الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024: ما هي خطة هاريس الاقتصادية؟
- Author, ناتالي شيرمان
- Role, بي بي سي
دعت مرشحة الحزب الديمقراطي للرئاسة الأمريكية، كامالا هاريس، في أول خطاب لها عن ملامح سياستها الاقتصادية، إلى بناء ملايين المنازل الجديدة ومساعدة المشترين لأول مسكن لهم، وتقديم إعفاءات ضريبية للأسر وحظر “الاحتكار” في أسعار منتجات البقالة.
وتستعين خطط هاريس بأفكار من إدارة بايدن، وتهدف إلى معالجة مخاوف لدى الناخبين في أعقاب ما تشهده السوق من ارتفاع الأسعار منذ عام 2021.
وسوف تتطلب العديد من تلك المقترحات تصديق الكونغرس عليها، لا سيما بعد أن تعثرت أفكار مماثلة في الماضي.
وقال مرشح الحزب الجمهوري للرئاسة، دونالد ترامب، إن نائبة الرئيس قضت بالفعل أكثر من ثلاث سنوات مع الإدارة لتقديم وعودها، ووصفت حملته تلك التصريحات بأنها “ليبرالية خطيرة”.
وسأل ترامب: “أين كانت (هاريس) ولماذا لم تفعل ذلك؟”.
وردت هاريس في خطابها الذي ألقته يوم الجمعة في ولاية نورث كارولينا: “أعتقد أنه إذا كنت تريد أن تعرف بمن يهتم شخص، فانظر إلى من يكافح من أجله”.
وأضافت: “دونالد ترامب يكافح من أجل المليارديرات والشركات الكبرى، وأنا سأكافح من أجل إعادة الأموال إلى الأميركيين من الطبقة العاملة والمتوسطة”.
وتتضمن مقترحات حملة هاريس “أول” خصم ضريبي على الإطلاق لبناة المنازل التي تباع للمشترين لأول مرة، فضلا عن مساعدة تصل إلى 25 ألف دولار لتمويل الدفعة الأولى المقدمة والتي يستفيد منها المشترين “المنطبق عليهم الشروط” عند شراء أول مسكن لهم، وهي خطوة قدرت حملتها أن أربعة ملايين أسرة ستستفيد منها على مدى أربع سنوات.
كما دعت إلى تحديد سعر شهري لدواء الأنسولين لعلاج مرض السكري عند 35 دولارا للجميع، وإيجاد سُبل تفضي إلى إلغاء الديون الطبية، واستفادة الأسر من خصم ضريبي قدره 6000 دولار في العام الذي يولد فيه طفل جديد.
وتدعم هاريس قانونا فيدراليا يحظر على الشركات فرض أسعار مبالغ فيها على منتجات البقالة، وحثت على اتخاذ إجراء بشأن مشروع قانون في الكونغرس من شأنه منع أصحاب العقارات من استخدام الخدمات التي “تنسق” الإيجارات.
ويأمل الديمقراطيون وحلفاؤهم أن تثبت هاريس أنها مرشحة أكثر قوة وثقة مقارنة بالرئيس جو بايدن فيما يتعلق بالأزمات الاقتصادية التي تعاني منها البلاد.
ووصف روبرت فايسمان، الرئيس المشارك لمنظمة مراقبة وحماية المستهلك “بابليك سيتزن”، خطط هاريس بأنها “أجندة مؤيدة للمستهلك ومعادية لتلاعب الشركات”.
وقال: “تحدثت إدارة (بايدن) عن ذلك لكنها لم تروج للتدابير المقترحة بأي حال من الأحوال بمثل هذه الشراسة التي تفعلها هاريس”.
بيد أن خبير استطلاعات الرأي، ميكاه روبرتس، الشريك في مؤسسة “استراتيجيات الرأي العام”، قال إن التضخم من المرجح أن يظل تحديا أمام الديمقراطيين، مشيرا إلى أن الناخبين لديهم تاريخ طويل من الثقة أكبر بترامب، والجمهوريين، فيما يتعلق بالقضايا الاقتصادية.
وقال روبرتس، أظهر استطلاع رأي مؤخرا لشبكة “سي إن بي سي” الإخبارية بشأن القضايا الاقتصادية، أن ترامب لا يزال يتمتع بفارق كبير متفوقا على هاريس في هذه القضايا: “ترامب تمتع بالتفوق في هذا الأمر”.
وأضاف أنه في ظل غياب أي تغيير كبير، فإنه “سيكون من الصعب بالنسبة لي تصديق” أن الفارق قد تلاشى فجأة.
وعلى الرغم من أن الخبراء يقولون إن بعض مقترحات هاريس، مثل حظر التلاعب بالأسعار، من المرجح أن تحظى بشعبية، إلا أنها أثارت انتقادات لدى بعض خبراء الاقتصاد.
يُطبق حظر التلاعب بالأسعار بالفعل في العديد من الولايات، كما يُطبق في حالات الطوارئ مثل هبوب الأعاصير.
بيد أن خبراء الاقتصاد يقولون إن هذا المصطلح من الصعب تعريفه، كما أن توسيع تطبيق مثل هذه القواعد قد يؤدي إلى نتائج عكسية، من خلال تثبيط عزيمة الشركات عن زيادة الإنتاج في أوقات تراجع العرض.
وقال مايكل سالينغر، أستاذ الأسواق والسياسة العامة والقانون في كلية “كويستروم” للأعمال بجامعة بوسطن، إن حظرا مماثلا نوقش عندما كان يعمل خبيرا اقتصاديا في لجنة التجارة الفيدرالية خلال فترة إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق، جورج دبليو بوش.
وأضاف: “اعتقدت وقتها أنها فكرة سيئة، وأعتقد الآن أنها فكرة سيئة. فرض ضوابط على الأسواق التنافسية من شأنه أن يؤدي إلى تراجع العرض، وهذه كانت تجربتنا دائما”.
وقال سالينغر إن الخطط الأخرى لحملة هاريس ستواجه أيضا شكوكا، نظرا لتكلفة تطبيقها.
وتشير تقديرات إلى أن مقترح زيادة الخصم الضريبي للأطفال إلى ما يصل إلى 3600 دولار، والذي فعله الكونغرس مؤقتا أثناء فترة الوباء واختار عدم التمديد، على سبيل المثال، سيتكلف ما يربو على تريليون دولار.
وفي ظل تنامي الشعبوية في كلا الحزبين، لم تثن هذه التكلفة ترامب ومرشحه لتولي منصب نائب الرئيس، جيه دي فانس، عن دعم توسع أكبر في الخصم الضريبي.
وقال سالينغر إن خطط ترامب الاقتصادية الأخرى من غير المرجح أن تعالج مخاوف التضخم.
ويتوقع خبراء الاقتصاد أن يكون لزيادة التنقيب تأثير محدود نظرا للطبيعة العالمية لأسواق الطاقة، وحذروا من أن تعهد ترامب بفرض ضريبة بنسبة 10 في المئة أو أكثر على الواردات من شأنه أن يدفع الأسعار إلى الارتفاع.
جدير بالذكر أن زيادات الأسعار كانت تشهد تراجعا، مع تلاشي الصدمات الناجمة عن قضايا سلسلة التوريد في فترة الوباء والحرب في أوكرانيا.
وقالت وزارة العمل هذا الأسبوع إن التضخم، الذي يتتبع وتيرة زيادات الأسعار، بلغ 2.9 في المئة في يوليو/تموز، وهي أصغر زيادة سنوية منذ مارس/آذار 2021. ويقترب هذا من معدل 2 في المئة الذي يعتبر طبيعيا، على الرغم من ارتفاع الأسعار بنحو 20 في المئة منذ يناير/كانون الثاني 2021.
وقال سالينغر: “المشكلة التي يعترض عليها الناس هي أنه حتى لو تراجع التضخم، فإن الأسعار لا تزال مرتفعة وهذا صحيح ولكنها أعلى بسبب العمل الطبيعي لقوى السوق”.
وأضاف: “محاولة اعتراض طريق عمل قوى السوق تشبه إلى حد كبير محاولة إيقاف المد والجزر. لا يمكنك فعل ذلك ببساطة”.