علماء يكتشفون السبب في عدم وصول دم القتيل بالرصاص إلى مطلق النار
مع أن دم الممثلة وعارضة الأزياء الأميركية Lana Clarkson القتيلة بعمر 40 عاما، نفر متطايرا من وجهها حين أدخل المجرم فوهة مسدسه بفمها وأطلق فيه رصاصة “كوّمتها” في 3 فبراير 2003 جثة على الأرض. إلا أن قاتلها في منزله بمدينة Alhambra في كاليفورنيا، وهو الملحن ومنتج الأسطوانات Phil Spector الراحل بعمر 81 في سجنه قبل عامين، بقي نظيفا ولم تصل إليه سوى ذرات من دمها، مع أنه كان بعيدا عنها سنتيمترات فقط.
تلك الجريمة التي هزت المجتمع الأميركي وغيره قبل عقدين، هي مثال حيّر الباحثين دائما عن جواب على سؤال مهم يطرحه علماء الجريمة في معظم المناسبات، لأنه لهم من الألغاز: لماذا لا نرى دما من القتيل أو الجريح على مرتكب الجريمة، مع أنه يكون قربه حين يجهز عليه بالرصاص؟
وحاول الدفاع الإيحاء بأنها انتحرت
عشرات من السنين مرت، من دون جواب شاف واف على السؤال، إلا حين نزل إلى الميدان فريق من علماء أميركيين جاء بالمطلوب، عبر بحث علمي أتت على خبره وسائل إعلام أميركية عدة، كما وجدته “العربية.نت” منشورا في العدد الحالي من مجلة Physics of Fluids الأميركية، وفيه يشرحون لماذا بقي قاتل الممثلة لانا كلاركسون، نظيفا نسبيا من دمها بعد قتلها.
وكان المحققون عثروا فقط “على 18 ذرة صغيرة جدا من دمها على سترته” وهو ما جعل فريق الدفاع عن “فيل سبيكتور” يكرر في جلسات المحاكمة أنه “كان يجب أن يكون هناك المزيد من الدم إذا كان على مقربة منها حين موتها” في إيحاء من الفريق بأنها قد تكون أنهت حياتها بنفسها انتحارا، ولما وجدها منتج الاسطوانات جثة على الأرض، اقترب ليساعدها، لذلك وصل إلى ثيابه قليل من دمها.
وبرغم إدانته في 2009 بالقتل في نهاية المطاف، الا أن الحكم عليه بالسجن 19 عاما، كان مخففا، لأن المحاكمة انتهت بهيئة محلفين معلقة جزئيا، بعد أن عجز خبراء الطب الشرعي على تفسير قلة تناثر ذرات الدم على ثياب سبيكتور، الى درجة أن عددا منهم، فسر قلتها بأنها “مرت به أو حتى عادت للخلف” أي نحو القتيلة نفسها
مبللة بدم الخنازير
أما البحث الذي أعده العلماء الآن، فأثبت بالتجارب أن الرصاصة تخلق عند انطلاقها حلقة دوّارة من هواء وغازات دافعة كما الزوبعة الدوّامة، بين الضحية ومطلق النار، والتي يمكن أن تبعد تناثر دمها عن قاتلها وتعيده حتى إليها، لذلك لا يصل دمها إليه ولو كان قربها، لأن الدفع الأولي للرصاصة يصد رذاذها الدموي ويجعله يخرج في ضباب مخروطي”، وفقا لتعبير مؤلف الدراسة عن البحث، وهو البروفسور Alexander Yarin المتخصص بديناميات السوائل، والأستاذ بجامعة “الينوي” الأميركية.
بحسب ما يبدو من يسار الصورة، فان الدم ينبثق بعد الاصابة برصاصة، منشقا الى قسمين بينهما فراغ، نتج عن قوة انطلاق الرصاصة، لذلك لا يصل الى مطلقها، بل يتشتت يمينا ويسارا
ومن التجارب التي قام بها الفريق، واحدة تمت بإطلاق رصاصات من خلال إسفنجات مبللة بدم الخنازير، وتصوير الرذاذ المتطاير من الاسفنجة التي مثلت دور الضحية، والمتساقط على ورق أبيض، بكاميرات عالية السرعة والدقة، فوجد الباحثون أن الجرح الناتج عن الإصابة بطلق ناري، يرش الدم في البداية بعملية تنتج عنها قطرات عدة تتطاير في الهواء الذي يمزق القطرات الكبيرة الى صغيرة بقوة السحب المتولدة من انطلاق الرصاصة، ويجعلها تتكتل في شقين منفصلين، وفقا لما يبدو في الصورة المنشورة أعلاه.
وأظهرت لقطات فيديو بعد التجربة، أن الحلقات الدوّامة تدفع قطرات الدم بعيدا عن مطلق النار، أو تعيدها للخلف نحو الضحية نفسها، مع هبوط عدد منها على الأرض بينها وبين مطلق الرصاص. إلا أن “العربية.نت” لم تعثر على أي فيديو أنتجته المجلة أو الفريق العلمي بهذا الخصوص، لكنها وجدت أن الفريق العلمي يخطط الآن لدراسة ما إذا كان تناثر أنسجة المخ يتبع أيضا نمطا مماثلا، وهو ما قد يساعد مستقبلا على معرفة إذا كان شخص ما انتحر بقتل نفسه، أو أن آخر أقدم على قتله.