آخر خبر

الديون العالمية 100 تريليون دولار


يواجه الاقتصاد العالمي تحديات متزايدة في ظل ارتفاع معدلات التضخم وتزايد مستويات الديون، وفقًا لتقرير الدين العالمي لعام 2025 الصادر عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD).

وتضم المنظمة 38 دولة من بينها أستراليا، النمسا، بلجيكا، كندا، كولومبيا، كوستاريكا، جمهورية التشيك، فرنسا، ألمانيا، اليونان، إيطاليا، اليابان، كوريا، المكسيك، هولندا، النرويج، بولندا.

ومع استمرار التوترات الجيوسياسية والتباطؤ الاقتصادي، تبرز أسئلة مهمة حول قدرة الأسواق المالية على التكيف مع هذه الظروف ودورها في تمويل النمو المستقبلي.

17 تريليونا

يتوقع التقرير، أن يصل إصدار السندات السيادية في الاقتصادات المتقدمة إلى 17 تريليون دولار أمريكي في عام 2025، مقارنة بـ14 تريليون دولار في 2023.

وتشهد الأسواق الناشئة نموًا كبيرًا في أسواق الدين، حيث ارتفع حجم الاقتراض السيادي من تريليون دولار عام 2007 إلى أكثر من 3 تريليونات دولار في 2024.

استمرار التضخم

رغم تراجع النمو الاقتصادي، لا تزال الضغوط التضخمية قائمة في عدد من الدول. فقد ارتفع التضخم الكلي مجددًا في عدد متزايد من الاقتصادات، بينما ظل تضخم أسعار الخدمات مرتفعًا، حيث بلغ متوسطه 3.6% في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. ومن المتوقع أن يظل التضخم الأساسي أعلى من أهداف البنوك المركزية في عدد من الدول حتى 2026.

في ظل هذه الظروف، تبدو التوترات الجيوسياسية عاملًا رئيسيًا يهدد استقرار الأسواق، خاصة إذا تفاقمت الصراعات في الشرق الأوسط وأثرت على إمدادات النفط. فحدوث ارتفاع حاد وغير متوقع في أسعار النفط قد يؤدي إلى زيادة معدلات التضخم العالمية، مما ينعكس سلبًا على الثقة الاقتصادية والنمو، لا سيما في الدول المستوردة للطاقة.

مستويات قياسية

شهدت أسواق الدين العالمية توسعًا هائلًا في السنوات الأخيرة، حيث وصل إجمالي الاقتراض من السندات السيادية والشركاتية إلى 25 تريليون دولار عام 2024، وهو ما يقرب من ثلاثة أضعاف مستويات عام 2007. كما بلغ إجمالي ديون السندات السيادية والشركاتية عالميًا أكثر من 100 تريليون دولار، مما يضع الاقتصادات العالمية أمام تحديات جديدة تتعلق بإعادة التمويل وإدارة الديون.

في الاقتصادات المتقدمة، من المتوقع أن يصل إصدار السندات السيادية إلى 17 تريليون دولار أمريكي في عام 2025، مقارنة بـ14 تريليون دولار في 2023.

مخاطر إعادة التمويل

تؤدي تكاليف الاقتراض المرتفعة إلى زيادة مخاطر إعادة التمويل للحكومات والشركات على حد سواء. ففي عام 2024، ارتفعت نسبة مدفوعات الفوائد إلى الناتج المحلي الإجمالي في حوالي ثلثي دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لتصل إلى 3.3%، وهي زيادة تفوق إجمالي الإنفاق الحكومي على الدفاع في تلك الدول.

وفي السنوات الثلاث المقبلة، من المتوقع أن يستحق 42% من إجمالي الديون السيادية و38% من إجمالي ديون سندات الشركات القائمة، مما قد يزيد من الضغوط على الحكومات والشركات لإيجاد حلول لإعادة التمويل بطرق مستدامة.

ملكية الديون الحكومية

تحولت في السنوات الأخيرة تركيبة المستثمرين الذين يحملون الديون الحكومية. فقد انخفضت حيازات البنوك المركزية من السندات السيادية المحلية في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية من 29% عام 2021 إلى 19% عام 2024. في المقابل، ارتفعت حصة الأسر المحلية من 5% إلى 11%، بينما زادت حصة المستثمرين الأجانب من 29% إلى 34%.

هذا التحول يعني أن الحكومات أصبحت أكثر اعتمادًا على المستثمرين الأفراد والأجانب، مما قد يزيد من تقلبات الأسواق المالية ويجعل الحكومات أكثر عرضة للتغيرات في ثقة المستثمرين.

استثمار الاقتراض الشركاتي

ازدهر إصدار سندات الشركات منذ عام 2008، إلا أن هذا التوسع لم يُترجم إلى زيادة في الاستثمار الإنتاجي. فقد تجاوز إجمالي إصدار السندات من قبل الشركات غير المالية خلال الفترة 2009 – 2023 الاتجاه التاريخي بما يعادل 12.9 تريليون دولار، بينما انخفض الاستثمار المؤسسي بمقدار 8.4 تريليونات دولار خلال نفس الفترة.

بدلًا من الاستثمار في توسيع الأعمال وتعزيز الإنتاجية، استُخدمت نسبة كبيرة من هذه الديون في عمليات مالية مثل إعادة التمويل وتوزيع الأرباح، مما يثير مخاوف حول قدرة الشركات على الاستمرار في سداد ديونها على المدى الطويل.

3 حلول

وضع التقرير عددا من الحلول، إذ يحتاج الاقتصاد العالمي إلى تبني إستراتيجيات جديدة لضمان استدامة أسواق الدين وتحفيز النمو. ومن أبرز الحلول الممكنة:

أولًا: استخدام الاقتراض الحكومي لتمويل النمو طويل الأجل.

يجب على الحكومات توجيه الديون نحو مشاريع تعزز الإنتاجية، مثل البنية التحتية والبحث والتطوير، بدلًا من تغطية النفقات الجارية فقط.

ثانيًا: تحفيز الشركات للاستثمار في الإنتاجية، إذ يتعين على الحكومات والبنوك المركزية تقديم حوافز تشجع الشركات على استثمار أموالها في التوسع والإنتاج بدلًا من التركيز على العمليات المالية قصيرة الأجل.

ثالثًا: تطوير أسواق رأس المال لتمويل التحول المناخي. إذ يحتاج القطاع الخاص إلى لعب دور أكبر في تمويل مشاريع التحول المناخي. لكن لتحقيق ذلك، يجب تطوير أسواق رأس المال وتحسين الأطر التنظيمية لتشجيع الاستثمار الأخضر والمستدام.

أسواق الدين محرك للنمو

لعبت أسواق الدين دورًا رئيسًا في دعم التعافي الاقتصادي من الأزمات السابقة، لكن التحولات الحالية تفرض تحديات جديدة تتطلب إستراتيجيات مختلفة. ومع تزايد الحاجة إلى تمويل التحول المناخي وتعزيز النمو، يصبح من الضروري إعادة توجيه أسواق الدين لتكون أداة لتمويل المستقبل، بدلًا من أن تكون عبئًا على الاقتصادات العالمية.

فهل تستطيع الاقتصادات الكبرى تجاوز هذه التحديات وتحويل أسواق الدين إلى محرك للنمو المستدام؟ الإجابة ستتوقف على مدى قدرة الحكومات والشركات على تبني سياسات مالية أكثر ذكاءً واستدامة في السنوات المقبلة.



مصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى