حكاية 250 عاما يرويها حصن آل أبوعساف

وبادر المواطن محمد حسن الغازي وأبناؤه إلى ترميم الحصن وتأهيله والحفاظ عليه من الاندثار، بما يحفظ له مكانته التاريخية والأثرية، لينتصب اليوم مثل لوحة فنية في أعلى قمم جبال صدر وادي رحب.
البداية والانطلاقة
يقول عبدالله محمد الغازي لـ«الوطن» خلال جولتها الميدانية في حصن آل أبو عساف ومسجد صدر رحب التاريخيين: «بدأنا مرحلة العناية بالحصن بجهود ذاتية مستلهمين قيمته التاريخية، وحريصين على أن يبقى شامخا لأجيال قادمة، وقد توّج هذا الجهد بالحصول على شهادة شكر وتقدير من قِبل أمير منطقة عسير، الأمير تركي بن طلال بن عبدالعزيز، وذلك بعد أن قمنا أنا وأخي الأكبر حسن، بإشراف من الوالد، بتسجيل هذا الحصن ضمن مبادرة «نشامى عسير» تحت إشراف اللجنة الميدانية في مركز الحبيل، التي أطلقت منافستها في حينها، وكان من ضمن فرص المنافسة في «نشامى عسير» فرصة «شامخات» للعناية بالحصون الأثرية القديمة، ومن هنا كانت البداية والانطلاقة للحفاظ على هذا الإرث التاريخي الكبير، والإبقاء على النمط القديم كما كان منذ بناه أجدادنا الأولون».
متحف تاريخي
أضاف الغازي: «أضفنا متحفا تاريخيا إلى جوار هذا الحصن، وهو متحف مصغر يحتوي بعضا من المقتنيات القديمة التي تعود إلى عقود مضت، من أجهزة قديمة ومواد وأدوات تراثية وصحف ومجلات قديمة، من بينها الأعداد الأولى من صحيفة «الوطن» التي تتمتع بمكانة خاصة لدينا نحن أبناء منطقة عسير».
وأشار إلى أنه لا يزال يحتفظ بأول إصدار لـ«الوطن»، ويحتفظ كذلك بـ«أعداد قديمة لكثير من الصحف الورقية والمجلات، وعدد من المقتنيات، مثل أشرطة الفيديو والكاسيتات، والآلات، والصور القديمة، ومنها صورة الأديب المؤرخ محمد حسن غريب الذي زارنا هنا في المتحف، وتجوّل في الحصن والمسجد، ومنها أيضا صور للزي التراثي الألمعي القديم الذي يلبسه الرجال (الحوك) من رداء وإزار».
ترميم المسجد
أشار الغازي إلى أنه «بعد أن أطلق والدي البداية بالعناية بالحصن، هبّ أبناء الوادي، وبشكل جماعي. وعلى الرغم من أنهم كانوا قد غادروا الوادي قبل عقود، حركهم الحنين إليه للوقوف معنا يدا واحدة، وعملوا معنا على ترميم المسجد الجامع القديم لأهالي صدر وادي رحب، الذي كان على وشك الانهيار».
وأوضح: «يمتد تاريخ بناء المسجد لأكثر من قرنين ونصف القرن من الزمان، وأعيد ترميمه بمكوناته القديمة، وتأهيل المرافق التابعة له حتى تمت إعادته في أبهى حلة، وبالطراز المعماري القديم نفسه، لتعود الصلاة فيه بعد انقطاع دام لأكثر من 35 سنة، وليصبح هذا الجامع القديم ملتقى رمضانيا سنويا لنا، نجتمع فيه أبناء الوادي، كباراً وصغارا، للإفطار والصلاة فيه. كما سجلنا هذه المبادرة وهذا الملتقى الرمضاني السنوي ضمن مبادرة «أجاويد» الرمضانية السنوية».
الحصون الأثرية
أكد المؤرخ الأديب محمد حسن غريب أن وادي رحب يحتضن كثيرا من الحصون الأثرية. وقال: «هذه القرية الأثرية لحصن آل أبوعساف لا تقل أهمية عن أي قرية تراثية أخرى في منطقة عسير، ولا سيما أنها تحوي أعلى الحصون التراثية في عسير في الوقت الراهن، الذي يطل على كامل الوادي».
وأضاف: «مسجد صدر رحب بني على الطريقة القديمة التي كانت سائدة في تلك الأزمنة، حيث شيد من الحجارة وأخشاب أشجار العتم والعرعر».
وشرح غريب طريقة هندسة البناء قائلا: «اعتمدت هندسة البناء على الأسلوب العسيري المعروف الذي يتكون في غالبه من الحجارة وأخشاب الأشجار».
وبيّن: «هذا المسجد كان يشهد جميع الصلوات لسكان القرية في ذلك الوقت، بما فيها صلاة الجمعة».
وجزم أن الحصن والمسجد يمتد تاريخهما إلى قرنين ونصف القرن من الزمان. وعلى الرغم من أن جميع الحصون والقرى الأثرية المنتشرة في قمم جبال وادي رحب تحظى بالمكانة التاريخية نفسها، فإن حصن آل أبوعساف قام عليه أهله حفاظا على تراث آبائهم وأجدادهم.
حصن آل أبو عساف
ـ حصن أثري قديم
ـ يقع في أعلى قمم جبال صدر وادي رحب بمركز الحبيل التابع لعسير
ـ يعود بناؤه إلى نحو قرنين ونصف القرن من الزمن
ـ سجل بفرصة «شامخات» للعناية بالحصون الأثرية القديمة ضمن المنافسة في «نشامى عسير»
ـ أضيف له متحف مصغر يحتوي بعضا من المقتنيات القديمة