آخر خبر

حملة المخدرات.. والثيران الحمر | صحيفة مكة


بعد مقالتي الاثنين – 13 مارس 2023 في صحيفة مكة بعنوان «لمكافحة المخدرات.. الرؤوس الكبيرة مطلوبة» سمعنا عن حملة قوية لمكافحة المخدرات في داخل المدن السعودية، تم القبض فيها على كثير من المستخدمين والبياعين والمروجين كما نقل لنا عبر قنوات الأخبار، لينالوا عقابهم المنصوص عليه في نظام التعاطي والترويج.

ولكن، وحسب المنظور والمنطق، فعمل مكافحة المخدرات مستمر على مدى العام يوما بيوم وساعة بساعة، والحملات إن لم تتحل بالسرية التامة، فقد تضر بمفهوم المكافحة، حيث إن خبرها يشيع، وأكثر المتورطين يختبئون حتى تمر العاصفة.

الحملات مفهوم قد ينجح في حالات ضبط رخص السائقين المنتهية، أو المتسترين تجاريا، أو حتى ضبط مخالفي الإقامة وغيرها، ولكن مكافحة المخدرات يفترض بها عدم تخصيص أوقات أو أمكنة لحدوثها.

وكم هي عظيمة مسؤوليات جهاز مكافحة المخدرات، ولكنه بالمقابل منظومة عظيمة متشعبة، تبدأ بالإدارة العامة للمخدرات، وتشمل إدارات المكافحة بكل مدينة سعودية، وهو أكبر وأكثر تشعبا وتعمقا واتساعا بمشاركة معظم أجهزة الدولة الميدانية من حرس حدود، وخفر سواحل، وأمن طرق، وجمارك، ونقاط أمن مداخل ومخارج برية وبحرية، وجوية، وبقوى عاملة تبلغ عشرات الألوف من الضباط والأفراد والمدنيين القادرين والمهيئين للبحث والتتبع والكشف، والقبض تحت مظلة وزارة الداخلية.

وعودة لمقالي، والذي تمنيت فيه من الجهات المعنية الإيقاع بالموردين الكبار، من يمتلكون الأموال العظيمة، والقدرة والتخطيط والتعمية والتمرير من على البعد، وهم بلا شك سعوديون يعيشون بيننا، ويخونون الأمانة ليبنوا إمبراطورياتهم المالية على حساب عقول وأجساد أبناء وطننا المحسود.

القبض على المروجين الصغار لا يمنع بدلائهم من تولي المسؤولية عنهم.

القبض على ملياردير سعودي رئيس عصابة أفضل مليون مرة من حملة على الموزعين.

القبض على الخائن الداخلي الخبيث المتستر أفضل ملايين المرات من رمي التهمة بالكامل على مورد خارجي.

أثناء الحملة قد ترتفع الأسعار قليلا، ولكن البضاعة تستمر في المخازن، بانتظار نهاية الحملة.

نتوق لاكتمال فرحتنا بالقبض على كبار المستوردين، ليأخذ الشعب حقه من رقابهم، بتطبيق قانون الحرابة عليهم.

ربما لو أمسكنا بالثور الأبيض منهم، فإننا سنكف قرون بقية الثيران الحمر المستهترة، والتي ستعرف أن سكين الذبح لا تستثني رقابها، مهما اعتقدت أن جاهها وأموالها تحميها من العقاب.

والأمر ممكن كما أشرت في مقالي السابق، فمجرد الإمساك بمروج بسيط، يسهل على الدولة تتبع خيوط حصوله على البضاعة، فزعيم العصابة بشر وليس روحا متخيلة، وله شبكة غسيل أموال وأخطاء وفجوات، يمكن من خلالها بلوغ اسمه ومكانه وأعوانه في النقاط التي تمر منها مخدراته.

الشعب ابتهج كثيرا بحملة على الصغار، فما بالك لو كانت على كبار رؤوس الموردين، من يبنون ثرواتهم غيا وإمعانا في خططهم لتحطيم الوطن وأهله.

نشكر من أمر بالحملة ونقدر جهود كل من نفذها، ولكنا نطمع للأكثر، ونتوق لفرحة القضاء على عدد من الثيران المستهترة المخربة في الأرض، والتشهير بهم وعقابهم.

حملة مباركة، ولو أننا نتوقع من وزارة الداخلية الأكثر، في رؤية وطنية تسعى لرفعة الإنسان.

أبناؤنا هم حمانا وحصوننا وسلاحنا ورؤيتنا، وقد آن لنا أن ننتصر لهم على معشر الثيران الحمر المستنفرة، بجهاز مكافحة قسورة.

[email protected]



مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى