“هل يكذب قادة الجيش الإسرائيلي بشأن الرهائن أيضاً؟” – في هآرتس
في عرض الصحف لهذا اليوم، نستعرض مقالًا ينتقد تعامل الإدارة الأمريكية بـ”تمييز” تجاه سياسات إسرائيل في المنطقة، كما نتناول في مقالٍ آخر؛ أثر التصعيد الإيراني المتوقع، رداً على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، داخل المجتمع الإسرائيلي وأهميته على قضية الرهائن المحتجزين في قطاع غزة، وحديث حول السياسي الأمريكي الراحل مارتن إنديك ودوره في تعزيز نفوذ اللوبي الإسرائيلي داخل الإدارة الأمريكية.
نبدأ من صحيفة هآرتس الإسرائيلية، ومقال للكاتب زفي بارئيل بعنوان “هل يكذب رؤساء أركان الجيش الإسرائيلي بشأن الرهائن؟” حيث يتناول فيه الخطاب الذي يوجهه القادة العسكريين في إسرائيل إلى الجمهور في ظل ترقب لهجمة إيرانية انتقامية.
ويبدأ بارئيل مقاله بالسؤال عما سيحدث للإسرائيليين حين تسقط آلاف الصواريخ والطائرات بدون طيار في المناطق المدنية الكثيفة، فتدمر المباني وتقتل الآلاف من الناس.
ويقول الكاتب إن دولاً تطلب من مواطنيها مغادرة لبنان، بينما تلغي شركات الطيران رحلاتها إلى إسرائيل ولبنان، ولكن بالنسبة للإسرائيليين، فإن المتحدث العسكري لا يزال يوصيهم بعدم الذعر وبالامتثال لأوامر قيادة الجبهة الداخلية، والتي لم تتغير بعد، وفق مقاله.
ويضيف بأن التوتر والخوف من اندلاع حرب إقليمية قد بدأ يلقي بثقله على السعادة التي شعر بها الإسرائيليون بعد اغتيال هنية وشكر، مبيناً سوف تكون الحرب بمثابة العرض الذي يجعل قضية الرهائن تختفي إلى الأبد ويبدد فرص التوصل إلى اتفاق.
ويشيد الكاتب برؤساء الأجهزة الأمنية والعسكرية واصفاً إياهم بأنهم كانوا آخر الأبطال الأخلاقيين المتبقين، الذين دافعوا عن إسرائيل ليس فقط ضد العدو الخارجي، بل ضد العدو الداخلي، “العصابة الإجرامية التي تتولى السلطة وزعيمها، الذين نهبوا البلاد وجردوها من إنسانيتها”، وفق وصفه.
ومع ذلك، يتساءل بارئيل إن كان هؤلاء القادة قد قدموا المشورة بأن قتل هنية قد يفسد الوصول إلى اتفاق، ويضيف بالسؤال، هل تنبأوا بأن هذا “الإنجاز” من شأنه أن يدفع إسرائيل والمنطقة بأسرها إلى حالة من الفوضى، وأن يزرع الخوف الوجودي في نفوس الرهائن.
ويشير إلى أنهم لا يزالون يزعمون بأن حملة تصفية الحسابات مع حماس قد تكتمل في أي وقت، سواء بعد الحرب، أو حتى بعد سنوات، فهل يكذبون أيضاً؟
“العنصرية الإسرائيلية المناهضة للفلسطينيين تشكل مثالاً صارخاً على نزع الصفة الإنسانية عن الإنسان”
وإلى مقال آخر من موقع “كومن دريمز” الأمريكي اليساري بمقالٍ نشره أستاذ علم الاجتماع والباحث مايكل شوالبي والذي انتقد فيه الدعم الأمريكي لإسرائيل بأموال دافعي الضرائب.
حيث يقول الباحث شوالبي إنَّ مليارات الدولارات من أموال دافعي الضرائب الأمريكيين تذهب إلى بلد لا يُتهم بالعنصرية فحسب، بل إنه، كما يراه الكاتب، تأسس على أسس عنصرية، ولا يزال يمارس نظام الفصل العنصري، ويطلق قادته منذ عقود تصريحات علنية عنصرية بلا خجل.
ويقول إنَّ العنصرية الإسرائيلية ضد الفلسطينيين تُشكِّل مثالاً صارخاً على نزع الصفة الإنسانية التي “تنطوي عليها العنصرية والوحشية القاتلة”.
ووفق الكاتب، فإنَّ العنصرية الإسرائيلية كانت واضحة للعيان في نظر العالم، بدءاً من أعلى مستويات الحكومة إلى وحدات الجيش الميدانية، مبيناً أن هذه التعبيرات عن العنصرية الضارية كانت محل اهتمام محكمة العدل الدولية، التي اعتبرتها دليلاً على نية الإبادة الجماعية، ولكنها لم تكن ذات أهمية بالنسبة للسياسيين الأمريكيين، إلا ربما باعتبارها أمثلة على سوء التصور.
ويُضيف شوالبي بأن أنصار إسرائيل سعوا إلى تفسير هذه التعبيرات عن نتاج ما شعر به العديد من الإسرائيليين في أعقاب الهجوم الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
ويُعلّق الكاتب بأن هذا الادعاء قد يحمل بعض الحقيقة؛ فالغضب يفضي إلى قول أشياء بغيضة، لكنه يقول أيضاً بأن تاريخ العنصرية المناهضة للفلسطينيين في إسرائيل لم يبدأ في عام 2023، بل سبق تأسيس إسرائيل.
ويعود الكاتب في مقاله إلى أواخر القرن التاسع عشر، ذاكراً ثيودور هرتزل، وهو وفق الكاتب، أحد المهندسين الرئيسيين للصهيونية السياسية، الذي يرى بأن العرب الأصليين في فلسطين “بدائيون ومتخلفون”.
ويضيف -وهذا وفق وصفه- أن الصهاينة الأوائل الآخرون اختلفوا في مدى توقعهم لمقاومة العرب لتشكيل دولة يهودية في فلسطين، ولكنهم جميعاً قبلوا المبدأ القائل بأن ما يريده السكان الأصليون في نهاية المطاف لا يهم.
ويبين أن ما يجعل الصهيونية عنصرية هو افتراضاتها الضمنية بأن رغبات اليهود في العيش بحريّة وأمان وكرامة لها الأولوية على رغبات الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، مشيراً إلى أن العنصرية المعادية للفلسطينيين تساعد في إضفاء الشرعية على هذه الأفكار، وتزداد قوة عندما يتم الاستشهاد بها، كما يفعل نتنياهو وغيره من الزعماء الإسرائيليين، لتبرير “العنف والإذلال اليومي الذي يفرضه نظام الفصل العنصري”.
ويتساءل الكاتب هنا، لماذا يتم تجاهل العنصرية الإسرائيلية المعادية للعرب في الولايات المتحدة اليوم، في حين أن أشكالاً أخرى من العنصرية غير مقبولة؟ ولماذا لا يتم نبذ إسرائيل، كما حدث مع جنوب أفريقيا ذات يوم، بسبب إنكارها لحقوق الإنسان للفلسطينيين وبسبب ممارساتها العنصرية غير الأخلاقية؟
ويقول الكاتب مجيباً على السؤال، إن الواقعية السياسية نادراً ما تنحني أمام الأخلاق، مستشهداً بمقولة لوزير الخارجية الأمريكي السابق ألكسندر هيج، والذي عبر ذات مرة، بأن إسرائيل أشبه بحاملة طائرات أميركية لا تغرق في الشرق الأوسط، وهي تفرض قوتها في منطقة ذات أهمية اقتصادية كبيرة بالنسبة للطبقة الحاكمة في الولايات المتحدة.
ويضيف أن هناك سببا آخر يجعل العديد من الأمريكيين على استعداد للتسامح مع العنصرية الإسرائيلية وهو أن البلدين ينظر إليهما على أنهما يشتركان في قصة أصل مماثلة، وهو ما يجعل الجرائم العنصرية قابلة للغفران، وفق الكاتب.
ويشدد الكاتب على أن العنصرية المعادية للعرب منتشرة في الولايات المتحدة وإسرائيل، موضحاً أن الأمريكيين يواجهون دعاية مهولة لترسيخ الصورة النمطية للعرب باعتبارهم إرهابيين، أو متعصبين إسلاميين ينحدرون من ثقافة العصور الوسطى الرجعية.
وبالتالي، يرى شوالبي أن العنصرية الإسرائيلية المناهضة للفلسطينيين تشكل مثالاً صارخاً على نزع الصفة الإنسانية عن الإنسان نتيجة للعنصرية والوحشية القاتلة التي تتيحها العنصرية، مضيفاً أن هذا ما شهده العالم في غزة خلال الأشهر العشرة الماضية.
مؤكداً أن لا مثال أفضل من هذا يوضح لماذا لا ينبغي للعنصرية الإسرائيلية أن تحظى بموافقة في الولايات المتحدة، أو في أي مكان آخر، مجدداً وفق قوله.
“مارتن إنديك والذراع الفكريّة للوبي الإسرائيلي”
إلى صحيفة الأخبار اللبنانية، ومقال للكاتب أسعد أبو خليل، يتناول فيه سيرة المُنظِّر الإسرائيلي مارتن إنديك ومدى تغطية الصحافة العربية لخبر وفاته قبل أيام.
ويقول أبو خليل إن مارتن إنديك شخصية مهمة في إطار تاريخ الصهيونية الأمريكية وحتى في تاريخ العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، لكن المفارقة أن اليمين الإسرائيلي اعتبره عدوّاً لإسرائيل في سنواته الأخيرة، وفق الكاتب.
ويلفت الكاتب إلى أن جنسية إنديك، والذي وصل إلى أعلى سدة المسؤولية في صنع السياسة الأمريكية نحو الشرق الأوسط برمته، لم تكن أمريكية، بل أسترالية.
ويضيف بأن إنديك بدأ عمله في منظمة أيباك، -اللوبي الإسرائيلي الذي يديرُ كل الأعمال والأنشطة والسياسة المتعلقة بإسرائيل في الولايات المتحدة، وفق الكاتب، متولياً إدارة شؤون الأبحاث قبل أن يبادر إلى تأسيس “معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى” في عام 1985.
ويشير إلى أن مارتن إنديك كان من أول الواعين لضرورة العمل على تغيير تأثير الجامعات الأمريكية على الطلاب، والتأثير الأكاديمي على الصحافة، وهو الذي أسّس وحدة خاصة تعنى برصد كل التحركات والتعبيرات المعادية لإسرائيل والمناصرة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية.
وأتى معهد واشنطن، وفق الكاتب، لينافس المعاهد المتخصّصة في الشرق الأوسط في مدينة واشنطن، ويبين أن المعهد تمتّع بتمويل هائل يفوق ما يرد إلى المؤسسات المعنية بالشرق الأوسط، والتي كان عماد تمويلها من السفارات العربية أو من أفراد مرتبطين بالأنظمة الخليجية.
ويضيف أبو خليل أن إنديك أصبح في الثمانينيّات المستشار المُفترض لكل مرشّحي الحزب الديموقراطي للرئاسة، وأن وجوده يضمن رعاية اللوبي الإسرائيلي للمرشح المذكور، حتى أنه أصبح مستشاراً لبيل كلينتون المرشح في 1992 واصطفاه الأخير وعيّنه في مجلس الأمن القومي ليدير شؤون الشرق الأوسط.
لكنه، وفق أبو خليل، استطاع بسرعة أن يقود كلّ عمليّة صناعة السياسة الأمريكية نحو الشرق الأوسط، وصعد إنديك في الإدارة وأصبح مساعداً لوزير الخارجيّة في شؤون الشرق الأوسط.
لاحقاً، ينوه الكاتب، بأنه أسس مركزاً موّله حاييم صابان في “مؤسّسة بروكنز”، وصابان إسرائيلي-أمريكي ومن أكبر مموِّلي الحزب الديموقراطي وهو من قاد حملة “مواجهة التعاطف مع فلسطين” في الحزب الديموقراطي منذ السابع من أكتوبر، وجلب إنديك أموالاً قطريّة وفتح مركزاً فرعياً للمركز الرئيسي في الدوحة، وفق الكاتب.
ويشير إلى أن إنديك افترق عن نتنياهو في سنواته الأخيرة ولم يفترق عن إسرائيل، وحاول التقرّب من عرب معادين لإسرائيل وسرّب معلومات ضد إسرائيل إلى الصحافة الإسرائيليّة.
ويقول إن إنديك شارك قبل سنة في مظاهرات ضد نتنياهو في تل أبيب، مبيناً أنه لم ينبذ الصهيونيّة، لكنّ نسقَ نتنياهو من الصهيونية لم يرق له لأنه وجده ضد مصلحة إسرائيل وضد مصلحة أمريكا.