تجربة “كوفيد-19” تسائل فرضية إقبال المغاربة على التلقيح ضد “جدري القردة”
مع “احتدام” النقاش العالمي عن سبل مواجهة انتشار جدري القردة بالقارة الإفريقية، والذي وصل إلى السويد، تظهر حملات التلقيح في مقدّمة الخيارات. وفي المغرب، يعود نقاش “نسب إقبال المواطنين” على تلقي الجرعات في حال إطلاق “حملة للتلقيح ضد جدري القردة” بعد تجربة “كوفيد-19”.
وفي القارة الأوروبية، قررت الهيئة الصحية العامة الأوروبية رفع “مستوى التأهب” بعد رصد السويد أول حالة إصابة. وأعلنت شركة “بافاريان نورديك” الدنماركية، في بيان، أمس السبت، “عزمها رفع إنتاج لقاح جدري القرود”.
وحسب مصادر إعلامية أوروبية، فإن الشركة الدنماركية ذاتها “أبلغت مراكز إفريقية لمكافحة الأمراض والأوبئة قدرتها لتصنيع حوالي عشر ملايين جرعة لقاح ضد جدري القردة حتى نهاية سنة 2025، مع عزمها توريد مليون جرعة في الشهور المقبلة”.
وقال تقرير لشبكة “يورونيوز” إن “أسهم شركات التلقيح ارتفعت، هذا الأسبوع، مع تنامي المخاوف العالمية من انتشار جدري القردة خارج القارة السمراء”.
وفي كندا، دعت هيئة الصحة العامة بمدينة تورنتو السكان المؤهلين إلى أخذ تطعيمات ضد جدري القردة، بعدما أعلنت منظمة الصحة العالمية أنه “فيروس يشكل طارئة صحية عالمية”.
وفق دورية وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، السبت، “طالبت الوزارة المسؤولين الإقليميين والجهويين للصحة بالحرص على التنفيذ العاجل لهذه الإجراءات، في إطار مقاربة تشاركية مع جميع الهياكل الصحية، العامة والخاصة، في الجهات التي يدبرون شأنها الصحي، ومع جميع الجهات المعنية والمتدخلة على المستوى المحلي”.
وتقول آخر أرقام الوزارة الخاصة بالرصد الصحي لمرض كورونا إن “عدد جرعات التلقيح الأولى تبلغ حوالي 25 مليونا؛ فيما الرابعة لا تتجاوز 61 ألف جرعة”.
وقال خالد فتحي، خبير في الشأن الصحي أستاذ في كلية الطب والصيدلة بالرباط، إن “الفرق بين جدري القردة وبين كورونا شاسع في جميع الاتجاهات”.
وأضاف فتحي أنه “من المستبعد أن تكون هناك ممانعة في المغرب من أخذ تلقيح ضد جدري القردة في حال إطلاق حملة وطنية؛ لأن الأمر يتعلق بلقاح مجرب وأعطى نتائجه واستوفى كل مراحل التجريب”.
وأورد الخبير في الشأن الصحي أن مخزون اللقاح العالمي ضد جدري القردة “ضئيل، وربما مع انتشاره مستقبلا سيدفع بالدول المتقدمة إلى بذل مجهود لتوفيره كما حدث في زمن كورونا”، مشددا على أنه “بالنسبة للمغرب سيناريوهات مثل هذه لا تزال بعيدة، وإطلاق حملة وطنية للتلقيح هي أيضا غير واردة، ولا أحد يتمناها”.
ومع توّفر التوعية والأرقام الموثوقة من منظمة الصحة العالمية، شدد فتحي على أن “جهود وزارة الصحة والحماية الاجتماعية ومختلف المتدخلين، في حال دخول المغرب سيناريو التلقيح، لن تجد صعوبة في إقناع المواطن بذلك، خاصة أن اللقاح مجرّب وموثوق وأخذ سنوات طويلة ليخرج للإنتاج، عكس لقاح كوفيد”.
وفق منظمة الصحة العالمية، فإنه قد تم سابقا “اعتماد 3 لقاحات ضد جدري القردة، وهي: (MVA-BN، وLC16، وOrthopox Vac)”، مشددة على أن “النتائج الأولية التي أسفرت عنها دراسات عديدة أجريت بشأن فعالية اللقاح ضد جدري القردة، تبشّر بالخير، وتدلّ على توفير مستوى جيد من الحماية”.
وفي مواقع التواصل الاجتماعي، دوّن عدد من النشطاء المغاربة أنهم “لن يتلقّوا جرعات لقاح ضد جدري القردة، وأنهم لن يعيدوا تجربة كورونا”.
وبالنسبة لمحمد اعريوة، الطبيب العام والكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للصحة، فإن “لقاح جدري القردة مجرّب، وليس حديثا بالمغرب والعالم”.
وأضاف اعريوة، ضمن تصريح لهسبريس، أن هذا اللقاح “ليس له أعراض خطيرة، والعديد من الأشخاص تطعّموا به في مراحل الطفولة؛ ما يعني أن الأمر لا يشكّل مشكلا بالنسبة لإقبال المغاربة عليه في حال إطلاق حملة للتلقيح”.
وأورد المتحدث عينه أن الحالات التي تم رصدها بالمغرب “تؤشر على أن الوضعية حسنة، ولا تستدعي بعد وجود حملة للتلقيح؛ لكن على المواطن الالتزام بالطرق الوقائية المعهودة”.
وتابع: “مع توجيهات وزارة الصحة، بعد الاجتماع الأخير، يظهر أن المغرب مستعد في أية لحظة لتوفير اللقاح لمواجهة سيناريوهات انتشار جدري القردة”، مبيّنا “حدوث هذا الأمر، مستبعدا وجود إحجام من قبل المواطنين”.