اشتباكات السودان: “طائرات مقاتلة تحلق فوق منزلي في أم درمان”
- زينب محمد صالح
- صحفية، أم درمان
مع ارتفاع درجات الحرارة إلى أكثر من 40 درجة مئوية في هذا الوقت من العام، عادة ما أنام خارج غرف المنزل في حديقتي، لكنني خائفة جداً من القيام بذلك الآن، حيث تحلق الطائرات المقاتلة فوق منزلي في مدينة أم درمان بالسودان – على الرغم من وقف إطلاق النار الأخير.
أعيش مع والدتي وإخوتي في وسط أم درمان، التي تطل مباشرة على ضفاف نهر النيل في العاصمة الخرطوم.
وتذكرني أصوات الطائرات المقاتلة بشكل دائم بأن السودان الآن في حالة حرب، ولا يمكنني أن اعتاد على صوتها المرعب.
فالقتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في كل مكان حولنا – في الشمال والجنوب والشرق والغرب.
وقد اقترب القتال من منزلنا بعد ظهر يوم الاثنين، عندما اخترقت رصاصة سقف منزل جارتي وأصابت ساقها بينما كانت نائمة، لحسن الحظ، لم تصب بجروح خطيرة.
سمعنا ضوضاء عالية – بوم ، بوم ، بوم – قبل فترة وجيزة، نعتقد أنها كانت نيراناً مضادة للمدفعية، لكننا غير متأكدين. اختبأنا في منازلنا، لأنه من الخطر للغاية حتى النظر من نوافذنا.
من الصباح إلى المساء، سواء إذا كان هناك وقف إطلاق النار أم لا، فإن الطائرات المقاتلة تحلق بالقرب من منطقتنا، قادمة من نفس المطار العسكري الذي تم إجلاء الأجانب منه، وتتجه نحو الخرطوم لضرب مواقع قوات الدعم السريع.
تشير التقارير التي تلقيتها، إلى أن معظم الخرطوم يسيطر عليها مقاتلو قوات الدعم السريع، ولا يكاد يرى أي من جنود الجيش – أو ضباط الشرطة – في الشوارع.
وتطلق قوات الدعم السريع نيران المدفعية المضادة للطائرات لمحاولة إسقاط الطائرات المقاتلة، لكني لم أعرف عن أي طائرة تم إسقاطها.
قبل ثلاثة أيام، سقطت بعض المقذوفات في حقل مفتوح في الحي الذي أسكن فيه، لحسن الحظ ، أنها لم تتسبب بأضرار للمسجد والمنازل القريبة.
تعود أصول قوات الدعم السريع إلى الحرب التي اندلعت في دارفور قبل عقدين من الزمن، وتتألف من ميليشيات الجنجويد الذين ساعدوا الحكومة في سحق التمرد هناك.
كان لديها حوالي 20 ألف مقاتل، قبل إسقاط الرئيس السابق عمر البشير في عام 2019، لكنها تحولت منذ ذلك الحين إلى قوة تضم ما يقدر بـ 80 ألف إلى 100 ألف مقاتل.
وقد بنت لها وجوداً قوياً في المدن والبلدات في جميع أنحاء السودان، لكن العديد من مقاتليها تم نشرهم الآن في الخرطوم حيث يقاتل قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي، قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان من أجل الهيمنة على السلطة.
وتنتشر في المدينة نقاط تفتيش، يحرسها مقاتلون من قوات الدعم السريع في شاحنات صغيرة.
قال حميد خلف الله، من معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط، لبرنامج نيوزداي في بي بي سي إن الناس يخاطرون بحياتهم في كل مرة يضطرون فيها للخروج والتفاوض مع نقاط التفتيش المنتشرة في المدينة.
وقال: “إنها مقامرة في الأساس، أحياناً يسمحون لك بالمرور، و أحياناً لا يفعلون ذلك، أحياناً يطلقون النار عليك، و أحياناً يسرقون أغراضك، إنه أمر عشوائي للغاية”.
كان القتال على أشده حول المطار الدولي والقصر الرئاسي والمقر العسكري.
لقد فر جميع أصدقائي الذين عاشوا في هذه المناطق – قام بعضهم برحلة طويلة وشاقة إلى مصر، ولم يحالفهم الحظ في الإجلاء، مثل الرعايا الأجانب، في طائرات مستأجرة خصيصاً.
لقد قررت البقاء، فالحي الذي أسكن فيه يُعد من أكثر الأحياء أماناً، لكني لا أعرف إلى متى سيستمر آمناً.
ماتت قريبة لي، في أوائل الثلاثينيات من عمرها، بسبب حمى الضنك. كان من المفترض أن تتزوج هذا الشهر، لكنها توفيت لأنها لم تستطع الحصول على العلاج لأن المستشفيات إما أغلقت أو تعالج فقط المصابين بأعيرة نارية.
ويعد مستشفى أم درمان التعليمي من أكبر المستشفيات في السودان، ولكنه يعمل بأقل قدر ممكن من السعة.
لا يستطيع العديد من الأطباء الوصول إلى المستشفى، حيث يشكل سفرهم خطراً كبيراً عليهم.
إلى جانب انهيار الخدمات الصحية، هناك أزمة مياه وكهرباء.
لم يكن لدى بعض السكان مياه في منازلهم منذ اندلاع القتال في 15 أبريل/ نيسان، مما اضطرهم إلى الاعتماد على آبار الجيران في إمداد منازلهم.