آخر خبر

العطارة مهنة الأسرار المتوارثة – جريدة الوطن السعودية


في وقت يعتقد فيه كثيرون أن العطارين مجرد باعة يعملون في محلات العطارة، يصر العطارون على أنهم يعملون في مهنة محفوفة بالأسرار التي لا يعرفها إلا أصحاب الصنعة سواء في مجال الأعشاب، أو في استخداماتهم التقليدية للعطور والتوابل، مؤكدين أن العطارين كانوا وعبر التاريخ أكثر من مجرد بائعين، وأنهم كانوا أشبه بحكماء وعلماء في مجال الأعشاب والمستحضرات الطبيعية، وأن كثيرا من معارفهم وعلومهم لم تُدوَّن، بل نُقِلت شفهيًا من جيل إلى آخر.

خبرات متراكمة

يقول محمد صالح، وهو عطّار يمتلك محلا للعطارة إن العطّاريين خبراء في تحضير وبيع الأعشاب، والتوابل، والزيوت الطبيعية، والمستحضرات التقليدية، التي تُستخدم في العلاجات الطبيعية والتجميل.

وأضاف «لدى العطارين أسرار متوارثة تناقلوها عبر الأجيال، تتعلق بمزج الأعشاب، ومعرفة خصائصها الطبية، وأفضل طرق استخدامها».

وأوضح أن «تكمن أسرار العطّارين في معرفتهم بمزج الأعشاب بطرق دقيقة، حيث لديهم معرفة عميقة بكيفية دمج النباتات للحصول على فوائد علاجية دون آثار جانبية، وكذلك العلاج بالأعشاب وفق الحالة الصحية، حيث يحددون العشبة المناسبة بناءً على طبيعة الجسم والمشكلة الصحية، إلى جانب تحضير الزيوت، والخلطات الخاصة، حيث يعرفون كيفية استخراج الزيوت من الأعشاب، وتجهيز خلطات تقوية الشعر وتجميل البشرة والاحتفاظ بجودة المنتجات».

وأكمل «يستخدم العطارون كذلك طرقًا خاصة لتخزين الأعشاب لمنع فقدان فوائدها، ولديهم قدرة على معرفة التوقيت المناسب لاستخدام الأعشاب لأن لبعضها تأثيرا أقوى إذا استُخدمت في أوقات معينة من اليوم أو السنة».

مجموعة معلومات

يشدد العطار منصور الغامدي، على أن أسرار العطارين تشمل مجموعة واسعة من المعلومات حول الأعشاب، والتوابل، والزيوت العطرية، المستخدمة في العلاج التقليدي والتجميل والطهي، ولديهم معلومات عن أسرار الأعشاب والتوابل وفوائدها، فهم يعرفون مثلا أن القرفة تساعد في تحسين الدورة الدموية وخفض مستوى السكر في الدم، وأن الزنجبيل مضاد للالتهابات ويعزز الهضم، وأن اليانسون مهدئ طبيعي للجهاز العصبي والهضمي، وأن القرنفل مسكن طبيعي لألم الأسنان ومضاد للبكتيريا، وأن الكركم مضاد للأكسدة ويساعد في تخفيف الالتهابات”.

وبين أن هناك زيوتا عطرية ينصح بها العطارون منها الزيوت العطرية واستعمالاتها، مثل زيت اللافندر الذي يساعد على الاسترخاء وتحسين النوم، وزيت النعناع الذي يخفف الصداع ويعزز التركيز، وزيت شجرة الشاي الذي يعد مضادا للفطريات والبكتيريا، وهو مفيد للبشرة، وزيت جوز الهند الذي يعد مرطبا طبيعيا للبشرة والشعر، وكذلك هناك الخلطات العشبية للتجميل والعلاج التي يصنعها العطارون وتباع في المحلات بعد أخذ تصريح الفسح من هيئة الغذاء والدواء، ومنها خلطات تفتيح البشرة وتصنع من الحليب مع الكركم والعسل وبعض الأعشاب المساعدة، وكل هذه من الأسرار التي لا يصرح العطارون بها، بل يكتفون بصنع الخلطات منها.

تاريخ بعيد

عرفت العطارة، وهي ممارسة استخدام الأعشاب والتوابل والمواد الطبيعية لأغراض طبية وعلاجية، منذ تاريخ بعيد، حيث تعود أصولها إلى الحضارات القديمة.

ونشأت العطارة منذ آلاف السنين، حيث يعود تاريخها إلى المصريين القدامى الذين استخدموا الأعشاب مثل الكمون واليانسون والمر لعلاج الأمراض، ودوّنوا وصفاتهم الطبية على ورق البردي، وكذلك الصينيون الذين طوّروا نظام الطب التقليدي، واستخدموا الأعشاب مثل الجينسنغ والزنجبيل والعرقسوس في العلاج، وإلى الهنود الذين برعوا في علم “الأيورفيدا”، وهو نظام طبي يعتمد على الأعشاب والتوابل مثل الكركم والهيل.

كما اعتمد الإغريق والرومان على العطارين والصيادلة لتحضير العلاجات، وكان الطبيب الإغريقي ديوسكوريدس من أوائل من دوّنوا استخدام النباتات الطبية.

وفي العصر الإسلامي شهد علم العطارة تطورًا كبيرًا، حيث ألف العلماء المسلمون كتبًا متخصصة مثل “الحاوي” للرازي و”القانون في الطب” لابن سينا الذي وصف فيه مئات الأعشاب واستخداماتها.

وفي العصور الوسطى انتقلت علوم العطارة إلى أوروبا عبر الأندلس والحروب الصليبية، وتم تأسيس الصيدليات الأولى التي كانت تعتمد على الأعشاب الطبية.

أسرار للكتمان

أوضح العطار مصطفى عامر أن هناك أسرارا لا يصلح أن يصرّح بها العطار، وهناك كثير من المعلومات القيمة التي يعرفها العطارون في فائدة الأعشاب وصناعة الوصفات، ويتم توارثها من جيل إلى آخر.

وقال “على الرغم من تقدم الطب الحديث، فلا تزال العطارة تحظى بشعبية كبيرة، خصوصًا في الطب البديل والعلاج بالأعشاب، حيث يعتمد الناس على العطارين للحصول على وصفات طبيعية لعلاج عدد من الأمراض وتسهم في تخفيف مضاعفات تلك الأمراض، وهذا لا يعني الاستغناء عن الطب الحديث، بل يمكنها أن تعمل معه جنبا إلى جنب”.

ولم يكن عمل العطارة في السابق سهلًا، فالحصول على المكونات يتطلب دراية بالأعشاب وجودتها، ويتطلب السفر لأجلها إلى بلاد أخرى أحيانًا، إذ كان العطارون في كثير من الأحيان يرتحلون لتوفير ما يحتاجونه من الهند أو البلاد العربية المجاورة كسوريا ومصر.

عيادات العطارين

برز عدد من العطارين في المملكة، واشتهرت في ذلك أسماء بعينها، وكانت محلات العطارة في جدة التاريخية على سبيل المثال كالعيادات الطبية في الوقت الحالي، ليعالجوا بمئات الوصفات الشعبية المرضى الذين يقصدونهم لتخفيف آلامهم.

لائحة الاشتراطات الصحية للعطارة

تنظيمًا لنشاط العطارة أصدرت وزارة البلديات والإسكان في عام 1441هـ/2019م، تحديثًا للائحة الاشتراطات الصحية لمحلات العطارة للمحافظة على جودة ما تعرضه هذه المحلات من منتجات ومطابقتها للمعايير الصحية رغبة منها في حماية المستهلكين وسلامتهم، وضمت (30) مادة مقسمة على ثلاثة أقسام رئيسة، هي: الاشتراطات العامة؛ والاشتراطات الخاصة؛ إلى جانب اشتراطات الصحة للعاملين في محلات العطارة.

العطارة

ـ مهنة استخدام الأعشاب واستخلاص الخلطات والزيوت منها

ـ عرفت عبر التاريخ منذ المصريين القدماء والصينيين والهنود والعرب

ـ انتقلت عبر الأندلس إلى أوروبا في القرون الوسطى

ـ عرفت كمهنة تقليدية في السعودية كمهنة طبية شائعة

ـ كان لكل قرية أو بلدة سعودية تقريبا عطار يحضّر وصفات الدواء لعلاج الأمراض

ـ عرف العطارون أنهم واسعو المعرفة بالخصائص الدوائية والعلاجية للأعشاب



مصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى