أخبار العالم

خطط التقاعد تفلح في استقطاب المغاربة صوب منتجات “ادخار المعاش”



رفعت مستويات التضخم العالية وما شكلته من ضغط على الأجور والقدرة الشرائية الطلب على منتجات تأمين ادخار التقاعد (Assurance épargne retraite)، التي أصبحت تمثل فرصة لتعزيز معاشات التقاعد، في ظل تزايد المخاوف من أنظمة تدبير التقاعد الحالية، خصوصا في القطاع الخاص؛ من قبيل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والصندوق المهني المغربي للتقاعد.

وتعرف هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي “أكابس” تأمين ادخار التقاعد بأنه عقد تأمين الرسملة، والهدف منه هو إنشاء معاش تقاعدي رئيسي أو تكميلي، من خلال دفع أقساط أو اشتراكات فردية أو حرة أو دورية، علما أن هذه الأقساط تؤدى بعد خصم تكاليف الشراء، في حساب فردي ويعاد تقييمها بعد تاريخ استحقاقها بالحد الأدنى للمعدل المضمون على النحو المحدد في العقد، حيث يتم فرض رسوم التدبير المحددة في العقد أيضا.

وتحولت “خطط التقاعد” (Les plan de retraite) إلى مجال للمنافسة والتباهي بين الأجراء، الراغبين في تأمين معاش تقاعدي يتيح لهم تغطية النفقات المعيشية الضرورية بعد التوقف عن النشاط، الذي لا يتحدد تاريخه في 60 سنة بالنسبة إلى هذا النوع من المنتجات، وإنما يخضع لبنود اتفاقية في العقد، الذي في حال إنهائه خلال السنة المالية، يتم إعادة تقييم المدخرات التي تم تحقيقها في 31 دجنبر من السنة السابقة، والأقساط المدفوعة خلال السنة المهنية، بعد خصم تكاليف الشراء، وبأقل معدل مضمون للسنة المالية الحالية.

كشفت أرقام الفيدرالية المغربية للتأمين وإعادة التأمين عن تسجيل سوق تأمين ادخار التقاعد نموا سنويا متوسطا بـ10 في المائة خلال السنوات الخمس الماضية؛ فيما وصلت الأقساط المحصلة من منتجات هذا التأمين إلى 7 مليارات درهم خلال السنة الماضية، مقارنة بـ5 مليارات درهم في 2018، وهي الزيادة التي فسرها مهنيو التأمينات وخبراء القطاع بزيادة الوعي العمومي فيما يخص الادخار والتحضير لمرحلة التقاعد، حيث تطور وعي الأفراد بأهمية التخطيط المالي للتقاعد من أجل ضمان مستوى معيشي مريح. وتعزز هذا الوعي، أيضا، بالحملات التحسيسية والإشهارية التي قادتها شركات التأمين والمؤسسات المالية خلال الفترة الأخيرة.

وأوضح يوسف بونوال، دكتور في الاقتصاد التطبيقي وخبير في تدبير أنظمة التأمين الاجتماعية، أن زيادة الطلب على منتجات تأمين ادخار التقاعد ترتبط بدرجة أولى بتنامي المخاوف بشأن استدامة أنظمة التقاعد الحالية مستقبلا.

ولفت الخبير ذاته إلى أن هذا الهاجس دفع الكثير من الأجراء إلى البحث عن بدائل لضمان تقاعد مريح، حيث تأتي منتجات التأمين المذكورة كأحد الحلول البارزة للتعامل مع هذه المخاوف، مشددا على أن الصندوق المغربي للتقاعد (CMR) والنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد (RCAR) يواجهان تحديات مالية كبيرة؛ ذلك أن التوقعات تشير إلى تفاقم العجز المالي لهذه الصناديق خلال الفترة المقبلة، إذا لم تتخذ إصلاحات جذرية من قبل السلطات.

وشدد بونوال، في تصريح لهسبريس، على مساهمة المزايا الجبائية في تحفيز الأجراء على بدء التخطيط المالي للتقاعد في وقت مبكر. من خلال الاستفادة من الخصومات والإعفاءات الضريبية، يمكنهم بناء مدخرات تقاعدية كبيرة على مدى سنوات العمل؛ ما يضمن لهم استقرارا ماليا عند التقاعد، مشيرا إلى أن النصوص التنظيمية الحالية تسمح بخصم الأقساط المدفوعة لمنتجات تأمين ادخار التقاعد من الدخل الخاضع للضريبة، ما يعني أن الأجير يمكنه خفض الدخل الذي تحتسب على أساسه الضريبة بمقدار الأقساط التي يدفعها للتأمين الادخاري، معتبرا أن هذا الخصم يساعد في تقليل العبء الضريبي على الأجراء بصفة عامة، خصوصا ذوي الأجور المرتفعة، ويشجعهم على الادخار للتقاعد.

من جهتها، أشارت انتصار مسعودي، مستشارة في منتجات التأمين بمكتب للاستشارة بالدار البيضاء، إلى أهمية الاستثمار في منتجات تأمين ادخار التقاعد، التي أصبحت تمثل حلولا بديلة للأفراد الراغبين في ضمان مستقبلهم المالي، بعيدا عن المخاطر المرتبطة بأنظمة التقاعد.

وأكدت مسعودي أن هذه المنتجات تسمح للأجراء بادخار الأموال بشكل منتظم والحصول على عوائد استثمارية تضمن لهم دخلا مستقرا خلال فترة التقاعد في حال اختيار الاستفادة من معاش شهري، وليس استعادة رأس المال المدخر بشكل جزئي أو كلي.

ونبهت المستشارة في منتجات التأمين، في تصريح لهسبريس، إلى أن الادخار من أجل التقاعد سيشكل خلال الفترة المقبلة ساحة منافسة قوية بين شركات التأمينات، باعتبار الإمكانيات الواعدة لهذه السوق، وبالاستفادة من انتعاش منتجات التأمين على الحياة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى