آخر خبر

فعاليات مكلفة ترهق ميزانيات الجمعيات الخيرية


الدمام: شذى مدن

فيما تشهد ساحة القطاع غير الربحي نشاطاً كبيراً ومضطردا على مستوى إقامة البرامج والفعاليات، مع محاولة الالتزام بمعايير الحوكمة التي فرضتها الجهات المسؤولة، برزت ظاهرة، قد لا تكون جديدة وإنما تواكب المشهد العام، لتفعيل أنشطة مجتمعية تفاعلية، حيث تنظم الجمعيات مثل هذه الفعاليات التي تأتي في الغالب مكلفة إلى درجة تثقل كاهل ميزانية الجمعية أو المؤسسة المنظمة، حتى أنها تضعها في بعض الأحيان في خانة «المدين».

تحديات الخدمة المجتمعية

بشكل عام، تلعب الجمعيات الخيرية دورًا مهمًا في خدمة المجتمع وتلبية احتياجات الفئات الأقل حظًا. ومع ذلك، فإن بعض الجمعيات الخيرية تعاني من نقص في الميزانية المالية، مما يؤدي إلى تحديات تواجه تنفيذ مشاريعها وفعالياتها.

وما يثير الانتباه، هو أن بعض الجمعيات الخيرية تعمد إلى تنظيم مهرجانات وفعاليات مكلفة، مثل المهرجانات التراثية والفعاليات المجتمعية، بدعم من التجار وأصحاب الأيادي البيضاء من المجتمع. ومع أن هذه الفعاليات مفيدة للمجتمع، إلا أن إقامتها من دون ميزانية كافية يمكن أن يعد شيئًا غير جيد.

فعالية تراثية

على سبيل المثال، أقامت جمعية أهلية فعالية اجتماعية تراثية، أبرزت في تفاصيلها تراث المنطقة التي تعمل الجمعية فيها، ودور المرأة عبر الأجيال، وبساطة الماضي برؤية الحاضر، وعملت على مشاركة الأسر المنتجة، وأقامت أركانا للمطاعم والمقاهي، وأضافت الحرفيين.

وبحسب متابعة «الوطن»، فقد تجاوزت تكلفة تجهيز مكان الفعالية مبلغ الـ500 ألف ريال، فيما كانت الجمعية نفسها قد تحدثت عن أن رصيدها المالي متواضع.

وقد اعتمدت الجمعية على الدعم المجتمعي لإقامة الفعالية التي باشر أهل العطاء من المنطقة دعمها مادياً ومعنوياً لعدة أسباب سامية أبرزها دعم السياحة المحلية، ونشر ثقافة الموروث، وإحياء التراث، ومساعدة وتمكين الأسر المنتجة بالتسويق من خلال هذه المشاركات.

لكن مقابل كل هذا الدعم، لم تكن العوائد المالية من الفعالية تتناسب مطلقا مع حجم المصروفات، وبحسب مشاركين في الفعالية، بلغت قيمة استئجار موقع المشاركة من بوثات أو أركان 3000 ريال لكل مشارك، وبما أن المشاركين من المؤسسات التجارية (مطاعم، مقاهي، محلات بيع، أركان أسر منتجة) بلغ عددهم 15 ركناً، فإن هذا يعني أن العائد من المشاركين وصل إلى 45 ألفا، وهو ما يعادل نحو 10% فقط من حجم النفقات، وهذا عائد زهيد جدا أمام حجم المصروفات المدفوعة لإقامة الفعالية.

سؤال وفكرة

يطرح كثيرون تساؤلات عما إن كان من الضروري أن تقوم الجمعيات الخيرية بتنظيم مهرجانات وفعاليات مكلفة؟ وهل يمكن للجمعيات الخيرية أن تخدم المجتمع بشكل أفضل من خلال مشاريع وفعاليات أقل تكلفة؟، وكيف يمكن للجمعيات الخيرية أن تتحصل على ميزانية كافية لتنفيذ مشاريعها وفعالياتها؟

الفكر الإداري

عن ذلك، يذكر سعيد هاشم الصاخن، وهو عضو في جمعية خيرية وناشط مجتمعي أن «الجمعيات الخيرية بحاجة إلى عدة عناصر داعمة لعملها ترفع من مستوى توجهاتها الخيرية، وتسهم في تنمية العمل دون الإخلال بالميزانية المالية لها، ومن تلك العناصر الحاجة إلى فكر إداري محترف».

ولفت إلى أن «الجمعيات تحتاج إلى إداريين محترفين يمكنهم تحليل الاحتياجات، وتحديد الأولويات، ووضع خطط إستراتيجية لتنمية الموارد».

استثمر في الخير

أضاف الصاخن أن «تفعيل الجانب الاستثماري من العناصر المهمة، فالجمعيات تحتاج إلى تفعيل الجانب الاستثماري لخدمة برامجها ومشاريعها. ويمكن أن يشمل الاستثمار مشاريع صغيرة أو متوسطة الحجم يمكن أن تدر عائدات مالية للمنظمة يمكن من خلالها تحسين الميزانية».

وبين أن «الجمعيات تحتاج إلى تحسين ميزانياتها من خلال زيادة الإيرادات وتقليل النفقات، ويشمل ذلك تحسين إدارة الموارد، وتقليل التكاليف، وتحسين كفاءة العاملين».

حزمة متطلبات

استدرك الصاخن أن «إقامة الفعاليات أو المهرجانات على قدر أهميتها ودورها الكبير في تفعيل جوانب اقتصادية، سياحية، وثقافية، إلا أن إقامتها ليست بالأمر السهل حالياً مع وجود حزمة من الإجراءات التي يتطلبها المشروع للموافقة على إقامته».

وأكمل «الأصعب هو التحديات التي قد تواجه الجمعيات الخيرية في تنظيم المهرجانات وأهمها:

– نقص الموارد، حيث أن الجمعيات الخيرية غالبًا ما تعاني من نقص في الموارد المالية والبشرية، مما يجعل من الصعب عليها تنظيم مهرجانات كبيرة.

– الضغط على الميزانية، وهو أهم تحد، إذ إن تنظيم المهرجانات يمكن أن يكون مكلفًا، مما يضغط على ميزانية الجمعية. وهذا يمكن أن يؤدي إلى تقليل الموارد المتاحة للبرامج والمشاريع الأخرى.

– أهمية التركيز على الفقراء والمحتاجين».

وشدد على أن «الجمعيات الخيرية يجب أن تركز على خدمة الفقراء والمحتاجين، من ناحية تنموية تخرجهم من دائرة العوز إلى دائرة التمكين نحو الاستقرار المعيشي، والتأهيل لسوق العمل، علماً أن هذا الجانب هو المنشود حالياً من قبل المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي، وبالتالي فالتنمية أهم وهي بديل تنظيم مهرجانات مكلفة».

نهج إستراتيجي منظم

يكمل الصاخن «من المهم أن تتبع الجمعيات الخيرية نهجًا إستراتيجيًا في تنظيم المهرجانات، وأن تركز على تحسين ميزانياتها، وتوجيه الموارد التوجيه الصحيح المستدام».

وعن النهج الأفضل اقترح أن تعمل الجمعيات أولاً على تحديد أولوياتها، وقال «يجب على الجمعيات الخيرية أن تحدد أولوياتها، وتركز على المشاريع والفعاليات التي تخدم المجتمع بشكل أفضل، وأن تبحث عن مصادر تمويل بديلة مثل التبرعات والمنح والشراكات مع المنظمات الأخرى، مع أهمية العمل على تقليل التكاليف وذلك من خلال تنظيم فعاليات أقل تكلفة وتحسين كفاءة استخدام الموارد لتخدم المجتمع بشكل أفضل».

دعم مقنن

الداعمون مثل علي عبدالله يلعبون دورًا مهمًا في دعم الجمعيات الخيرية في تنظيم المهرجانات والفعاليات الأخرى. ومع ذلك، فإنه يعتقد أنهم يجب أن يكونوا حذرين في دعمهم، وأن يركزوا على دعم البرامج والمشاريع التي تخدم المجتمع بشكل مباشر.



مصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى