الشيخة حسينة: رئيس بنغلاديش يحلّ البرلمان، ومحمد يونس “مصرفي الفقراء” مستعدٌ لتولي رئاسة الحكومة الانتقالية
أعلن رئيس بنغلاديش محمد شهاب الدين حلّ البرلمان، الثلاثاء، تمهيداً لتشكيل حكومة انتقالية بعد استقالة رئيسة الوزراء الشيخة حسينة ومغادرتها البلاد.
والتقى شهاب الدين بالقوات المسلحة والأحزاب السياسية المختلفة وممثلي المنظمات غير الحكومية وممثلي الطلاب منظمي الاحتجاجات.
وصرح شهاب الدين للصحفيين بعد اللقاء، أنه حلّ البرلمان من أجل تشكيل حكومة تصريف أعمال انتقالية.
ويعد حلّ البرلمان مطلباً رئيسياً لقادة الاحتجاجات الطلابية، وحزب المعارضة الرئيسي “حزب بنغلاديش الوطني” الذي يطالب بإجراء انتخابات في غضون ثلاثة أشهر.
وقال قائد حركة “طلاب ضد التمييز” ناهد إسلام، في تسجيل مصور “قررنا أن يتم تشكيل حكومة انتقالية يكون الحائز على جائزة نوبل الدكتور محمد يونس الذي يتمتع بقبول واسع، كبير مستشاريها”. كما كتب القائد في الحركة نفسها، آصف محمد، على فيسبوك “نثق بالدكتور يونس”.
وفي تصريح خطي حصلت عليه وكالة الأنباء الفرنسية الثلاثاء، أبدى محمد يونس استعداده لتولي رئاسة حكومة انتقالية وعد بها الجيش يوم الاثنين.
وقال يونس في التصريح: “لقد تأثرت بثقة المتظاهرين الذين يريدونني أن أترأس حكومة انتقالية”، مضيفاً: “لقد وضعت السياسة دائما بعيداً… لكن اليوم، إذا كان من الضروري العمل في بنغلاديش، من أجل بلدي، ومن أجل شجاعة شعبي، فسأقوم بذلك”، داعياً إلى تنظيم “انتخابات حرة”.
وقالت المديرة التنفيذية لمركز يونس، لامية مرشد، لبي بي سي إن “يونس الموجود حالياً في باريس، سيعود إلى دكا قريباً”.
وفي وقت سابق، قال يونس في مقابلة أجرتها معه صحيفة “ذي برنت” إن بنغلاديش كانت “بلداً محتلاً” في عهد حسينة، مضيفاً “يشعر جميع سكان بنغلاديش اليوم أنه تم تحريرهم”.
ومحمد يونس (84 عاماً) هو أحد أشهر الاقتصاديين والمصرفيين في العالم، وله تجربة في مكافحة الفقر في بلاده، إذ نجح في إنشاء وتأسيس بنك “غرامين” (بنك الفقراء)، الذي يهدف إلى الحد من الفقر من خلال توفير قروض صغيرة للفقراء من دون ضمانات، لكنه واجه انتقادات من حسينة التي اتّهمته بـ”مص دماء” الفقراء.
“الشرطة تعلن إضرابها”
وأعلنت نقابة الشرطة الرئيسية في بنغلاديش، الثلاثاء، أن عناصرها سيبدؤون إضراباً، غداة سيطرة الجيش على البلاد.
وأفادت “جمعية شرطة بنغلاديش” التي تمثل آلاف الشرطيين، في بيان أنه “إلى أن يتم ضمان سلامة كل أفراد الشرطة، نعلن الإضراب”.
وأضافت جمعية شرطة بنغلاديش في بيانها “نطلب الصفح عما قامت به قوات الشرطة للطلاب الأبرياء”، بعدما استخدمت الشرطة العنف وأطلقت النار على المتظاهرين.
وأكدت أن الشرطيين “أُرغموا على إطلاق النار” ثم وصفوا بأنهم “أشرار”.
وتقول الشرطة إن أكثر من 450 مركز شرطة تعرض للهجوم، الاثنين، كما قتل عدد من ضباط الشرطة خلال الاحتجاجات.
كيف بدا المشهد اليوم؟
بدت شوارع دكا هادئة إلى حد كبير الثلاثاء، حيث استؤنفت حركة السير وفتحت المتاجر أبوابها، لكن المقار الحكومية بقيت مغلقة، بعد يوم شهد أعمال عنف أودت بحياة 113 شخصاً على الأقل.
في المقابل، أفاد شهود عيان لوكالة الأنباء الفرنسية بأن مكاتب “رابطة عوامي” حزب حسينة، تعرضت إلى الحرق والنهب في أنحاء البلاد.
كما أفاد شهود بأن بعض الأعمال التجارية والمنازل المملوكة للهندوس، وهي فئة يرى البعض في الدولة ذات الغالبية المسلمة بأنها كانت مقربة من حسينة، تعرضت لهجمات.
وذكرت وسائل الإعلام المحلية في بنغلاديش أنه تم تأجيل امتحانات شهادة الثانوية العامة التي كان من المقرر أن تبدأ في 11 أغسطس/آب الجاري.
ويقول مجلس التعليم في دكا إن هذا القرار يرجع إلى تعرض أوراق الامتحانات للتلف أو السرقة بعد أن تعرضت مراكز الشرطة في المقاطعات – حيث الأوراق موجودة – للتخريب من قبل المتظاهرين، وفقاً لما ذكرته صحيفة “بروثوم ألو” البنغالية.
وعن مشاعر المواطنين بعد استقالة حكومة الشيخة حسينة، يقول أفيروب ساركار الذي يعيش في دكا لبي بي سي نيوز “نشعر بابتهاج بعد تحقيق الحرية، لكن هناك شعور بالخوف وعدم اليقين بشأن ما سيحدث الآن”.
ويضيف ساركار “لقد خرجت هذا الصباح ولاحظت حركة مرور ضعيفة. الناس خائفون من ركوب سياراتهم الخاصة على الطريق. هناك عدد قليل جدًا من السيارات الخاصة”.
“مصير غير واضح للشيخة حسينة”
بدأت الصورة تتضح حول كيفية وصول الشيخة حسينة إلى مدينة دلهي في الهند يوم الاثنين، حيث كشف وزير الخارجية الهندي سوبرامانيام جيشانكار أن حسينة قدمت طلباً للمجيء إلى الهند خلال “مهلة قصيرة جداً”.
وأكد جيشانكار في أول تصريح علني له منذ استقالة حسينة: “لقد وصلت حسينة مساء أمس (الاثنين) إلى دلهي”.
ولم يوضح وزير الخارجية الهندي متى قدمت حسينة هذا الطلب بالضبط، وما هي الخطوات التالية أو المدة التي ستقضيها في الهند، وقال ببساطة إنها “هنا في الوقت الحالي”.
وأضاف جيشانكار: “في ضوء هذا الوضع المعقد، صدرت تعليمات لقوات حرس الحدود بأن تكون في حالة تأهب استثنائية. وفي الساعات الأربع والعشرين الماضية، كنا على اتصال مع السلطات في دكا”.
وأفاد مصدر عالي المستوى لوكالة الأنباء الفرنسية بأن حسينة ستتوقف في الهند قبل استكمال رحلتها إلى لندن، لكن دعوات الحكومة البريطانية إلى فتح تحقيق تقوده الأمم المتحدة في “مستويات العنف غير المسبوقة” تثير الشكوك حيال ذلك.
كيف بدأت الاحتجاجات؟
حكمت حسينة بنغلاديش من عام 2009 وفازت بانتخاباتها الرابعة على التوالي في يناير/كانون الثاني بعد تصويت دون معارضة حقيقية.
واتهمت جماعات حقوق الإنسان حكومتها بإساءة استخدام مؤسسات الدولة لترسيخ قبضتها على السلطة والقضاء على المعارضة، بطرق تشمل القتل خارج نطاق القانون لنشطاء المعارضة.
وبدأت المظاهرات، الشهر الماضي، بسبب إعادة تطبيق نظام الحصص الذي خصص أكثر من نصف الوظائف الحكومية لمجموعات معينة، وتصاعدت الاحتجاجات رغم أن المحكمة العليا في البلاد خفضت من حجم الخطة.
واندلعت الاحتجاجات، التي استمرت منذ أوائل يوليو/تموز، بمطالبَ سلميةٍ من طلاب الجامعات، بإلغاء الحصص في وظائف الخدمة المدنية، التي يُخصص ثلثها لأقارب المحاربين القدامى في حرب بنغلاديش من أجل الاستقلال عن باكستان عام 1971.
وزعم الناشطون أن النظام تمييزي ويجب إصلاحه، لكن وعلى الرغم من تلبية مطالبهم إلى حد كبير، فقد تحولت الاحتجاجات منذ ذلك الحين إلى حركة مناهضة للحكومة على نطاق أوسع.
وأدت الاحتجاجات إلى مقتل ما لا يقل عن 413، بحسب تعداد أجرته وكالة الأنباء الفرنسية استناداً إلى بيانات صادرة عن الشرطة ومسؤولين حكوميين وأطباء في المستشفيات في بنغلاديش.