أخبار العالم

الجفاف يتحدى تعاونيات فلاحية نسائية



دورٌ كبيرٌ لعبته التعاونيات الفلاحية النسائية في تأمين مدخول محترم لفائدة عدد من النساء اللواتي يساهمن جنبا إلى جنب مع أزواجهن في تنمية دخل الأسرة وتوفير الشروط الملائمة لتمدرس أبنائهن ويلتزمن بمسؤوليتهن الاجتماعية في إنعاش الاقتصاد المحلي؛ إلا أنه يبدو أن هذا الدور مُهدد بالتراجع، بعدما خيّم الجفاف على المناطق التي تنشط بها هذه التعاونيات.

ويرى فاعلون جمعويون أن غلاء إنتاج المواد الأولية النادرة بفعل الجفاف أنهك القدرة الشرائية للتعاونيات الفلاحية النسائية التي باتت مضطرة إلى “تخفيض أيام الاشتغال”؛ ما جعل مداخيل منخرطاتها “هزيلة” ولا ترقى إلى مستوى كفاحهن.

ونبّه الفاعلون أنفسهم إلى أن “الظرفية تستغل من قبل الشركات الكبرى للاقتيات على مجهودات هاته النسوة؛ ما يفرض أن تتدخل الوزارة الوصية”.

في هذا الإطار، قالت إكرام العلوي، رئيسة تعاونية “البركة” لإنتاج وتسويق المنتوجات المحلية، إن “النساء اللواتي يشتغلن في التعاونية تضررن كثيرا في السنوات الأخيرة جراء الجفاف، الذي قلّص بنسبة كبيرة من مدخول كان في السابق يكفيهن لتأمين قوت أسرهن ومصاريف دراسة أبنائهن”.

وأضافت رئيسة تعاونية “البركة” لإنتاج وتسويق المنتوجات المحلية: “في السابق، كانت التعاونية تشتغل على مدار الأسبوع. أما اليوم، فبسبب غلاء المواد الأولية المستخدمة في إنتاج آملو ومواد التجميل وغيرها من منتوجاتنا لم نعد نشتغل أحيانا لعشرة أيام متواصلة”.

وشرحت الفاعلة الجمعوية لهسبريس أن “نقص المواد الأولية بسبب الجفاف جعل أسعارها تحلّق في مستويات تفوق طاقة التعاونية. ولذلك، بتنا ننتج فقط بناء على طلبات قلة من الزبناء الذين تبقت لديهم القدرة لتحمّل غلاء منتوجاتنا”، مؤكدة “في السنوات الأولى لحلول الجفاف واصلنا الإنتاج يوميا، لأن القدرة الشرائية للزبناء لم تكن متضررة بالقدر الحالي؛ لكن الوضع تغيّر.. الزبون الذي اعتاد شراء كمية كبيرة من منتج ما، أصبح ينصرف بمجرد سماع ثمنه، وفي أحسن الأحوال يشتري كميلة قليلة جدا”.

وتابعت رئيسة التعاونية، التي تضم 14 امرأة، قائلة إن “مداخيل التعاونية تراجعت بأكثر 50 في المائة جراء هذا الوضع.. وعلى الرغم من أن النسوة ما زلن يكافحن لاستمرار الإنتاج، فإنهن لم يعدن متحمسّات كما في السابق؛ لأن هذا التراجع جعل التعويضات المستحقة لكل واحدة منهن ضئيلة جدا مقارنة مع مجهودهن”، مشددة على أنه “من جهة أخرى يصعب على التعاونية الرفع من هامش ربحها بما يتلاءم مع الزيادة في المواد الأولية، لأن الأثمنة التي تضعها بالكاد تناسب القدرة الشرائية لبعض الزبناء، كما أسلفت”.

وتعاونية “البركة” ليست سوى واحدة من عشرات التعاونيات النسائية التي فرمل الجفاف مردوديتها الإنتاجية بسوس، كما أكد العربي عروب، رئيس الشبكة الإقليمية للاقتصاد الاجتماعي والتضامني بتزنيت، الذي أشار إلى أن “هذه الظاهرة التي تفاقمت حدتها بسوس خفّضت بشكل مهول إنتاج المواد الأولية المستخدمة في منتوجات التعاونيات النسائية التي تشكّل عصب النسيج التعاوني بالمنطقة”.

وشدد عروب، في تصريح لهسبريس، على أن “غلاء أسعار المواد الأولية يرتبط بعاملين غير منفصلين: الندرة جراء الجفاف، والممارسة غير المسؤولة من قبل الشركات الفلاحية الكبرى بالمنطقة باللجوء إلى احتكار هذه المواد”، مبرزا أن “هذا الوضع أربك التعاونيات النسائية ضعيفة القدرة الشرائية من الأساس، والتي كانت قبل الجفاف تتزود بالمادة الأولية من الفلاحين الصغار بالمنطقة بأثمان معقولة لكلا الطرفين”.

وأكد المتحدث عينه أن “هذه الوضعية دفعت التعاونيات المذكورة إلى تخفيض عدد أيام اشتغالها؛ ما أدى إلى تقلص قدرتها الإنتاجية وعدد مبيعاتها، عدا عن تضرر هامش ربحها في كل منتج على حدة”، لافتا إلى أن “تراجع مداخيل هذه التعاونيات انعكس على قيمة التعويضات المصروفة لكل واحدة من نسائها اللواتي ما زلن يكافحن للاستمرار، على الرغم من هذه الظروف”.

واعتبر رئيس الشبكة الإقليمية للاقتصاد الاجتماعي والتضامني بتزنيت أن “مجهودات وزارة الفلاحة والوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان مكّنت من تخفيف ضغط الجفاف على هذه التعاونيات النسائية؛ غير أنهما مدعوان إلى تحفيزها بالدعم المادي، وإنجاز مشاريع تنموية بديلة لتمكينها من تجاوز هذه الأزمة، وضمان وصولها إلى المواد الأولية المستخدمة في منتجاتها بأثمان تناسب قدرتها الشرائية عوض تركها عرضة لاستغلال الشركات الكبرى التي تقتات على كفاحها لضمان مدخول أسرها”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى