“نتنياهو يريد حرباً عالمية” – هآرتس
نتناول في عرض الصحف اليوم ما يدور في منطقة الشرق الأوسط من تصعيد كبير قد يؤثر على العالم بأكمله، بالإضافة إلى مفهوم حرب الردع التي يكررها بعض المسؤولين في إيران وإسرائيل.
نبدأ عرضنا للصحف من صحيفة هآرتس الإسرائيلية ومقال لروغيل ألفر، في صفحة الرأي بعنوان “نتنياهو يريد حرباً عالمية”. ويقول الكاتب إن رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، “يشكل تهديداً للأمن العالمي. ففي خطابه أمام الكونغرس الشهر الماضي، أوضح نتنياهو أنه ينظر إلى إسرائيل باعتبارها في طليعة الدول في الحرب التي يشنها الغرب ضد الإسلام المتطرف العالمي، أو كما عبر عن ذلك، الصدام بين البربرية والحضارة”.
ويشير الكاتب إلى أن نتنياهو أوضح للأميركيين “أنه يحميهم، وأنه يخوض حربهم نيابة عنهم. وكان واضحاً من تصريحاته أن الولايات المتحدة ينبغي لها أن تشكر له جهوده، وليس العكس”.
ويرى الكاتب أنه بالنسبة لنتنياهو، فإن المساعدات الضخمة التي تتلقاها إسرائيل من الولايات المتحدة “تخدم مصلحة أمريكية وجودية، وكلما زادت الولايات المتحدة من هذه المساعدات، كان ذلك أفضل لخدمة المصلحة الأمريكية. وما يصب في مصلحة أمريكا، وفقاً لنتنياهو، هو الحرب العالمية”.
ويرى الكاتب أن نتنياهو يقدم نفسه باعتباره “زعيماً ولاعباً مهماً في العالم الحر”.
واستذكر الكاتب مقابلة نتنياهو مع مجلة تايم الأسبوع الماضي، التي أكد فيها “أن هجوم السابع من أكتوبر/تشرين أول الماضي، كان بمثابة بيرل هاربر بالنسبة له، وأن ما قام به والرؤية التي قدمها في الكونغرس توضح أنه، مثل فرانكلين روزفلت من قبله، لديه واجب استراتيجي وأخلاقي لبدء حرب عالمية”.
ويبين الكاتب أن نتنياهو يرى أن الولايات المتحدة ليست “سوى وكيل له” وبالتالي مطلوب منها قصف المنشآت النووية الإيرانية. ويضيف “أن نتنياهو لديه اليقين والإدراك حول ما هو في مصلحة أمريكا وأنه يخدم هذه المصلحة بشكل أفضل من الرئيس جو بايدن”.
ويصف الكاتب نتنياهو بأنه “استراتيجي سيئ، حيث أمر باغتيال إسماعيل هنية في طهران وفؤاد شكر في الضاحية، دون مراعاة نطاق الانتقام”. ولكنه يتساءل: “أتُرى حقاً لم يأخذ نتنياهو أثار الانتقام في الاعتبار؟”.
ويجيب الكاتب قائلاً “إن من يرى نفسه زعيماً للغرب في صراعه مع البرابرة يعرف جيداً أن الاغتيال الصحيح في المكان المناسب في الوقت المناسب يمكن أن يبدأ حرباً عالمية ستستمر لسنوات وتتركه في السلطة حتى تنتهي”. مضيفاً “أن هذه الحرب العالمية هي الطفل الذي يرعاه نتنياهو. وقد بدأت استراتيجيته تؤتي ثمارها”.
ويرى الكاتب أن حلم نتنياهو “هو أن يصبح العالم في حالة من اضطراب وأن تصبح إسرائيل في مركز الزلزال”.
ويعتبر الكاتب أن نتائج اغتيال هنية هي إرسال بايدن قوة ضخمة إلى المنطقة. “وأن نتنياهو يمنع نهاية الحرب في غزة من أجل إشعال حرب عالمية، وفي هلوساته المجنونة، ستكون هذه الحرب العالمية، وانتصار الحضارة على البربرية، هي إرثه”، على حد قول الكاتب.
ويعود الكاتب إلى مقابلة مجلة تايم، “إذ قارن نتنياهو نفسه بجورج دبليو بوش بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول. ويضيف أن نتنياهو يشبه نفسه باستمرار بزعماء الإمبراطوريات العالمية ويتصرف على هذا الأساس. ولهذا السبب فهو في غاية النشوة. فهو يعتقد أن رؤيته عن نهاية العالم أصبحت حقيقة، وأنه في المستقبل سوف يُذكر في كتب التاريخ في نفس السياق مع تشرشل وروزفلت بوصفه المنتصر على البرابرة”.
“نتنياهو ينصب الأفخاخ لإيران”
وننتقل إلى صفحة الرأي في صحيفة الغارديان البريطانية، ومقال لإسفنديار باتمانغيليج، بعنوان “إيران سوف تقع في فخ نتنياهو إذا ضربت إسرائيل بقوة، لكنها لا تزال قادرة على تجنب الكارثة”.
ويقول الكاتب إنه في 31 يوليو/تموز، اغتيل إسماعيل هنية، الزعيم السياسي لحركة حماس، “فيما يُعتقد أنه عملية إسرائيلية نُفذت في شمال طهران، بعد فترة وجيزة من حضوره حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان”. ويضيف الكاتب أن التكهنات تُثار عن الكيفية التي تم بها اغتيال هنية، ولكن “أياً كانت الطريقة، فإن الاغتيال كان فشلاً استخباراتياً مهيناً آخر لإيران”، على حد قوله.
ويرى الكاتب أنه للمرة الثانية هذا العام، “أصبحت المنطقة على شفا حرب كبرى بينما تفكر إيران في ردها على استفزاز إسرائيلي كبير”. ويوضح الكاتب “أنه في نظر المحللين الإيرانيين، فإن مثل هذه الاستفزازات فخاخ نصبها نتنياهو، الذي يريد جر إيران إلى حرب أوسع نطاقاً، وخاصة مع تصاعد الضغوط من أجل وقف إطلاق النار في غزة”.
واعتبر الكاتب أن نتنياهو على مدى سنوات، “بالغ في تضخيم التهديد الذي تشكله إيران، وخاصة برنامجها النووي، لتغذية صعوده السياسي. والآن يسعى إلى الحرب مع إيران لتجنب سقوطه الشخصي”.
ويقول الكاتب إن إيران تجنبت هذا الفخ مرة من قبل، فالرد الإيراني على هجوم القنصلية، الذي جاء في 13 أبريل/نيسان، “كان غير مسبوق، ورغم أنه كان رداً مدروساً لكنه لم يستعد قوة الردع، حيث بقي نتنياهو جريئاً بما يكفي لاستهداف هنية في طهران بعد بضعة أشهر فقط”.
ويشير الكاتب أنه بعد مقتل هنية، “حثت دول الجوار والدول الغربية إيران مرة أخرى على ممارسة ضبط النفس. وفي الأيام الأخيرة، رحب القائم بأعمال وزير الخارجية الإيراني علي باقري كاني، بوزير خارجية الأردن في طهران، وحضر اجتماعاً خاصاً لمنظمة التعاون الإسلامي في جدة، وأجرى مكالمات هاتفية مع العديد من الدبلوماسيين، بما في ذلك وزيري خارجية سويسرا وعُمان، الذين يتبادلون الرسائل مع إيران نيابة عن الولايات المتحدة”.
ويبين الكاتب أن الجهود المبذولة لتجنب هجوم إيراني من خلال التقدم في مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة “تعكس نقطة إجماع مهمة بين القادة الغربيين والعرب والإيرانيين”. مضيفاً “أنه كما يعتقد بايدن أن نتنياهو قد يسعى إلى جر الولايات المتحدة إلى حرب أوسع نطاقاً ضد إيران، فإن القادة الإيرانيين يدركون أن نتنياهو نصب لهم فخاً”.
ويعتبر الكاتب أن نتنياهو “يسعى إلى الحرب مع إيران لأن مثل هذه الحرب تمنحه فرصة لإعادة صياغة نفسه باعتباره المدافع الصالح عن إسرائيل في نظر الجمهور الإسرائيلي والمجتمع الدولي”.
“حرب الردع”
في مقال نشرته صحيفة البناء اللبنانية، لرئيس تحريرها ناصر قنديل، جاء فيه أن هناك حربين متزامنتين تدوران منذ بدء عملية “طوفان الأقصى” وردّ إسرائيل العسكري المدعوم من الولايات المتحدة والدول الغربية. الحرب الأولى تتركز على غزة، حيث يعتقد الكاتب أن “الهدف الرئيسي للثنائي الأمريكي-الإسرائيلي هو القضاء على حركة حماس وبقية فصائل المقاومة، بالإضافة إلى استعادة الأسرى الإسرائيليين من غزة دون الحاجة إلى التفاوض”.
من وجهة نظر الكاتب، “أثبتت المقاومة الفلسطينية قدرتها على الصمود وإلحاق خسائر كبيرة بجيش الاحتلال الإسرائيلي، مما جعل من الصعب على إسرائيل التحدث عن أي نصر حقيقي”. ويرى الكاتب أن إسرائيل فشلت في تحقيق أهدافها، خاصة في استعادة الرهائن، وهو ما دفعها إلى الدعوة للتفاوض مع حماس، “مما يعد اعترافاً ضمنياً بقوة المقاومة وحضورها”.
كما يرى الكاتب “أن محاولة القضاء على المقاومة أو تغيير المعادلة في غزة من خلال استخدام القوة العسكرية أو الاغتيالات لم تنجح، مشيراً إلى أن المقاومة استطاعت الحفاظ على قوتها وفرض شروطها على طاولة المفاوضات، بما في ذلك تبادل الأسرى وإنهاء الحرب ورفع الحصار عن غزة”.
أما بالنسبة لحرب الردع، فيشير الكاتب إلى أن إسرائيل فقدت قدرتها على الردع منذ بدء عملية السابع من أكتوبر، “وفشلت في استعادتها سواء من خلال الحرب في غزة أو من خلال استهداف جبهات إسناد المقاومة في لبنان وإيران”. ويضيف الكاتب أن الرد الإيراني على استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق، “وعجز إسرائيل عن الرد على هذا الهجوم، يُظهر ضعفها واعتمادها المتزايد على الحماية الأمريكية”.
ويقول الكاتب إن الولايات المتحدة “فشلت بدورها في تحقيق أهدافها من خلال إرسال حاملات الطائرات إلى المنطقة، إذ لم تستطع منع قوى محور المقاومة من فتح جبهات إسناد لغزة”. ويستشهد الكاتب بما وصفه “الفشل الأمريكي الأكبر الذي ظهر في البحر الأحمر، حيث فرض اليمن سيطرته على الملاحة هناك، وهو ما يعكس تراجع النفوذ الأمريكي في المنطقة”.
ويعتقد الكاتب أن التصعيد الكبير في المنطقة، بما في ذلك اغتيال قيادات بارزة في حزب الله وحماس، وحشد القوات الأمريكية، يهدف إلى استعادة قوة الردع المفقودة لصالح إسرائيل. ومع ذلك، يرى “أن إيران وحلفاءها في المقاومة يدركون أهمية حرب الردع في تحديد مستقبل التوازنات الإقليمية، وأنهم مستعدون لخوض هذه الحرب بثقة وربما بجولات متعددة حتى تحقيق أهدافهم”.
قنديل يختتم مقاله بالتأكيد على أن هذه الحرب، “التي تُخاض بحكمة وشجاعة من قبل قوى المقاومة، تهدف إلى تثبيت الانتصارات المحققة في غزة وبناء معادلات إقليمية جديدة تمنح فلسطين الأولوية”.