ارتفاع درجات الحرارة يستدعي مضاعفة المساحات الخضراء بالجنوب الشرقي
ما زالت الحدائق والمساحات الخضراء “وعودا” قديمة يترّيثها سكان مدن مغربية عديدة، بمن فيهم سكان حواضر المغرب الشرقي الذي ترتفع فيه الحاجة إلى هذه الملاجئ التي تخلّص الساكنة من درجات الحرارة المرتفعة في هذه المناطق خلال الفترة الحالية من السنة تحديدا.
ووفق من تحدثوا إلى هسبريس من الفاعلين المدنيين بالمنطقة، فإن هذا الغياب يجسد “حيفا ” يفاقم الشعور بـ”انتفاء العدالة المجالية” داخل نفوس سكان هذه المنطقة الواسعة التي حتى واحاتها “تعرضت لعمليات تخريب متواصلة في السنوات بسبب الجفاف والحرائق التي قلّصت من حجمها الإجمالي”، مع أن “الأمل ما زال يعاند الإحباط في تعزيز حظوظ الجنوب الشرقي بفضاءات مماثلة تصلح للاستجمام صيفا”، وفق المتدخلين.
“حيف مجالي”
نجيب عبد الوهاب، فاعل جمعوي وناشط بيئي بالمغرب الشرقي، قال إن “توفير أعداد مهمة من الحدائق والمنتزهات الطبيعية، التي تضمن ملاجئ من درجات الحرارة المرتفعة، يظل حقا لكل المواطنين في كافة المدن”.
شدد عبد الوهاب، في تصريح لهسبريس، على “أن القيام بزيارات إلى مدن الشمال أو الغرب يكشف عن حيف تتعرض له مدن الجنوب الشرقي في هذا السياق؛ وهو ما يسائل مجهودات الدولة والجماعات الترابية في تكريس العدالة المجالية في توزيع المساحات الخضراء”.
وأضاف الفاعل الجمعوي والناشط البيئي أن “أغلب الأسر التي تعيش في هذه المنطقة تنتمي إلى الطبقات المتوسطة ومحدودة الدخل؛ وهو ما يفرض عليها قضاء عطلة الصيف في مدنها المعروفة بتسجيل درجات حرارة قياسية، خاصة خلال شهر غشت”، خالصا إلى أنه: “بالتالي، تظل الحدائق والمنتزهات الخيار الوحيد والمجاني لهؤلاء الأسر وأبنائها”.
وأقرّ المتحدث ذاته “بأن المنطقة التي نحن بصددها تعاني شحا كبيرا في الموارد المائية نتيجة للجفاف؛ لكن هذا الإشكال يجب ألا يعفي المجالس المنتخبة من إيجاد طرق للتدبير العقلاني، عبر بناء محطات لتدوير المياه العادمة واستعمالها في السقي مثلما يحدث في مدن أخرى”.
مطلب مشروع
قال محمد لمين لبيض، ناشط بيئي وحقوقي بالمغرب الشرقي، “إن العديد من مدن الجنوب الشرقي تشكو، بالفعل، من ندرة في الحدائق والمنتزهات الطبيعية، وحتى تلك الموجودة باتت حالتها تتدهور يوما بعض يوم بفعل تخريب مرافقها وتيبس العشب جراء عدم الانتظام في السقي”.
وسجل لبيض، في تصريح لهسبريس، أن “هذا المطلب المشروع بزيادة حظ الساكنة من المساحات الخضراء وفضاءات الاستجمام عموما نرفعه دائما، رغما أنه لا يلقى آذانا صاغية حتى الآن من منتخبي المجالس الجماعية لهذه المدن الذين يبدو أنهم لم يعودوا يهتمون لهذه المسألة بالإطلاق”.
وأوضح الناشط البيئي والحقوقي “أن غياب حدائق ومنتزهات طبيعية للاستراحة وأخذ متنفس يومي للساكنة من موجات الحر القاسي التي تشهدها المنطقة طيلة النهار وفي أغلب ساعات ليالي فترة ‘الصمايم’ يدق ناقوس الخطر من تكرار حالات الوفاة التي سجلت ببني ملال جراء الارتفاع الكبير في درجات الحرارة”.
وزاد المتحدث عينه بأن “ساكنة هذه المناطق التي نتحدث عنها تظل معدمة، وبالكاد تتمكن من سداد فواتير الماء والكهرباء فكيف بالقدرة على تأمين موارد السفر إلى المدن الساحلية التي تبلغ أسعار المبيت فيها مستويات قياسية؟”، مردفا: “العديد من الأسر كانت تنتقل بين الفينة والأخرى إلى حقولها في الواحات القريبة هربا من حرّ منازل المدن؛ إلا أن هذه الواحات أصبحت بدورها يابسة ومتفحمة بفعل الحرائق، ولم تعد تغري أحدا بزيارتها”.