أخبار العالم

ملفات اقتصادية وأمنية تعزز التفاهمات الدبلوماسية بين المغرب وبريطانيا



استأثرت المساهمة الأمنية المغربية في تسليم مطلوب بريطاني للعدالة في لندن باهتمام كبير من طرف متتبعين، أكدوا أهمية التعاون المغربي مع الدول الأوروبية في مجال مكافحة الجرائم المنظمة العابرة للقارات، بما فيها بريطانيا.

ويتعلق الأمر هنا حسبما أوردته وسائل إعلام بريطانية بهاربٍ بريطاني قامت السلطات المغربية بتسليمه إلى نظيرتها البريطانية بعدما ظل فاراً لمدة تصل إلى 4 سنوات، وهو الذي يواجه تهم “التآمر لتوريد الكوكايين والكيتامين، وغسل الأموال، والتآمر للحصول على سلاح ناري”؛ فيما حصل التنسيق المغربي في هذا الإطار على إشادة أمنية بريطانية واضحة.

وكان هذا في المجال الأمني والاستخباراتي، أما في المجال التجاري والاستثماري فتم التأكيد مؤخرا ومن جديد على عدم إمكانية القول بعدم قانونية الاستثمار في الصحراء، إلى جانب التأكيد على دعم بريطانيا جهود ستيفان ديميستورا والمشاركة البناءة في العملية السياسية ضمن ردود الشؤون الخارجية البريطانية والكومنولث والتنمية على أسئلة مكتوبة برلمانية في شهر غشت الجاري.

وفي الصدد ذاته سبق أنْ بيّنت معطيات وفرها معهد التجارة الحرة البريطاني أن “خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي عام 2020 أتاح فرصا لتعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين”، في وقت أشارت وزارة التجارة البريطانية إلى أن “المبادلات التجارية بين لندن والرباط شهدت تطورا في السنوات القليلة الماضية، إذ انتقلت قيمة الصادرات البريطانية من 741 مليون جنيه إسترليني سنة 2018 إلى أكثر من 1,15 مليار سنة 2022”.

ويبدو أن هناك رهانا مغربيا مستمرا على جعل هذه العلاقات متعددة التمظهرات كعامل مساعد في بناء خطة سياسية مؤطرة للاشتغال البيني بين لندن والرباط، تكون بدايتها بموقف بريطاني واضح وإيجابي من النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية في أقرب الأوقات، بما ينضاف إلى مواقف سبق أن قدمتها كل من باريس وواشنطن وإسبانيا على هذا النحو.

في هذا الصدد قال عباس الوردي، أستاذ القانون الدولي بجامعة محمد الخامس بالرباط، إن “العلاقات المغربية البريطانية تبقى ممتدة عبر الزمن وتاريخية، تتعزز بوجود قنوات تواصل بين المملكتين، وهو ما يجعلنا اليوم أمام أوج رسم معالم خارطة طريق بين البلدين في ما يخص الجانب الاستثماري والاستخباراتي والأمني”.

وأضاف الوردي، مُصرّحاً لهسبريس، أن “بريطانيا أكدت في هذا الصدد أن التجارة بالأقاليم الجنوبية لا تعارض الشرعية الدولية، محاولة بذلك قطع الطريق أمام دول العداء، خصوصا الجزائر التي حاولت إيقاع بريطانيا في شراكها، كما حاولت مع فرنسا”، مشيرا إلى أن “كسب الرهان في هذا الصدد يرتبط أساسا بتقوية العلاقات في جميع تمثُّلاتها، مع الرفع من دور المؤسسة التشريعية في هذا الإطار”.

المتحدث عينه لفت إلى أن “هناك ميلا بريطانيا نحو الحل السياسي، لكن ما يهمنا هنا هو أننا في نهاية المطاف أمام بنية تحتاج إلى المزيد من التطوير والاستثمار في العلاقات، والمزيد من خلق فرص الترافع والتناظر حول عدد من القضايا من الجانبين”، معتبرا أن “المغرب لديه حظوة بعدد من الأقطار الدولية، بما فيها بريطانيا التي تؤكد أنها تعول على البلد الذي يرحب بالعلاقات معها وتطويرها ونمذجتها كغيرها من العلاقات التي تم تطويرها”.

ووفق الأستاذ في القانون الدولي بجامعة محمد الخامس فليست هناك خلافات بين المغرب وبريطانيا، “وهو ما يمكن أن يفتح الباب أمام تطوير العلاقات بين المؤسستين التشريعيتين وتوطيد العلاقات كذلك بين الأحزاب وجمعيات المجتمع المدني؛ إذ إن بريطانيا تبقى عضوا دائما في مجلس الأمن، ودولة لها قيمتها البنيوية وتحظى باحترام المنتظم الدولي، كالمغرب”.

من جهته أكد محسن الندوي، محلل سياسي، على “تاريخية العلاقات المغربية البريطانية، وإمكان أن تكرر الدبلوماسية المغربية السيناريو نفسه مع بريطانيا في ما يتعلق بالشق السياسي من العلاقات، خصوصا إذا استحضرنا أن لندن تبقى عضوا دائم في مجلس الأمن”، مردفا: “في نهاية المطاف سيكون هناك تأثير إيجابي لبريطانيا على القرارات الصادرة عن مجلس الأمن، التي تخص قضية الصحراء المغربية”.

وذكر الندوي، مصرحاً لهسبريس، أن “المغرب يقدم نفسه شريكا تجاريا مثاليا ومهما للمملكة المتحدة، خصوصا بعد خرجها من الاتحاد الأوروبي، لأنه يعد أكثر البلدان استقرارا بالمنطقة، وهو مصدر للواردات البريطانية من الخضر والفواكه؛ ما يمكن أن يرفع من منسوبه الربط البحري بين الطرفين”، موردا أن “هناك شراكة أخرى في مجال الطاقة النظيفة التي يتم إنتاجها بالصحراء المغربية من أجل تزويد ملايين المنازل البريطانية بالطاقة”.

كما قال المتحدث ذاته: “كانت هناك في وقت سابق مبادرة من 30 نائبا بريطانيا من حزبي العمال والمحافظين رفعوا مراسلة إلى ديفيد كاميرون من أجل الاعتراف البريطاني بمغربية الصحراء، والمضي قدما نحو تقديم دعم استباقي لمخطط الحكم الذاتي، وهو ما يبقى إشارة إيجابية في هذا الإطار”، موردا أن “هناك سياسة بريطانية ثابتة تجاه المغرب بغض النظر عن تبدل الحكومات؛ فيما الحكومة الحالية تعتبر الأنشطة التجارية في الأقاليم الجنوبية قانونية”.

واعتبر رئيس المركز المغربي للدراسات الإستراتيجية والعلاقات الدولية أن “المغرب يبقى دائما في نظر بريطانيا شريكها الاقتصادي والإقليمي بعد انفصالها عن الاتحاد الأوروبي، وهو ما تفسره نوعية التعاون بين الطرفين، بين سياسة واقتصاد واستخبارات”، خاتما: “الفرصة اليوم تبقى متاحة أمام بريطانيا للانضمام إلى الزخم الحالي الداعم لمقترح الحكم الذاتي المغربي كحل وحيد للنزاع الإقليمي، وهو ما سيجعل المغرب أمام 3 أعضاء دائمين بمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة”.

وأجرى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين في الخارج، ناصر بوريطة، الاثنين، مباحثات هاتفية مع نظيره البريطاني، ديفيد لامي.

وأعرب لامي، خلال هذه المباحثات، عن تهانئه بمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين الملك محمد السادس على عرش أسلافه المنعمين.

كما أشاد الوزيران بالروابط التاريخية بين المملكة المغربية والمملكة المتحدة، اللتين تتشاطران أزيد من 800 سنة من العلاقات المثمرة والتي تتطور باطراد.

وشكلت هاته المباحثات أيضا مناسبة استعرض خلالها الوزيران مختلف القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى