم واعد، وأيضا كاستثمار، وذلك أن إنتاج البكتيريا للأنسولين سمح بإنتاج كميات كبيرة جدا من الأنسولين مقرونا بثبات في الجودة.

وكما لا يخفى عليكم عدم توافر دواء الأنسولين، قد يتسبب في وفاة كثير من مرض السكري، وكي يكون الأنسولين دواء فعالا لمرضى السكري، يجب أن يكون متاحا بشكل موثوق به وبكميات كبيرة.

مثير للذكر، أنه كان يتم علاج مرض السكري في ذلك الزمان قبل شركة «جينينتيك» عن طريق جمع الأنسولين من البنكرياس المستخرج من الأبقار والخنازير أكرمكم الله.

وكان هذا النوع من الأنسولين يسبب أحيانا ردود فعل تحسسية قد تهدد الحياة للمرضى، وكانت قوة الجرعات تختلف بنسبة كبير قد تصل إلى 25% في كل جرعة، مما يسبب صعوبة في التعامل مع الجرعات، وحدوث آثار جانبية خطيرة أحيانا، وعدم السيطرة على الحالات الخطرة، مثل (مرض اعتلال الشبكية السكري وأمراض الكلى وأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم وارتفاع الكوليسترول).

في عام 1982م، وبعد مرور 5 سنوات فقط على تأسيسها، حصلت شركة « جينينتيك» على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية على إنتاج الأنسولين البشري الخاص بها، تحت مسمى «هيومولين»، والذي كان الأول من نوعه.

يعد اكتشاف شركة « جينينتيك» لهذه التقنية وإنتاج الأنسولين بالطريقة المبتكرة، البداية الفعلية لشركات التقنية الحيوية.

قبل وجود شركة « جينينتيك»، كان متوسط عمر شخص يعاني من مرض السكري بين 45 و65 عاما فقط.

ولكن بعد هذا الاكتشاف أصبح تقريبا لا يوجد اختلاف بمن يحمل مرض السكري أو الإنسان السليم من المرض.

بفضل ابتكارات شركة «جيننتيك» تم تقديم «التقنية الحيوية» كوسيلة لجلب مئات الأدوية الجديدة والمبتكرة إلى الأسواق العالمية، والذي يعود بالفائدة الكبيرة للمرضى، والتي لا تزال فعالة إلى يومنا هذا.

وتعد قصة نجاح شركة «جينينتيك» مسارا مركزا وفعالا لترجمة الأبحاث الجديدة، ومبتكرة إلى علاجات ملموسة.

تم الاستحواذ على شركة «جينينتيك» من شركة الأدوية السويسرية «روش» (Roche) في 2009، لكنها تستمر في العمل ككيان منفصل ضمن مجموعة روش.

واليوم، تعد «جينينتيك» واحدة من أكبر شركات التقنية الحيوية في العالم، مع تركيزها الآن على تطوير العلاجات للسرطان والمناعة، وغيرها من الأمراض الخطرة.

nabilalhakamy@



مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى