آخر خبر

الذكاء الاصطناعي، الواقع والمفارقات | صحيفة مكة


كثر الحديث الإعلامي هذه الأيام حول موضوع الذكاء الاصطناعي، وتحديدا حول مخاطره وسلبياته في مستقبل البشرية.

والحق أنه بات واقعا لا مناص منه ولا يمكن التراجع عنه، ولا سيما أن هذا المجال بات يحقق أرباحا طائلة لشركات التقنية، فقد ارتفعت إيرادات شركة نيتفليكس وحدها عن السابق بمقدار 25 مليار دولار، بعد استعمالها خاصية خوارزميات الذكاء الاصطناعي.

كما أن آخر التقارير الإخبارية نشرت أن مالكي شركة قوقل (ألفا بيت)، حصدا حوالي 17 مليار دولار من صفقات الذكاء الاصطناعي فقط، وحاليا تدرس قوقل تجربة محرك بحث متطور يعتمد على تقنية الذكاء الاصطناعي بخوارزميات عالية الدقة من خلال تطبيق روبورت الدردشة.

نعود إلى الماضي قليلا، فبعدما اخترع ألفريد نوبل اختراعه الديناميت، بدأت الصحافة الأوروبية تلومه على الأثر السلبي الذي سيتركه هذا الاختراع على بني البشر، وبالفعل شعر هذا الكيميائي العظيم بالذنب تجاه اختراعه الجديد وعلاقته بالحروب والدمار، رغم أن له جانبا إيجابيا من حيث صناعة التعدين وهدم البنايات الشاهقة وشق الأنفاق والطرق.

وبعد أن نجح نوبل في جمع ثروة طائلة من وراء الديناميت قرر أن ينشئ جائزة عالمية تهتم بالاختراعات والاكتشافات التي تفيد الإنسانية، فكانت جائزة نوبل المرموقة، والتي لا تزال أهم جائزة في العالم.

هذه الأيام، يعيد التاريخ نفسه ولكن بصورة مغايرة، فالأب الروحي لتقنية الذكاء الاصطناعي جفري هينتون، يعاني من أزمة نفسية تقارب الحالة التي حصلت مع ألفريد نوبل في السابق، فبعد أن بدأت الصحافة العالمية والقنوات الإخبارية تتحدث عن الجانب السلبي الذي ستحدثه خوارزميات الذكاء الاصطناعي تجاه مستقبل البشرية، قرر هينتون أن يكفر عن خطاياه كما يقول، فأعلن أنه استقال من وظيفته المرموقة في شركة قوقل، فقد نشرت صحيفة نيو يورك تايمز البيان الذي صرح به هينتون بأنه نادم على كل ما فعله تجاه تطوير خوارزميات الذكاء الاصطناعي!

يخشى من تطور الذكاء الاصطناعي أنه سيزيد من معدلات البطالة، ويفاقم نسب الفقر حول العالم، فهو بصورة أو بأخرى يعمل على أتمتة عمليات البيع والشراء والتخزين وتجهيز الطلبيات وتغليفها وحتى شحنها للعميل، فهو يقوم بإلغاء سلسلة طويلة من الوظائف البشرية، وهذا يعد تهديدا للطبقة العاملة في المجتمع البشري بصورة كبيرة.

ومن جهة أخرى، فهو يسهم في زيادة أرباح الشركات العالمية بصورة خيالية، ولا سيما تلك المتخصصة في التكنولوجيا، فتشير إحدى الدراسات الاستقصائية أنه بحوالي عام 2030 ستكون حصة الذكاء الاصطناعي وحدها في الاقتصاد العالمي تقدر بحوالي 16 تريليون دولار.

في عالم التقنية يسقط من لا يحاكي الواقع ويتماشى معه، فقبل سنوات عدة كانت شركة نوكيا تتصدر شركات التقنية العالمية من حيث حجم المبيعات والإيرادات، وعندما ابتكرت شركة آبل خاصية شاشة اللمس لم تتجاوب معها شركة نوكيا، بل على العكس تماما استهانت بهذه الخاصية، واعتقدت أنها لن تؤثر في مسيرة إيراداتها السنوية، فكانت النتيجة أن انتهى بها المطاف إلى إغلاق الشركة ومصانعها نهائيا وبلا رجعة.

وفي عالم اليوم، فرض الذكاء الاصطناعي واقعه في سوق التكنولوجيا العالمية.

فهل نشهد خروج شركات تقنية رائدة لا تستطيع أن تتواكب مع قفزات عالم الذكاء الاصطناعي؟

albakry1814@



مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى