هل تؤثر عودة سوريا إلى الجامعة العربية على مستقبل العلاقات مع أمريكا؟
يبدو أن العلاقات الأمريكية مع عدد من دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أصبحت على المحك، منذ إعلان جامعة الدول العربية عودة دمشق لشغل مقعدها في المنظمة، وهو ما اعتبره سياسيون في واشنطن “خطأ استراتيجيا ورفضا لمصالح أمريكا في المنطقة”.
وفي خطوة لتحذير الدول العربية المطبعة مع دمشق، قدم مشرعون أمريكيون، من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، مشروع قانون يمنع الولايات المتحدة الأمريكية من الاعتراف بالنظام السوري ويدعو إلى فرض مزيد من العقوبات عليه.
وكالة رويترز نقلت عن موظف كبير في الكونغرس قوله إن “مشروع القانون تحذير للدول العربية من مواجهة عواقب وخيمة إذا تفاعلت مع حكومة دمشق”.
من جهتهما، أدان كل من رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، السيناتور الديمقراطي بوب مينينديز، وكبير الجمهوريين في اللجنة جيم ريش، في بيان مشترك، قرار الدول العربية، واصفيْن إياه بـ”التوجه المقلق لشركاء الولايات المتحدة الأمريكية”.
بيان رئيس لجنة الخارجية بمجلس الشيوخ سبقه بيان مماثل من نظيره بمجلس النواب مايكل كول، وقعه إلى جانبه النائب غريغوري ميكس، وأكدا من خلاله ضرورة تحرك واشنطن لوقف “جهود التطبيع مع مجرم الحرب”، في إشارة إلى الرئيس السوري.
المواقف الأخيرة لعدد من المسؤولين الأمريكيين أثارت تكهنات بشأن مستقبل علاقة واشنطن بشركائها في المنطقة، على غرار المغرب، في حين يرى محللون أن مستقبل هذه العلاقات “أكبر من أن يتم اختزاله في مواقف هذه الدول من عودة سوريا إلى الجامعة العربية”.
تحولات إقليمية وخريطة جديدة
سعيد خمري، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، قال إن “الخريطة العربية أصبحت تشهد تحولات وتغيرات جديدة مع تعاظم وزن بعض الدول في عدد من الملفات بالمنطقة”، وبالتالي، يضيف المتحدث، فإنه “من الطبيعي أن تترك هذه التحولات أثرا على مستقبل العلاقات الأمريكية العربية”.
خمري استعبد، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن تكون لنتائج هذه التحولات الإقليمية آثار سلبية على علاقات واشنطن بعدد من العواصم العربية، موردا أن “منطق المفاوضات والتسويات يكون دائما حاضرا في كل القضايا، لأن العلاقات الدولية لا تبنى على قضية واحدة فقط ولا يمكن أن تكون مواقف جميع الدول متماثلة ومتناسقة تجاه الملف نفسه”.
وعن مستقبل العلاقات المغربية الأمريكية، أشار المحلل السياسي عينه إلى أن “المغرب لم يكن في واجهة الدول التي تحركت للترويج للتطبيع مع سوريا”، مضيفا أن “السياسة الخارجية المغربية في العقدين الأخيرين تبنت دبلوماسية ذكية من خلال المواقف المحسوبة تجاه عدد من القضايا مع الحرص على إبقاء العلاقات جيدة مع جميع الحلفاء، كموقف المغرب من الحرب في كل من أوكرانيا واليمن”.
علاقات استراتيجية ومواقف متوازنة
“ثوابت العلاقات المغربية الأمريكية أكبر من أن تهزها قضية عودة سوريا إلى الجامعة العربية”، يقول الأستاذ سعيد خمري في تصريحه، مردفا أن “الولايات المتحدة يربطها تحالف استراتيجي مع المغرب، وهي تعتبر هذا الأخير حليفها الأول من خارج حلف الناتو، ثم إن التعاون الأمني والعسكري بين البلدين واعتراف واشنطن بمغربية الصحراء لخير دليل على ذلك”.
من جهته، صرح محمد نشطاوي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض بمراكش، بأن “الموقف المغربي تجاه عودة سوريا، الذي عبر عنه وزير الخارجية، كان متوازنا”.
وقال نشطاوري، في تصريح لهسبريس، إن “المغرب مازال متمسكا بموقفه القاضي بضرورة إيجاد توافق سياسي في سوريا وعودة اللاجئين وإقامة حكم ديمقراطي في البلاد”.
“موقف تتقاسمه معه الولايات المتحدة الأمريكية”، يؤكد الخبير في القضايا الدولية، معتبرا أن “المخاوف التي تبديها الولايات المتحدة ودعوتها الدول العربية إلى التريث ريثما تتضح النوايا الحقيقة لسوريا، حليفة طهران وموسكو، تتفق معها دول عربية عديدة، منها المملكة المغربية”.