محمد رشوان: قصة لاعب الجودو المصري الذي فضل اللعب النظيف على الذهب
حصل لاعب الجودو المصري محمد علي رشوان على شيء أكثر قيمة بكثير من الذهب من دورة الألعاب الأولمبية في لوس أنجيليس 1984، وذلك عندما رفض مهاجمة الساق اليمنى لخصمه التي أصيبت بشكل واضح، لقد أضاع رشوان فرصة واضحة للتتويج بطلاً أولمبيًا، ولكن بدلاً من ذلك نال شهرة عالمية وسلام نفسه الداخلي. وذلك بحسب موقع اللجنة الأولمبية الدولية.
وتشير سجلات الأرقام القياسية ببساطة إلى أن محمد علي رشوان لاعب الجودو المصري الذي لعب في درجة الوزن المفتوح للرجال في لوس أنجيليس عام 1984، حصل على الميدالية الفضية الأولمبية، لكن سجلات الفولكلور الرياضي تذهب إلى أبعد من ذلك إذ تشيد به باعتباره بطلًا حقيقيًا للروح الرياضية واللعب النظيف.
وقال رشوان: “من المهم جدًا بالنسبة لي أن القرار الذي اتخذته في ذلك الوقت عام 1984 لا يزال يذكره الجميع حتى يومنا هذا، وهذا يجعلني سعيدًا وفخورًا بما فعلته”.
البدايات
وُلد محمد على رشوان بالإسكندرية في مصر في 16 يناير/ كانون الثاني من عام 1956 وبدأ علاقته بالرياضة بممارسة كرة السلة التي قادته لاحقا إلى لعبة الجودو عندما شاهد صديقه يمارسها فقرر تجربتها ليبدأ اللعب في نادي الشبان المسيحيين في عمر الـ16 عاما ليظهر تفوقا كبيرا في اللعبة في وقت قصير، ونجح في حصد بطولة الإسكندرية بعد 6 أشهر فقط من بداية ممارسته اللعبة.
وفي عام 1975 سافر رشوان إلى تشيكوسلوفاكيا للاشتراك في البطولة الدولية المقامة بها وكانت هذه أول بطولة يشترك فيها رشوان خارج مصر، كما سافر في نفس العام إلى إسبانيا للاشتراك في البطولة المقامة بها.
وحصل محمد رشوان على العديد من الميداليات العالمية، ففى عام 1980 فاز بالميدالية البرونزية في بطولة العالم العسكرية التي أقيمت في كولورادو، وحاز على نفس الميدالية في البطولة الثانية التي أقيمت بالبرازيل. وفي عام 1982 فاز رشوان بذهبيتى أفريقيا في الوزن الثقيل والوزن المفتوح واحتفظ بهما أيضًا في البطولة التالية عام 1983.
كما أحرز رشوان الميدالية الفضية في وزن فوق 95 كغ في الجودو في دورة ألعاب البحر المتوسط الـ11 التي أقيمت في أثينا، ويبلغ رصيده من الميداليات 31 ميدالية، من بينها 13 ميدالية ذهبية.
“لن أضرب ساقه اليمنى”
لكن قصته التي مازال العالم يتذكرها كانت في دورة الألعاب الأولمبية في لوس أنجيليس.
سافر رشوان إلى لوس أنجيليس عام 1984 باعتباره لاعب جودو من الطراز الرفيع حيث كان يحمل “توقعات عالية جدًا للفوز بميدالية”. في الواقع، كانت مستويات ثقته بنفسه وتركيزه كبيرة.
واستطاع اجتياز التصفيات بشكل مريح.
وينسب موقع اللجنة الأولمبية الدولية لرشوان القول: “كانت لحظة فوزي بنصف النهائي ووصولي إلى النهائي من اللحظات التي لا أستطيع أن أنساها”.
ولكن بمجرد أن حقق الجزء الأول من هدف حياته، تغيرت المعايير، فالرجل الذي كان سيواجهه في المعركة على الذهبية كان كما هو متوقع الياباني ياسوهيرو ياماشيتا، بطل العالم 4 مرات وأحد عظماء الرياضة على الإطلاق،لكن ياماشيتا المصنف الأول عالميًا أصيب بجروح خطيرة في ركبة الساق اليمنى في المراحل الأولى من المنافسة، وشق طريقه بصعوبة إلى المباراة النهائية.
وحينئذ بدا وكأن القدر قد منح رشوان فرصة مثالية لكسر الحواجز ويحقق حلمه الذي راوده دائمًا: بطلا أولمبيا. لكن الشاب البالغ من العمر 28 عامًا رأى الأمر بشكل مختلف تمامًا.
وقال رشوان: “علمت بإصابته بعد مباراتي في نصف النهائي، وكان أول ما فكرت به هو أنني لن ألعب على ساقه اليمنى”، وأضاف، وهو غير قادر على إخفاء الابتسامة في صوته، قائلا: “على الرغم من أن معظم الناس أخبروني أن هناك فرصة كبيرة للفوز”.
فمن زملائه في الفريق إلى مدربيه إلى اللجنة الأولمبية المصرية، انقسم الناس حول هذا القرار العادل للغاية.
وقال رشوان: “كان هناك البعض ضد قراري لأنها كانت فرصة كبيرة للغاية للفوز بالميدالية الذهبية، لكن الغالبية وافقت على قراري بعدم اللعب على ساقه اليمنى”.
ولقد كان ملتزما بكلمته ففي المباراة النهائية تخلى عن كل فرصة لمهاجمة الجانب الأيمن الضعيف تقريبًا من ياماشيتا.
وردا على سؤال عما إذا كان هناك جزء بسيط منه يتمنى أن يفعل ما يفعله الكثيرون، أجاب قائلا: “لا، لست نادما على أي شيء لأن ما حصلت عليه في المقابل أكبر بكثير من الميدالية الذهبية”.
جوائز
وفي الواقع حصل رشوان على جائزة اللجنة الأولمبية الدولية للعب النظيف، وجائزة الأمم المتحدة للعب النظيف، وأدرج اسمه في قاعة مشاهير الاتحاد الدولي للجودو. وبالإضافة إلى ذلك، وبعد مرور 35 عامًا، حصل على وسام الشمس المشرقة المرموق من السفير الياباني خلال حفل مؤثر في القاهرة.
ويقول رشوان: “أنا سعيد جدًا لأنني حصلت على هذه المكافآت الكبيرة مقابل القرار الذي اتخذته، وبالنسبة لي، جوائز اللعب النظيف أكبر بكثير من الميدالية الذهبية”.
ولقد بدأت علاقته مع اليابان منذ تلك اللحظة، إذ يذكر اسمه كثيرًا في الفصول الدراسية اليابانية باعتباره مثالًا رائعًا للسلوك المشرف.
ويقول رشوان: “زوجتي يابانية، ولدي ولدان وبنت واحدة، والآن، عندما أذهب إلى اليابان في زيارة، يعرفني الجميع ويرحبون بي”.
أما بالنسبة إلى ياماشيتا، فلم يجلس الثنائي بعد ليتحدثا وجها لوجه بشأن ذلك اليوم الرمزي في لوس أنجيليس. وقال رشوان: “لقد تحدثنا عن ذلك عبر وسائل الإعلام، وكان جوابه أنه لم يكن يعلم أنني لا أريد اللعب على ساقه المصابة، لكنه كان ممتنًا للغاية”.